خلفاء قتلوا بعضهم من أجل السلطة .. الحلقة الأولى
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اكتسبت أي دولة وإمبراطورية في ظل الحكم الإسلامي نظام الخلافة ، ولإتساع الإمبراطورية كان لزاماً على خلفاء أي دولة أن يحافظ على السلطة حتى لو كان الثمن دم أقرب المقربين، قُتِل 3 خلفاء متتابعين في عملية اغتيال سياسي ولم يصل أي قاتلٍ منهم إلى الحكم، وربما لم يكن من أسبابهم الوصول إلى الخلافة أصلاً ، لكن كان قتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، نذيراً لاستحلال الدم والاغتيال من أجل السلطة.
ـ الحسن بن علي .. أول قتيل من أجل السلطة
انتهت حرب علي ومعاوية بصلح عام الجماعة الذي عُقِد بين الأخير والحسن بن علي ، وارتضى الطرفين بـ 5 شروط لعل أهمهم أن لا يقوم معاوية بن أبي سفيان بتوريث الحكم وإنما يترك الأمر شورى بين المسلمين، خالف معاوية هذا البند فتفجرت الخلافات بين المسلمين ووصل إلى حد الدماء واستحلال مكة والمدينة، حيث أوصى بالحكم لولده يزيد بن معاوية، وأخذ البيعة من أهل المدينة بالترغيب والترهيب وكان الثمن هو قتل الحسين وآل البيت في عهد يزيد بن معاوية.
يتغافل كثيرون نهاية الحسن بن علي، فقد مات مسموماً، لكن الخلافات بين معسكر السنة والشيعة تتجدد دوماً في تحديد القاتل، حيث يرى السنة أن لأهل العراق دور في الاغتيال نظراً لكرههم للحسن بن علي لدرجة أن خاطبوه بـ “مذل المؤمنين” بدلاً من “أمير المؤمنين”، فيما يرى الشيعة أن لمعاوية بن أبي سفيان دور في الاغتيال حيث اتفق مع جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن، بدس السم لزوجها مقابل 100 ألف درهم والزواج من يزيد ، فاستجاب، فوفى معاوية لجعدة بالمال، ولكنّه لم يزوجها من ابنه فقال: “من لم تفِ مع الحسن فلا وفاء لها مع يزيد”.
ورغم تشكيك السنة في قيام معاوية بقتل الحسن لضعف السند، لكن تبقى حادثة قتل الحسن بن علي هي الأولى من نوعها بسبب الخلافة، واستفاد منها معاوية بن أبي سفيان سياسيا، وأدت بيزيد إلى قتل باقي أهل البيت علي بن أبي طالب لاحقاً.
ـ الدولة الأموية .. سلسال الدم بين العائلتين
على مدار 92 سنة، قُتِل مالا يقل عن 50 ألف مسلم في الدولة الأموية البالغ عددها 14 خليفة المقسمين على عائلتين هما عائلة آل سفيان ومنها “معاوية ويزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد”، آل مروان “الذي أسسهم مروان بن الحكم وحكموا الدولة حتى نهايتها”، لم يسلم الخلفاء من القتل في تلك الفترة، فتجد أن يزيد بن معاوية قتل الحسين بن علي وآل البيت في كربلاء من أجل السلطة حتى مات سنة 61 هجرية.
من سنة 61 هجرية إلى 65 هجرية، عاشت الدولة الإسلامية في فترة دموية شديدة، فالمختار الثقفي يشن الثورة الدموية من أجل قتل قتلة الحسين، ثم يعلن نفسه حاكماً على الكوفة، ليحاربه عبدالله بن الزبير حتى يضمن ضم الكوفة للحجاز وإعلان نفسه خليفة وينجح في ذلك.
بالتوازي مع الصراع الزبيري الكوفي، كان مروان بن الحكم يصعد شيئاً فشيئاً إلى الحكم حتى يتمكن من إعلان نفسه خليفة ويقضي على البيت السفياني من أجل آل مروان.
نجح مروان بن الحكم في ذلك عن طريق مؤتمر الجابية، الذي نص على أن يكون هو خليفة للمسلمين ومن بعده يكون خالد بن يزيد بن معاوية، وكانت أم خالد هي زوجة مروان بن الحكم بعد موت يزيد.
الطموح السياسي لمروان دفعه إلى تكرار ما فعله معاوية، فقرر أن يكون الأمر لعبدالملك بن مروان وشقيقه عبدالعزيز بن مروان، لم تكن تريد أم خالد أن يتم الأمر هكذا فقتلت زوجها مروان بن الحكم مع صديقات لها دخلن إلى جحرته ووضعن الوسادات عليه حتى مات مخنوقاً.
لم يتم ما حلمت به أم خالد، فقد تولى عبدالملك بن مروان الخلافة وأراد قتلها لولا أن يُعَاب بقتل إمرأة من أجل الثأر والسلطة، لكنه وقع في عيب أكبر وهو أن يتم ضرب الكعبة في عهده من أجل السلطة حيث استعان بالحجاج بن يوسف لقتل عبدالله بن الزبير وإنهاء دولته ونجح في ذلك.
لم يكن مروان بن الحكم هو أول خليفة يتم اغتياله، فقد كان من بعده حفيده عمر بن العزيز الذي قُتِل مسموماً على يد رجال بني أمية نتيجة لسياسته القاسية عليهم، وكان مصير عمر بن عبدالعزيز لا يقل تشابهاً مع مصير ولده عبدالملك والذي قُتِل هو الآخر في ظروف غامضة أوقعت المؤرخين في حيرة حول قاتلهما، جعلت غالبيتهم يقولون أن عبدالملك مات بسبب الطاعون.
نسل القتل في الدولة الأموية استمر لينال الوليد بن يزيد بن عبدالملك، حيث قُتِل في ثورة قادها بن عمه يزيد الثالث، لكن لم يستمر يزيد الثالث في الحكم طويلاً فهو الآخر قد قُتِل على يد آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد مسموماً رغم خلاف المؤرخين حول ذلك وانتهى أمر مروان بن محمد هو الآخر بالقتل على يد العباسيين الذي أعلنوا خلافتهم بعد بني أمية.
ـ الدولة العباسية .. الغدر سيد الموقف
بلغ عمر الدولة العباسية بشقيها العراقي و المصري 767 سنة ، موزعين على 57 خليفة ، حكم منهم 37 فترة الدولة العباسية الأولى في العراق حتى انتهت على يد التتار، والبقية حكموا الدولة العباسية الثانية في مصر .
من الـ 57 قُتِل 12 خليفة من أجل السلطة، كان أشهرهم موسى الهادي الذي قُتِل على يد أمه لما عزم أن يلغي بيعة ولدها هارون الرشيد، ثم قُتِل الأمين في حربٍ مع أخيه المأمون، وبعد قُتِل جعفر المتوكل على الله بيد ولده المنتصر والذي قُتِل هو الآخر مسموماً على يد دواء طبيبه، و لم يكن مصير المستعين بالله مختلفاً فقد قُتل على يد على يد خلفه المعتز بالله والذي مات هو الآخر مقتولاً على يد الأتراك من أجل تعيين الواثق والذي قِتِل هو الآخر على يد من ولوه.
ومضت الدولة العباسية في هدنة مع القتل حتى عادت تلك الخصلة مع المقتدر بالله الذي قُتِل على يد رجاله لأسباب سياسية، أما خلفه القاهر فلم يقتل لكن رجاله فقأوا عينه .
أما المستقفي والمكتفي ماتا في السجن بعد خلعهما لبعضهما، وكان مصير المسترشد العباسي مختلفاً رغم أنه قُتِل من أجل السلطة، حيث قتله جيش السلاجقة وهو نفس مصير الراشد بالله، حتى انتهت الدولة العباسية في العراق على يد التتار وقتل المستعصم.
ومع بداية الدولة العباسية في مصر، لم يهنأ خليفتها الأول حيث قتله التتار، أما المتوكل الثاني العباسي فقد مات مسجوناً بعد خلافه مع سلطان القاهرة المملوكي برقوق، وانتهت الدولة العباسية نهائياً مع العثمانيين الذي أسروا آخر خلفاءها المتوكل ورحلوه إلى اسطنبول.
” يُتْبَع “
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال