كيف غسل عبد الحليم حافظ خسائر حرب اليمن بأغنية؟
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
غنى الفنان عبد الحليم أغنيات بأوامر سياسية تروج لأفكار السلطة في أوقات ومواقف معينة وفي مراحل مختلفة، في العهد الناصري والساداتي، فغنى لنصر أكتوبر، إلا أنه غنى للتدخل العكسري المصري في اليمن، رغم الخسائر التي تكبدتها الدولة المصرية جراء تدخلها في اليمن، وبهذا تكون الأغنية قد غسلت هذه الخسائر وروجت للشعب المصري أفكارًا واهية، مخالفة تمامًا للحدث.
التقى عبد الحليم حافظ بالرئيس جمال عبد الناصر في نوفمبر 1953 بمقر مجلس قيادة الثورة بالجزيرة، وطال اللقاء لمدة نصف ساعة، وانبهر بـشخصية “عبد الناصر” الجذابة، وخرج رابحًا، فقد لقبه “عبد الناصر” بـ”ابن الثورة”.
وغنى الفنان عبد الحليم حافظ للرئيس جمال عبد الناصر أغنية “يا جمال يا حبيب الملايين”، وغنى أيضًا للـ”السادات” أغنية “عاش اللي قال”بعد حرب أكتوبر 1973.
فقد كتب الشاعر محمد حمزة كلمات أغنية “عاش اللي قال”، واختار الملحن بليغ حمدي كوال يؤدي الأغنية خلف “حليم” ليردد “عاش السادات” وتمت بروفات الأغنية في منزل “حليم” بالزمالك، لكن الرئيس محمد أنور السادات اشترط ذكر كل رؤساء العرب الذين شاركوا في الحرب أو حذف اسمه، فاضطر عبد الحليم حافظ لإعادة تسجيل الأغنية من جديد لتظهر بالشكل السائد، لذا هناك تسجيلين مختلفين للأغنية.
أغنية لحرب اليمن
هللت الصحف المصرية لقرار الحرب في اليمن، وباركته، حتى الصحفيين المعارضين للقرار أيدوه على صفحات جرائدهم، وهاجموه بعد انتهاء الحرب، ودفن الجنود الشهداء، وموت أصحاب القرار.
يروي الصحفي محمد رجب في كتابه “أخبار ممنوعة”، لم يكن الجنود وحدهم هم المتسائلين عن تنفيذ أوامر الحرب، كان الشعب بأكمله يتساءل خفية، لكن الصحافة بررت لهم أمر الحرب.
التبريرات جاءت بأن القرار العسكري بدخول اليمن، انقاذ لروح الشعب اليمني من الرجعية والتخلف، حتى لو كانت التكلفة أرواح الجنود والطائرات والأسلحة، لكنهم لم يكتبوا للشعب الخسارة التي بلغت مليون جنيه استرليني في اليوم الواحد، طوال خمس سنوات ونصف.
ورأى الكبار أن تأييد الصحافة ومباركتها للحرب في اليمن، لا يكفي لإقناع الرأي العام المصري لمساندة ثورة المشير السلال، فكان لابد من تعبئة الشعب المصري بأكمله، واستقبال الجنود العائدين من الحرب، السليم منهم والمصاب، وتحويل الجنازات إلى مواكب شعبية تهتف للشهداء، وتحويل المآتم لأفراح، كان لابد من إتمام ذلك مهما كانت التكلفة والثمن.
صدرت الأوامر بأن يلحن الموسيقار محمد عبد الوهاب أغنية حماسية، على أن يؤديها الفنان عبد الحليم حافظ بين الناس، ليصفقوا معه، ويتحمسون فيطلبوا الإعادة.
وتعيد الإذاعة المصرية الأغنية في كل برامجها المختلفة، وبرامج ما يطلبه المستمعون، كما يجب عليها أن تروج أن إذاعة الأغنية تتم بناءً على طلب الجمهور، بل تعلق الميكروفونات في الميادين والشوارع لتنتشر الأغنية بين الشعب المصري، ولا تنقطع عن آذانهم حتى يحفظوها عن ظهر قلب.
تم تجهيز الأغنية وغنى عبد الحليم حافظ من ألحان عبد الحليم حافظ
ياحبايب بالسلامة
روحتم ورجعتم بألف سلامة
رحلة نصر جميلة
مشوار كله بطولة
روحتوها وأديكم جيتم
جيتم بالسلامة
صفق الناس للأغنية وحفظوها، ورددوها وراء عبد الحليم حافظ.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال