حول معنى نْ وَالْقَلَم .. الإسرائليات التي شوهت تفسير سورة القلم
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تكتسب سورة القلم مكانةً في تاريخ نزول سور القرآن، فهي ثاني السور نزولاً بعد العلق، بالإضافة إلى سبب نزول السورة كما قال الفيروز آبادي الذّب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعذابُ ما نعى الزّكاة، وتخويف الكفّار بالقيامة، وتهديد المجرمين بالاستدراج، وأمر الرّسول- صلى الله عليه وسلم- بالصّبر، والإِشارةُ إِلى حال يونس عليه السلام في قلّة الصّبر، وقصد الكفّار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوه بالعين.
أشياء مكذوبة عن سورة القلم
استعرض كتاب الحاوي في تفسير القرآن حديثين عن فضل سورة القلم لكنهما ليسا صحيحين، أولهما “منْ قرأها أعطاه الله ثواب الّذين حسّن الله أخلاقهم”، وثانيهما “يا علي منْ قرأها نوّر الله قلبه، وقبره، وبيّض وجهه، وأعطاهُ كتابه بيمينه، وله بكلِّ آية قرأها ثوابُ من مات مبطونا”.
اقرأ أيضًا
بنص القرآن الكريم .. النبي أب لكل مسلم رغم آية مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ
لكن ليست أحاديث فضل السورة فقط هي التي بها كذب وإنما تفسير أول آية بها فيها كثير من الإسرائيليات، فقد ذكر كثير من المفسرين أن المقصود بجملة “نْ وَالْقَلَم” من أنه الحوت الذي على ظهره الأرض، ويسمى: اليهموت.
قد ذكر ابن جرير والسيوطي روايات عن ابن عباس، منها: أول ما خلق الله القلم، فجرى: بما هو كائن، ثم رفع بخار الماء، وخلقت منه السماوات، ثم خلق النون، فبسطت الأرض عليه، فاضطرب النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال.
وروي عن ابن عباس أيضا: أنه الدواة، ولعل هذا هو الأقرب، والمناسب لذكر القلم، وقد أنكر الزمخشري ورود نون بمعنى: الدواة في اللغة، وروى عنه أيضا: أنه الحرف الذي في آخر كلمة: “الرحمن”، وأن هذا الاسم الجليل فرق في: “الر” و “حم”، و “ن”.
واستعرض الإمام ابن قيم الجوزية نماذج من التأويلات غير الصحيحة فقال في أثناء كلامه على الأحاديث الموضوعة: “ومن هذا: حديث أن قال: جبل من زمردة خضراء، محيط بالدنيا كإحاطة الحائط بالبستان، والسماء واضعة أكنافها عليه”، ومن هذا: حديث: “أن الأرض على صخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرك الثور قرنه، تحركت الصخرة، فهذا من وضع أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء بالرسل”.
الصحيح في تفسير نْ وَالْقَلَم
قال الإمام أبو حيان في تفسيره: لا يصح من ذلك شيء ما عدا كونه اسما من أسماء حروف الهجاء، وهذا الرأي هو الراجح في فواتح السور من أمثال “الم” و “حم” و “ن” فهي أسماء مسمياتها الحروف الهجائية، لتكون بمثابة الدليل على إعجاز القرآن، كأن الله قال: إن القرآن مؤلَّف من جنس هذه الحروف، ومن كلمات من هذه الحروف وقد تحدى به النبي صلى الله عليه وسلم الإنس والجن فعجزوا؛ وما ذلك إلا لأنه ليس من كلام بشر، وإنما هو من عند خالق القوى والقدر.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال