همتك نعدل الكفة
163   مشاهدة  

حياة كريمة ومكافحة الإرهاب .. كيف واجهت المبادرة الرئاسية أوجه العنف بالتنمية ؟

حياة كريمة ومكافحة الإرهاب


جرت ثنائية مؤسسة حياة كريمة ومكافحة الإرهاب من خلال عددٍ من الأطر، فالمداخل المختلفة لمعالجة الظاهرة الإرهابية تتعدد وتتنوع، إذ سعت معظم الدول إلى اتباع سياسات من شأنها تقويض نشاط التنظيمات الإرهابية.

اقرأ أيضًا 
حياة كريمة وتطوير الريف المصري .. كيف يحقق المشروع أهداف التنمية المستدامة ؟

خصص المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسةً حول خصوصية السياسة المصرية لمكافحة الظاهرة الإرهابية، حيث انطلقت من مقاربة شاملة متعددة المحاور تشمل الجوانب الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، والتعليمية، والتنموية.

حياة كريمة ومكافحة الإرهاب .. كيف حدث هذا ؟

وعلى الرغم من تنوع إطار المقاربة المصرية لمكافحة الإرهاب، إلا أنها أولت اهتمامًا كبيرًا للقضاء على مسببات الإرهاب عبر تدشين نسق للتنمية الشاملة. إذ تنوعت المشاريع القومية التي اطلاقتها الدولة المصرية مستهدفة تطوير قطاعات متعددة.

وفي ضوء تلك المشروعات تبرز أهمية مشروع “حياة كريمة” الذي وافقت منظمة الأمم المتحدة على إدراجه ضمن سجل منصة “الشراكات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة” التابع لها. وبالتالي يمكن القول إنه مشروع قومي تنموي غير مسبوق لا يهدف إلى تحسين حياة المواطنين فقط، بل تنصرف نتائجه إلى اتخاذ خطوات استباقية لمكافحة الظاهرة الإرهابية.

مشروع “حياة كريمة”

حياة كريمة
حياة كريمة

مع بداية عام ٢٠١٩ أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة حياة كريمة، والتي تحولت إلى مشروع قومي عملاق لتنمية الريف المصري في يناير ٢٠٢١. ويهدف المشروع الي التدخل العاجل لتوفير “حياة كريمة” للفئات الأكثر احتياجًا على مستوى الجمهورية، عبر تقديم حزمة متكاملة من الأنشطة الخدمية والتنموية والتي تشمل جوانب مختلفة اجتماعية، واقتصادية، وتعليمية، وصحية.

وجاء هذا المشروع القومي لتوحيد جهود مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، من أجل تحقيق تنمية شاملة مكتملة الاركان والملامح عبر تركيزه على تحسين مستوى خدمات البنية الأساسية، والعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل، وتقديم الرعاية الصحية، وإطلاق حملات توعية ثقافية ورياضية، بجانب برامج للتأهيل النفسي والاجتماعي. ومن ثم يتحقق الهدف الرئيس للمشروع وهو الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للأسر في القرى الفقيرة.

انقسم المشروع إلى ثلاث مراحل؛ الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%. وبدأت المرحلة الأولى في يوليو 2019، بهدف تحقيق حياة كريمة في (375) تجمعًا ريفيًا على مستوي (14) محافظة، وتقرر تقسيمها إلى جزأين: تم الانتهاء من (143) تجمعًا ريفيًا بتكلفة (4) مليارات جنية في نهاية 2020، وجارٍ استكمال (232) تجمعًا ريفيًا من المقرر الانتهاء منها نهاية العام الجاري 2021، وذلك بإجمالي مستفيدين (4.5) مليون مواطن.  وتم إطلاق المرحلة الثانية في ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٠ لتضم (١٣٧٦) قرية في (51) مركزًا في (20) محافظة بإجمالي مستفيدين (18) مليون مواطن.

وعليه، قامت فلسفة المشروع على شمولية التدخل متعدد الأبعاد متكامل الملامح بهدف الاستثمار في الإنسان المصري، فهو المستفيد من التنمية، وهو المحرك لها في آن واحد. وبالتالي تنعكس مخرجات هذا المشروع على مكافحة الظاهرة الإرهابية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

حياة كريمة ومكافحة الإرهاب .. آليات المواجهة

إحدى المستفيدات من مبادرة حياة كريمة
إحدى المستفيدات من مبادرة حياة كريمة

في ضوء ما تقدم من معطيات، يمكن القول إن مشروع “حياة كريمة” يقدم نموذجًا لمكافحة الإرهاب عبر الأطر التالية:

تجفيف منابع التجنيد:  يساهم المشروع في تجفيف منابع التجنيد على خلفية التهميش الاقتصادي، إذ أن العوامل الاقتصادية تلعب دورًا مباشرًا في انخراط الأفراد في التنظيمات الإرهابية، حيث تستغل الأخيرة الاحتياجات المادية والمالية للأفراد. ومن ثم يكمن الهدف الرئيس للمشروع في تحقيق التنمية الاقتصادية للمجتمعات المستهدفة لتوفير فرص عمل للمواطنين، وبالتالي الحيلولة دون تجنيدهم.

إقرأ أيضا
البنك الدولي

حلقات اتصال استباقية: يعد المشروع حلقة اتصال استباقية فعالة بين الدولة والمجتمعات المحلية، إذ يهدف إلى القضاء على أي ثغرات تستطيع أن تنفذ منها التنظيمات الإرهابية إلى المجتمع المصري، وذلك في ضوء احتمالية استغلال الأخيرة تراجع الخدمات المقدمة في بعض المناطق، عبر نشر خطاب احتقاني من ناحية، أو عبر تقديم نفسها كبديل للدولة بتوفيرها تلك الخدمات من ناحية أخرى. ومن ثَمَّ، أدركت الدولة المصرية استراتيجية التنظيمات الإرهابية القائمة على فقه “استغلال الأزمات” واتخذت الأولى خطوات استباقية ليس فقط من شأنها علاج نتائج الأزمات بل امتدت إلى علاج أسبابها.

الوقاية والتحصين: يمكن القول إن الارهاب هو محصلة للتطرف الفكري، وبناء على ذلك يعمل المشروع يعمل على وقاية وتحصين الفئات المستهدفة من الأفكار المتطرفة عبر مسارين؛ الأول، الاهتمام بالتعليم عبر بناء ورفع كفاءة المدارس وتجهيزها وتوفير الكوادر التعليمية ومحو الأمية. والثاني، إطلاق حملات توعية ثقافية ورياضية، بجانب برامج لتأهيل نفسي واجتماعي. وبالتالي تساهم تلك الخطوات في رفع مستوى الوعي والإدراك لدى الأفراد وتحول دون تطرفهم الفكري.

تعزيز الانتماء: يتميز المشروع بكونه بوتقة تجمع وتوحد جميع الجهود بالاشتراك مع العديد من الوزارات والهيئات المعنية بالتنفيذ في المراكز والقرى بجانب عدد من الجمعيات الأهلية وشباب البرنامج الرئاسي ومئات الشباب المتطوعين؛ وذلك بهدف إحداث التحسن النوعي في معيشة المواطنين المستهدفين ومجتمعاتهم على حد سواء. ومن ثم ينعكس ذلك الطرح على تعزيز وتوسيع مفهوم المشاركة الشاملة بين مكونات المجتمع ككل، وبالتالي توفير إحساس قوى بالانتماء والولاء للوطن. الأمر الذي من شانه دحض الأطروحات الفكرية للتنظيمات الإرهابية التي تستهدف خلق حالة من الانفصال الشعوري عن المجتمع في ضوء مفهوم “العزلة الشعورية” المؤسس للفكر الإرهابي المتطرف، والذي يقسم المجتمع إلى ثنائية “نحن” (وتشير إلى اعضاء التنظيمات الإرهابية) و “هم” (وتشير إلى باقي أفراد المجتمع).

أثبتت المقاربة المصرية لمكافحة الإرهاب أن الرؤية الأكثر موضوعية للظاهرة تأتي من تعدد أطر ومحاور المعالجة عبر تحقيق تنمية شاملة، إذ إن التنمية هي حائط الصد الأول لدحض تحركات التنظيمات الإرهابية سواء التي تهدف إلى التجنيد أو التخريب. وبعبارة أخرى، يمكن القول إن التنمية هي السلاح الأمثل لمكافحة الإرهاب.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان