473 مشاهدة
دراما على صخب ايقاعات حميد الشاعري
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لا يمكن إغفال دور حميد الشاعري فى الموسيقى الشرقيه فى فتره الثمانينات والتسعينات والأثر الذى تركته موسيقاه المعروفه (بموسيقى الجيل) فى جيل كامل وزع عليهم البهجه مرددين اغنياته التى اتسمت بحضور قوى للموسيقى الايقاعيه الراقصه والجمل اللحنيه القصيره التى تسهل على المستمع ان يحفظها حتى لو لم يتذكر كلماتها وإكتشافه لجيل كامل من المطربين أمثال( على حميده* ايهاب توفيق * حكيم * مصطفى قمر *هشام عباس * علاء سلام * ابراهيم عبد القادر ) كانت بصمه حميد الموسيقيه عاملاً كبيراً فى نجاحهم وأنتشارهم الفنى بالاضافه إلى تعريف المستمع بأهميه الموزع الموسيقى كونه المسئول الأول عن أخراج العمل الموسيقى فى شكله الاخير ونال الموزع نصيبه من الشهره الفنيه على يد حميد الشاعرى بعد ان ظل لفترات طويله لا يتردد اسمه بين السنه الجمهور نظرا لغموض طبيعه عمله للمستمع فى وقتها .
كل موزع موسيقى له رؤيته الخاصه فى بناء الخطوط الموسيقيه الموازيه للحن ووضع الأيقاعات المصاحبه للموسيقى بالأضافه الى تحديد سرعه الأغنيه واختيار الآلآت الموسيقيه المناسبه لتنفيذ اللحن . وتختلف رؤيه كل موزع عن الأخر فى اخراج العمل الموسيقى فمن الممكن ان تجد رؤى مختلفه لأغنيه واحده .وساهمت التكنولوجيا كثيرا فى تسهيل عمل الموزع الموسيقى واختصار وقته فى التأليف الموسيقى وتقليل زمن تسجيل الأغنيه واعتمد الكثيرون على القوالب الموسيقيه الجاهزه دون اللجوء الى استقدام عازفين بل من الممكن ان يقوم بتسجيل وتوزيع الاغنيه باله موسيقيه واحده فقط ( الكى بورد او الاورج ) وقد تخرج رؤيه بعض الموزعين الموسيقين متعارضه مع كلمات الاغنيه فقد تجد توزيعا راقصا مبهجا على كلمات ذات محتوى درامى مأساوى نظرا لتعامل الموزع الموسيقى مع مسار اللحن فقط وقد تفقد الاغنيه جزء مهما من قيمتها الفنيه بأن ينصب اهتمام الموزع الموسيقى على تنفيذ رؤيته ووضع بصمته الفنيه دون مراعاه لجو الاغنيه العام الذى تفرضه الكلمات .
يمكن الزعم بأن حميد الشاعري قاد انقلابا موسيقيا على الأغنيه السائده وظهرت اغنيته السريعه الخفيفه اللطيفه التى كانت بنت اصيله لتلك الحقبه الزمنيه الاستهلاكيه القحه و اكتسحت موسيقاه السوق الغنائى سرعان ماكان حميد هو الماركه المسجله للنجاح واعتمدت عليه شركات انتاج الكاسيت التى تبحث عن مكسب سريع مضمون لا قيمه فنيه وادى هذا الاعتماد شبه الكلى على حميد الى خروج موسيقى بعض الاغنيات وبها سقطات فنيه واضحه جدا و افسدتها رؤيته الموسيقيه وخرجت اما مهلهله جدا لا يوجد بها اى خطوط هارمونيه تتطلبها اللحن او خرجت ايقاعيه راقصه لاتتفق مع الجو العام للاغنيه فى العموم.
(نار .. نار ) حكيم 1994
يعتبر المطرب ( حكيم ) احد اهم اكتشافات حميد الشاعرى الفنيه بعد ان وجد فيه صوت شعبى جديد ومختلف عن الاصوات السائده وقتها يحمل بين طياته طرب الغناء الشعبى الشرقى وأكمل به حميد عقد مجموعه مطربى موسيقى الجيل الذى كان غنائهم عاطفى رومانسى اختلطت موسيقاه بين الشرق والغرب .وكانت البدايه مع حكيم بألبوم (نظره) ثم تبعه بألبوم (نار)
فى اغنيه (نار) والتى وزعها حميد الشاعري بدء حميد الاغنيه بتقسيمه حزينه من اله الساكس فون والتى توحى بأننا بصدد الاستماع الى موال من حكيم وصاحب تلك التقسيمه رتم سنباطى بطئيصاحبه بعض الحليات الايقاعيه سرعان مابدء فى تسريع الرتم حتىوصل الى الذوره الايقاعيه بدخول الكورال مع اهات ولوعه من صوت حكيم ثم بعد ذلك تبدأ وصله من المقسوم الايقاعى الراقص الذى لم يتناسب مع اجواء كلمات الاغنيه المأساويه والتى تحكى عن عذابه بعد هجر المحبوب ويغنى حكيم بشكل تعارض مع لحن الاغنيه وجوها الدرامى وظهر كأنه منتشى مبتهج بهجر حبيبه.
https://www.youtube.com/watch?v=Qg22f32u81g
(اجيلك شوق ) ذكرى 1999
المطربه ذكرى تكاد تكون الوحيده التى خلصت على الغناء العربى من مشرقه الى مغربه وغنت كافه الالوان والاشكال الغنائيه عبر البومات كثيره .لم تكن اغنيه ( اجيلك شوق ) هى اللقاء الاول مع حميد فسبقه لقاء اخر فى اغنيه يا هاجرى والذى صدرت فى البوم ( لقاء النجوم ) فى اول ظهور لذكرى داخل مصر .
بدأ حميد الاغنيه بصولو حزين جدا مناله الكوله يعزف التيمه اللحنيه لمذهب الاغنيه لن تسمعه مره اخرى داخل الاغنيه سرعان مايصدمك صوتاله القربهالمعزوف من الكى بورد وخلفه مقسوم سريع تحس خلالها انك خرجت من عزاء ودخلت الىصاله رقص .. وعلى الرغم من الاغنيه لحنها قوى جدا مما قد يحفز الموزع على صنع اغنيه مبهره دسمه فنيا بالاضافه الى انها طويله نسبيا تحتوى على ثلاث كوبليهات الا ان توزيع حميد لم يستطيع مجاراه هذا اللحن وخرجت الاغنيه فارغه موسيقيه تماما خاليه من اى هارمونيات مساعده لهذا اللحن وادت ذكرى اللحن على خلفيه ايقاعيه فقط دون اى خط هارمونى قوى حتى فواصل اللحن استخدم جمله لحنيه من مازورتين فقط لكى تبدأ كوبليهات الاغنيه مع خلفيه ايقاعيه وبعض الوتريات الهلاميه بالكى بورد وصولو قانون طغى عليه الرتم حتى عند نقله اللحن تعامل مع النقله ايقاعيا فقط باستخدام الرق كخلفيه ايضا وممكن ان نقول ان تلك الاغنيه كانت اكبر من امكانيات حميد الفنيه فتعامل معها بشكل سطحى جدا وفقر ابداعى واضح .
https://www.youtube.com/watch?v=nRFZl2NEoCw
(لولا السهر ) محمد منير 2003
حقيقه لا اتهم حميد الشاعري بسوء التنفيذ الموسيقى فى تلك الاغنيه بقدر ما استعجب من اختيار منير لغناء هذا اللحن الذى لم يتلائم مع صوته نهائيا واصرار منير على ( الحزق) طول الاغنيه واحساس المستمع بأن صوته لا يجد الراحه فى اداء هذا اللحن ,الكارثه فى رأيى هى اختيار يحيى الموجى لكتابه خط الوتريات المصاحب لأيقاع وكى بورد حميد الشاعرى على الرغم من انها من الحان والده الملحن محمد الموجى وهو الاقدر والاحق بأعاده توزيعها مره ثانيه الا ان منير ارتكب خطيئتان مره بأختياره اغنيه لا تلائم صوته ومره بأختيار حميد لتوزيعها .
https://www.youtube.com/watch?v=bLXJ4hxqu3M
(مرسال المراسيل ) بحبك يافيروز 1999
بعد النجاح الساحق الذى حققه حميد الشاعري والذى اثار حفيظه بعض من هاجموه وناصبه العداء فنانون من الجيل الذى يدعى انه يريد ان يحافظ على هويه الاغنيه المصريه من موسيقى حميد وقاد الملحن حلمى بكر واخرون حربا شرسه لأيقاف حميد عن العمل بحجه انه لايحمل كارنيه عضويه لنقابه الموسيقين وعلى الرغم من هذا الهجوم الذى ناله حميد وانتهى فى النهايه الى ايقافه عن العمل لفتره قاربت على الثلاث سنوات قام حميد بتوزيع البوم كامل يحوى اغانى للسيده العظيمه (فيروز) من ضمنها اغنيه مرسال المراسيل
عند بدايه الاغنيه تحس انك امام فرقه زفه شعبيه تحاول ان تعزف بأقل امكانيات لديها دون اجتهاد فى العزف او رؤيه فنيه واضحه فالتوزيع خرج عشوائى جدا بالبدايه التى تشعرك كأنك فى فرح شعبى والمشاعل من حولك لا فى حضره اغنيه للعظيمه فيروز . حميد استعان بيحيى الموجى لكتابه خط الوتريات على مقسومه التقليدى المكرر والتى كانت تصرخ بجمل قصيره فى عبث سمعى وعانى حميد من فقر ابداعى واضح نظرا لاعتماده على الرتم المفضل له دون اى لمسه فنيه قد تضيف للأغنيه وساهم اداء الكورال للحن فى خروج الاغنيه فى صوره باهته على اسوء مايكون
فى النهايه قد يتعامل البعض مع الموسيقى بشكل اكاديمى بحت من ناحيه تحليل وتفكيك البنيه الموسيقيه ويرى انه مادام الموزع الموسيقى لم يخل بقواعد وميزان الموسيقى التقليدى اذن له مطلق الحريه فى ان يصيغ الموسيقى بالشكل الذى يراه حتى لو تعارض ذلك مع الاجواء التى فرضتها الكلمات او الجمل اللحنيه المغناه بل يتم التعامل بشكل نظرى جاف دون ابداء الرأى في العمل الفنى المطروح , نفس الحال بالنسبه للنصوص الشعريه فلا يمكن بأى حال من الاحوال تجاهلها وانصراف التركيز على الجانب الموسيقى فقط فطريقه صناعه الاغنيه تبدأ من الشاعر الذى فى غالبيه الاحوال يكتب نصه قبل كتابه الموسيقى مع الأخذ فى الاعتبار حتميه اختيار جمل لحنيه تلائم اجواء الكلمات التى تلحن فمن غير المقبول ان تصنع لحنا راقصا وتغلفه بأيقاعات صاخبه على كلمات تقطر شجنا والعكس كذلك لذا يجب ان يكون هناك عمليه تماهى وتوحد بين الكلمات وبين الموسيقى التى توضع عليها فيما يشبه اعطاء الاغنيه روحها المناسبه دون الاعتماد على القوالب الفنيه الجامده والنظريات التى تحد من ابداع الفنان او قد تبخسه حقه فى التمرد والتجريب بالاضافه الى ان تكوين رؤيه نقديه حقيقيه فعاله عن الفن يساهم بشكل كبير فى تشكيل وعى الجمهور ويتيح له الفرصه للتعاطى مشع الفن بشكل يجعله قادرا على فك شفرات العمل الفنى وتذوقه بشكل اعمق .
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
الوسوم
ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide