همتك نعدل الكفة
932   مشاهدة  

حوش آدم .. رحلة الميزان في موطن الأمراء وملتقى المثقفين في مصر

حارة حوش آدم
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“حوش آدم يا دارنا يا ساكن حضن جارنا، سيدنا الحسين تبارك شهيد الإنسانية، مدد سيدنا وشهيدنا يا قايل ومواعدنا، يكون عيدك وعيدنا يوم طلعة شمس جاية، يا حارة جوا حارة يا مجمع السهارى، من كل حي حارة.. في الحضرة الآدمية، مدد أنس الحبايب مدد حاضر و غايب.. ”  نغمات ترن في أذني و أنا أقف أمام يافطة زرقاء تحمل في ثناياها عبق التاريخ و عراقة الماضي  على أحد الجدران الأثرية في حي الغورية فهي كما قال الشيخ” حارة جوا حارة” .

YouTube player

على رأس الحارة القديمة مسجد الفكهاني

 

حوش آدم أو “خشقدم” كما كان يسميها الأتراك إبان الوجود العثماني في مصر مثل قريناتها من حواري قاهرة المعز تخطفك بجمال فنها المعماري الإسلامي .. تُسلبك بابتسامات صادقة صافية نابعة من روح مصري بسيط،   ولعل أبرز ما جذب انتباهي حينما دخلت إلى الحارة هو مسجد الفكهاني.

مسجد الفكهاني
مسجد الفكهاني

الفكرة في التفاصيل ……..

ولأنني مولعة بالتفاصيل بحثت عن قصة المسجد ـ  أعني مسجد الفكهاني ـ ، والذي أنشأه الظافر بنصر الله عام 543هـ ، وقد عُرف المسجد قديما باسم ” الجامع الأفخر “، ولتحول اسم المسجد قصة عجيبة ، فيقال أن صوفيا ذهب إلى أحد الأشخاص وكان بائعا للفاكهة واشترى منه قنطارًا من الفاكهة و طلب منه أن يوزع منها لكل من يطلب وفاء لنذر نذره،  وراح الرجل يوزع الفاكهة للغادين والرائحين طيلة النهار دون أن ينفذ القنطار وفي آخره جاءه الصوفي يطلب ما تبقي من قنطاره فوزنه الفكهاني فوجده قنطارا لم ينقص منه شيئا فقال الصوفي له و كذلك يكون مالك إن قمت بتعمير هذا المسجد لن ينقص منه درهما ففعل الرجل وقام بتعمير الجامع الذي أصبح معروف فيما بعد بمسجد أو جامع الفكهاني.

 

خطوات قليلة وجدت نفسي بين جدران قديمة كلا منها يحكي قصة..  هنا في هذا المكان خرجت ثورة 1919م وهناك جلس الفاجومي و الشيخ إمام ليكونا ثنائية من الغناء السياسي لرفض كل ما هو ظالم .. هنا حارة خوش قدم أو حوش آدم في اللغة الدارجة المصرية ..

حكاية حارة

يعود تاريخ الحارة إلى ما يقرب من 700 عامـ أنشأها السلطان أبو سعيد سيف خوشقدم الناصري أحد سلاطين دولة المماليك، وكانت مقر حكمه أيضا، ومن اسم بانيها سميت الحارة خوشقدم  أي وش السعد، ولكن تحرف الاسم وأصبحت حوش آدم أو حوش قدم .

حارة حوش قدم
حارة حوش قدم

كما كانت مكانا لسكن التجار و العلماء و لكنها تحولت فيما بعد إلى سكن للحرفيين و أخيرا تحولت إلى قبلة المثقفين، ولا عجب أن أحد  أشهر معالمها هو منزل  الشيخ جمال الدين الذهبي شهبندر التجار.

منزل جمال الدين الذهبي 

وللمنزل وصاحبه حكاية، فالمنزل على الطراز العثماني أنشأه  صاحبه عام 1047 هــ، أما عن صاحب المنزل فهو  الشيخ جمال الدين  يوسف بن محمد الملقب بالذهبي ، لكثرة امتلاكه للنقود الذهبية، كما تقلد “جمال الدين” منصب شاهبندر التجار أي كبير التجار لسنوات طويلة و أنشئ المنزل عام ١٠٤٧هـ على الطراز العثماني.

منزل جمال الدن الذهبي
منزل جمال الدين الذهبي

على قهوة الحارة تحلو الحكاية

وهنا على الكراسي الحديدة القديمة جلست، وراحت عيني تجوب المكان .. فأعلى المكان مشربية قديمة تعبر عن قدم المكان تحمل اسم المقهى ” قهوة عاشور” ، وعلى جدران المقهى القديم  صورة الشيخ إمام  وصورة الرئيس عبد الناصر بجوار بعضهم، هنا عقلي ترجم شيء سريالي بحت، كيف للشيخ الرافض لحكم عبد الناصر أن يكونا بجوار بعضهم، ألم يسجن الشيخ بسبب رفض ناصر وحكمة؟!.

قهوة عاشور
قهوة عاشور

أحلى شاي في مصر ..

الفضول تجكم بي فوجدت صاحب المقهى الحاج “نبيل عاشور” جلست معه وطلب لي الشاي و الماء ، وأصر أنني ضيفته وهذا كرم الضيافة، جلست معه وتحدثنا كثيرا عن المقهى وعن روادها  وسألته بالطبع عن غرابة الصورة من وجهة نظري فأشار بأصبعه وقال لي : “جمال عبدالناصر” هنا، وبجوارهما صورة الشيخ «إمام»، رغم رفضه الشديد لـ”عبدالناصر”، إلا أنه كان يجلس هنا على المقهى و يتحدث ضد “عبدالناصر”.

قهوجي مصر الأول
قهوجي

سجن بالحشيش

إقرأ أيضا
مسلسل بقينا اتنين

وأضاف بابتسامة ” لكنه كان لا يعلم أننا نضع صورته خلفه في المقهى، لكن الشاعر “أحمد فؤاد نجم” كان يعلم فيبتسم و يصمت.. فقد كان دائمًا ينتقد السادات وعبدالناصر من أجل الفقراء لذلك تم سجنه وكانت أول مرة بتهمة تعاطى «الحشيش» و الشيخ إمام كان لا يدخن من الأصل، وكنا نخاف السؤال عنهما في السجن حتى لا يتم إلقاء القبض علينا وننتظر عودتهما فقط، ونستقبلهما ويعودا لإحياء الجلسات الساهرة في المقهى وعمل بعض البروفات.

نبيل عاشور
صاحب مقهى عاشور

واستكمل أن الحارة  كانت ملتقى للفنانين، كسعيد صالح وعادل إمام،  ومحمد منير وغيرهم، غير أن أشهر سكانها الفنان الفطري ” محمود اللبنان”، تلك هي خوشقدم أو حوش أدم .

أهالي حوش قدم
أهالي حوش قدم

بسطاء الحارة

لا زلت داخل المقهى أستمع لحكايات البسطاء عن الحارة وعن معايشهم وكيف يقضون أوقاتهم في زخم الحياة ، لكن في النهاية توصلت إلى أن تفاصيل الحارة الشعبية تظهر في ملامح الترابط بين سكانها،  وتلاحم البيوت بجوار بعضها البعض ، خرجت من الحارة إلى سوق الغورية وهناك كانت حكاية أخرى.

 

 

الكاتب

  • حوش آدم مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان