1٬012 مشاهدة
خليفة متري ميخائيل .. بطل السبت الحزين
طائرات الفانتوم الإسرائيلية تضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية في صباح ٨ أبريل ١٩٧٠ وتقتل أطفالها ، بعدما ضربت من قبل مصنع أبو زعبل وقتلت عماله في ١٢ فبراير من العام نفسه.
يمر كل هذا في مخيلة كل ضابط وجندي عبر القناة ليل يوم الجمعة الموافق ٢٩ مايو ١٩٧٠، حيث تم تكليف الكتيبة ١٨٥ مشاء والكتيبة ٨٣ صاعقة باعتراض قول – القول هو مجموعة من السيارات أو المدرعات تتحرك خلف بعضها البعض في وحدة واحدة – اسرائيلي يضم ٤ مدرعات وأتوبيسين يحملان الجنود والضباط الأجازات والتعامل معهما عندما يتحركان في الصباح، حيث تتركهما كتيبة الصعقة يمران وتشتبك معهما كتيبة المشاة فيرتدان لتقابلهما كتيبة الصاعقة، هكذا كانت الخطة الموضوعة.
الأجداد وهزيمة الغزاة
قبل مئات السنين حاول الغزاة عبور منطقة في النيل تقع حاليا في محافظة سوهاج، يلتقيهم المصريون بالسيوف في كمين تم وضعه من عناية ليتم تسمية القرية التي تقع على شاطيء النيل باسم “سيف لج”، أي أن السيف غاص في الدماء ، من نسل هؤلاء الأبطال ولد خليفة متري ميخائيل بطل معركة السبت الحزين.
ماذا حدث يوم السبت الحزين؟
لم يصل القول في ميعاده في السابعة صباحا ليصدر أمر قائد الجيش الثاني اللواء أركان حرب عبد المنعم إبراهيم خليل بالانسحاب والعودة إلى غرب القنال بعد اكتشاف أن قوة القول أكبر من القوة المرسلة لتنفيذ الكمين.
يصدر قائد السرية الثالثة من كتيبة ٨٣ صاعقة المكلفة بتنفيذ الكمين أوامره بالانسحاب فيتجراه الجندي خليفة متري ميخائيل ومعه الجندي فاروق هيكل أن يبقوا لتنفيذ المهة، وينجح في الحصول على الموافقة من القيادة بالبقاء في الحفر التي أعدوها مستقبلا لمفاجأة الصهاينة.
وفي تمام السابعة مساء ظهر القول الإسرائيلي قادما من القنطرة شرق ، عند أخر ضوء، فاشتبكت معها سرية الصاعقة بعد تغير الخطة، تحركت فورا قوة اسرائيلية إلى رأس العش لمحاصرة الكمين المصري لتفاجأها كتيبة ١٨٥ مشاة وتشتبك معها ، تعود كتيبة المشاة بأسير بعد ١٠ قتلى بينما تنجح السرية الثالثة من كتيبة الصاعقة في قتل ٣٥ وأسر ٢، بيد خليفة متري ميخائيل.
من هو خليفة متري ميخائيل؟
صعيدي مصري من محافظة سوهاج ولد عام ١٩٤٥، يعمل مزارعا في أرضه وأرض أجداده، تم تجنيده في قوات الصاعقة عام ١٩٦٥ ليسافر إلى اليمن ويعود بعد النكسة مباشرة.
قضى في الجيش ٩ سنوات قبل أن يتم تسريحه عام ١٩٧٤ ليعود إلى أرضه من جديد يزرعها ويحكي لأبناءه وأحفاده بطولاته خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر قبل أن يرحل في يناير ٢٠٢٠ عن عمر يناهز الخامسة والسبعين، كأحد أبطال الأساطير الغابرة الذين هزموا المستحيل.
السبت الحزين مرة أخرى
يحكي خليقة متري ميخائيل أن الثأر من جندي صهيوني كان يشبه لدى المقاتلين الجلوس بجوار العروسة “في الكوشة”، وأنه لم يعش لحظات أكثر سعادة وفخرا من تلك اللحظات.
١٦ طلقة متنوعة ما بين رشاش عوزي وألي مسدس تلقاها جسد خليفة لكن بدون طلقة واحدة في مكان مؤثر، بعد أكثر من ربع ساعة من القتال بين القول الإسرائيلي واثنا عشر مجندا مصريا بصحبة قائدهم.
وعقب توقف اطلاق النار جرى الجنود المصريين ليدفعون بأيديهم الأتوبيسين الصهيونيين ليقلباهما على جانبهما ويشعلون فيهما النار، رغم الاصابات ليقتلوا حسب التقدير الإسرائيلي ٣٥ مجندا وضابطا وحسب التقدير المصري ١٠٠ مجندا وضابطا.
يقفز خليفة داخل الأوتوبيس بحثا عن أي حي، لم يكفه انتصار الـ١٢ جندي على ٤ مدرعات ومايزيد عن ١٠٠ مقاتل اسرائيلي، يطالبه قائده بالانسحاب، سقفز الرقيب الإسرائيلي يائير دورى تسيفى من الأوتوبيس ليلحق به الجندى خليفة متري ويسيطر عليه بعد عراك و قتال فردي بالايدي، وأثناء عودته وحده بصحبة الأسير يلتقط أخر جندي حي يحاول الفرار، ينهي المقاتلون مهتهم ويعودون إلى الحفر انتظارا لقوة الانقاذ الإسرائيلية القادمة، يحاول قائدهم اقناعهم بالانسحاب بعد تنفيذ المهمة يرفضون طالبين المزيد.
وخليفة جاثم فوق أسيريه، يبدأ معهما العودة للشاطيء الغربي دون أن يفلتهما، حتى سلمهما إلى الوحدة الطبية غرب القناة.
أطلق الصهاينة على هذا اليوم “السبت الحزين” وكنا نحن مع قصة بطولة مصرية منسية تستحق الخلود
الكاتب
ما هو انطباعك؟
