همتك نعدل الكفة
255   مشاهدة  

حياة ماعز .. ميلودراما هندية من العصر السحيق

حياة ماعز


 

 تصدر الفيلم الهندي حياة ماعز “تريند” السوشيال ميديا عقب عرضه على منصة نتفليكس، ليثير الجدل بين معترض على الصورة التي ظهرت بها بعض الشخصيات السعودية، وبين من يتعامل أنه ينتقد نظام الكفيل في السعودية والذي كام معمولًا به لعقود طويلة، وبين مدافعًا عن الفيلم، وبين كل هذا الجدل تناسي الغالبية أمر شديد الأهمية أنه فيلم في الأساس.

المط ثم المزيد من المط

حياة الماعز هو فيلم ينتهي بكل بقوة إلى السينما الهندية، بكل عيوبها القاتلة، وعلى الرغم من ميلودرامية القصة ومأساويتها، ومشاعرها الإنسانية، إلا أنها بها العديد من العيوب الدرامية القاتلة أهمها على الإطلاق الرتابة، وهو امر شديد الغرابة على فيلم هندي يدور حول تيمة النجاة، تلك التيمة التي تمتلك وحدها من التشويق ما يكفي.

حياة ماعز
حياة ماعز

لم يستطيع صناع حياة ماعز أن يستغلوا هذا في صناعة إيقاع سريع أو حتى متناسب مع الفيلم وأحداثه، بل أسهبوا في المط والتطويل، ثلث الفيلم الأول بالكامل كان من الممكن جدًا اختصاره في 10 دقائق، ما يقرب من الساعة ليس بها أكثر من 10 دقائق، ليبدأ الفيلم بالفعل مع رحلة الهروب، أو حتى مع محاولات الهروب الأولى وبداية المأساة.

ولكن أغرق صناع الفيلم في محاولة إظهار التناقض بين بيئة “نجيب” التي جاء منها وأحلامه التي حملها معه، حينما جاء إلى الشرق الأوسط، ليحمله معه في رحلة لطيفة وجيدة بصريًا ولكنه غير مفيدة دراميًا رحلة في حياة نجيب السابقة، وقصة حبه لزوجته، والكثير من العودة إلى الماضي بلا طائل.

البطل المفعول به

المط والتطويل والعودة إلى الماضي ربما أنسوا صناع الفيلم صياغة شخصية درامية حقيقية، شخص يكتسب خبرات ويطورها وينميها من أجل إيجاد حل لمأساته الهرب منها، ولكن نجيب الذي لم يفهم أحد ولم يفهمه أحد لم يكتسب أي شيء لينجو، فمثلما كان بطلًا مفعولًا به في بداية الأحداث، ظل مفعولًا به لنهاية الفيلم، الأبطال في الدراما إما فاعلين أو ردود أفعال ولكن أبطال دراما مفعول به طوال الفيلم، أمر من الصعب التغاضي عنه.

حياة ماعز

على الرغم أن بناء الشخصية في البداية كان يبشر ببناء جيد، في اللقطة الأولى للفيلم نعرف أن نجيب قادم من مجاهل العالم، فحتى أبناء وطنه لا يتحدث لغتهم ولا يتحدثون لغته، والحقيقة أن مأساة نجيب كانت ستقع له لو غيرنا مكان الحدث وهو السعودية، فلو ارتحل نجيب إلى أي بلد في العالم لكان من الممكن تكرار المأساة بشكل مختلف، بل في الحقيقة لو ارتحل من إقليمه الجنوبي في الهند إلى إقليم شمالي يتحدث لغة مختلفة عنه، لتكررت المأساة.

ولكن اختيار السعودية لم يكن اعتباطًا، بل إن الخليج ودول الشرق الأوسط هي طوق نجاة من الفقر والعوز والحاجة لأبناء شبه الجزيرة الهندية وما حولها من بلدان، لذلك كان مبررًا أن يرحل نجيب إليها، وكذلك ليواجه أحد أخطر ما خلق الله على الأرض، الصحراء بقسوتها الشديدة.

مأساة بلا مبرر

الغريب أيضًا أن المأساة بالكامل قامت بلا مبرر، طويلًا ظللت أبحث عن أي سبب لاختطاف نجيب، فقط توقعت أو تخيلت أن السبب أنه بحاجة إلى عامل في المزرعة في الصحراء، بعدما هرم العامل السابق وشاخ، والذي يبدو أن حكايته مثلها مثل حكاية نجيب، فلو كان هذا ما أراده صناع الفيلم لكانت لفتة ذكية لو فقط أشرنا إليها ولو بجملة حوارية، بدلا من نحيب نجيب المستمر.

حياة ماعز

إقرأ أيضا
لحم

توافرت في نجيب العديد من مقومات البطل الدرامي، بل البطل الملحمي ولكن كلها أهدرها صناع الفيلم وبالأخص كاتبه بسذاجة منقطعة النظير، صراع من أجل البقاء والتعرض للظلم ومحاولة النجاة والبقاء على قيد الحياة في ظروف قهرية صعبة وبيئة ومناخ أصعب، فقد لو فعل نجيب أي شيء، لو اكتسب أي مهارة سوى رعشة جسده، لتحول حياة ماعز إلى فيلم أفضل بكثير.

حياة ماعز لم يكن لينال كل هذا الاهتمام أو يثير كل هذا الجدل لو تغير مكان الحدث وكان أي دولة أخرى خارج الشرق الأوسط أو الخليج على وجه التحديد، كان ليمر مرور الكرام ولن يلتفت له أحد، فقط المكان هو ما أعطى للفيلم أهمية، أما ما عدا ذلك فكان الفيلم مجرد محاولة هندية للعودة إلى الميلودراما القديمة تلك التي عفا عليها الزمن من قبل تحول السينما للألوان.

 

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان