همتك نعدل الكفة
162   مشاهدة  

دماء على كاميرا .. قصص شهداء اغتالهم رصاص الاحتلال

الصحافين الفلسطينين الشهداء


لم تكن الحرب في فلسطين حرب قوات مقاومة فقط، أو حرب من يحمل في يده سلاح، بل هي حرب كل مواطن يؤمن بحرية بلاده، فلا فرق بين مُجاهد يندد بالحرية وبين صحفي يحمل قلمه وكاميرته ليوثق الحقيقة وينقل للعالم الخارجي المجازر الوحشية للعدو الغاشم، وفي الحرب الدائرة بين فلسطين بين قوات المقاومة الفلسطينية وبين قوات الاحتلال الإسرئيلي، استهدف الأخير المقرات الصحفية والصحافيين الذي يقفون شوكة في حلقهم من أجل كتم صوت الحقيقة.

محمد الصالحي، هشام النواجحة، سعيد الطويل، ثلاث صحافيين اغتالهم صواريخ الاحتلال الإسرائيلي، بينما كانوا ينقلون الخبر، ليصبحوا في الأخير هم الخبر.

كاميرا شاهدة على الحقيقة

الصحافي محمد الصالحي
الصحافي محمد الصالحي

قبل أكثر من 5 سنوات بدء محمد الصالحي عمله في مجال الصحافة من خلال التصوير، ليصبح مصور صحفي للعديد من المواقع ووكلات الأنباء، وثق خلالها مجازر الاحتلال اتجاه المواطنين، كما تواجد في مسيرات العودة.

لم تقتصر عدسة “الصالحي” على توثيق الأحداث الحزينة فقط بل حرص على توثيق بعض الأحداث السعيدة كالأفراح وحفلات التخرج.

وفي صباح يوم السبت السابع من أكتوبر 2023، توجه الشاب المقبل على الثلاثين من عمره برفقة عدد من الصحفيين إلى شرق مدينة إبريز من أجل تغطية الأحداث تاركًا خلفة زوجة تحمل في بطنها جنين عمره خمسة أشهر، ليتلقى رصاصة في صدره من جانب الاحتلال ليسقط على الأرض شهيدًا غارقًا في دمه ليحصل ابنه الذي لم يقبل على الحياة بعد لقب ابن الشهيد.

ووفقًا لمحمد البابا المصور بوكالة الأنباء الفرنسية، وخال الشهيد “الصالحي” الذي لم يتمكن من حضور جنازة الأخير بسبب طبيعة عمله التي جعلته يستكمل ما كان يقوم به الشهيد من نقل صور المجازر التي يستمر قوات الاحتلال في ارتكابها، فإن المسعفين حاولوا إنقاذ “الصالحي” لكنهم لم يتكمنوا لتخرج روحه إلى بارئها.

قصف مستهدف

الصحافي سعيد الطويل
الصحافي سعيد الطويل

قبل 6 سنوات بدأ سعيد الطويل عمله بمهنة الصحافة، ممسكًا القلم والكاميرا وأقسم على بث الحقيقة، عمل في البداية كصحافي حر لينشر الأخبار على صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم توجه بعد ذلك لنشر أخبار على صفحة تحمل اسم “أخبار عالريق” حيث كانت تنشر الأخبار باللغة العامية ما جعلها تنتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي ويصبح اسمه لامعًا في وسط الصحافيين الفلسطينين.

تزوج “الطويل” قبل عدة سنوات وأنجب 4 أطفال، أكبرهم في الثانية عشر من عمره وآخرهم تبلغ من العمر سبعة أشهر، ورغم صغر سن أطفاله إلا أنه كان يبث بداخلهم أن نقل الحقيقة هو حق على كل صحفي.

عمل “الطويل” الذي حصل على ماجستير في الإعلام الرقمي قبل عام ونص العام، مدير لشبكة مصدر الاخبارية، ثم أسس شبكة الخامسة للانباء ليكون مديرها ورئيس تحريرها.

عرف “الطويل” بتقديم مساعدته للجميع خاصة وقت الحروب والأزمات، فكان أب لأبناء اعتقل الاحتلال الإسرائيلي آباءهم، و ابن لأم تم أسر ابنها في ليلة وضحاها، و أخ لاشقاء حرمهم الاحتلال من أشقائهم، مكانة زرعها “الطويل” في وجدان كل من قابله في حياته.

كان “الطويل” يترك عائلته لأيام متواصلة من أجل رصد الحقيقة عبرة كلمته وكاميرته مرتيدًا سترته وخذوته التي تحمل اسم الصحافة، لم يمنعه تهديد الاحتلال أو صوت بنادقهم التي لازمته دائمًا حتى أصحبت جزء من يومه.

وفي يوم السابع من أكتوبر 2023، ومع بدء غارة المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة بشكل مفاجئ، كان العالم أجمع يُشاهد صورًا وفيديوهات، بينما كان “الطويل” يستعد للخروج مرتدًا سترته وحاملًا كاميرته كان كالمقاتل في الميدان، حيث في تلك الأوقات يكون الصحافي معرضًا للموت مثله مثل من يحارب.

قصف غزة
قصف شمال غزة

وفي يوم الرابع من الحرب، تم تحذير البرج المجاور للمكتب الذي يتواجد فيه “الطويل”، لينزل الأخير مع مجموعة من الصحافيين للأخلاء وأيضًا لتغطية القصف، ولكن ما حدث كان عكس ذلك، ليكونوا هم المستهدفين من القصف، حيث تم قصفهم بشكل مباشر، ليقع على الأرض شهيدًا:”سعيد نزل مع بعض الصحافين لإخلاء المكان بعد ما حذر الاحتلال بقصف البرج المجاور وبعد ما نزله قصفتهم صورايخ الاحتلال ليسقطوا شهداء على الفور وينقلوا إلى مستشفى الشفاء”.. يروي شقيقته محمد لـ “لميزان”

توارث المهنة ليلقى الشهادة

هشام النواجحة
هشام النواجحة من الصحافين الفلسطينين

كان في سن صغير عندما قرر أن يحمل الكاميرا ليوثق مجازر الاحتلال، عشق المهنة من والده الذي يعمل صحافي، ليقرر أن يكون مثله عندما يكبر، ابتدء في سن صغير حتى أصبح له خبرة كبيرة، درس الإعلام وتخصص في قسم الصحافة، حلم بالشهداء حتى نالها، ليصبح لقبله الصحفي الشهيد هشام النواحجة.

إقرأ أيضا
ربة منزل

تصاوب “هشام” في مسيرات العودة في قدمه اليمين بقنبلة غاز، و تعرض لاعتداء وهو يرتدي سترة الصحافة من قبل الاحتلال، ورغم ذلك لم يفرق معه، كان هدفه هو نشر الحقيقة:”هشام كان دائمًا نشط ويبحث عن الحقيقة ينشر الأخبار وقصص عن الناس لا يفرق معه بناديق الاحتلال أو صوت الرصاص”.. يحكي والده لـ “لميزانلميزان

لم يكن يقتصر عمل “هشام” على رصد الحقيقة فقط، بل كان دائمًا يعمل على مساعدة الناس من نشر القصص عنهم وتوصيل صوت للجهات والعمل على حل مشاكلهم.

“هشام هو الفارس الذي حمل على عاتقه العديد من المهام الوطنية”.. كان هشام يترك بيته وأطفاله خلفه من أجل أن يخرج لتحقيق هدفه وهو رصد الحقيقة، وفي يوم الرابع من حرب “طوفان الأقصى” خرج “هشام” من أجل التغطية المدانية مودعًا أهله الوداع الأخير كانوا يشعرون بأنها المرة الأخيرة التي يرونه فيها:”هشام وقت التغطية وداعنا شعرنا أنها المرة الأخيرة”

كان “هشام” يتمنى الشهادة دومًا في كل مرة يخرج فيها لرصد مجازر الاحتلال، حتى تحققت أمنيته وفي اليوم الرابع من الحرب، وأثناء وجوده داخل مبنى المؤسسة التي يعمل بها، وصلته أنباء عن قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتحذير مبنى حجي، لينزل على الفور مع بعض الصحافيين الذين من بينهم الصحافي محمد الطويل، ليتقصفهم صورايخ الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ليرتقى شهيدًا على الفور.

الصحافين الفلسطينين
سترة وخوذة الصحافة

“منذ الإعلان عن إصابة هشام سجدت لله شكرًا واحتسبته لله، وحين الإعلان عن خبر استشهاده حمدنا لله على عطائه لهشام ولنا، كان دومًا طلب الشهادة والحمد لله أنه من عليه بهذا الكرم العظيم”.. يقول والده.

الصحافين الفلسطينين الشهداء
الصحافين الفلسطين الشهداء

محمد وهشام وسعيد صحافين ضمن العديد من الصحافين الأخرين التي اغتالتهم صواريخ ورصاصات الاحتلال الغاشم من أجل كتم صوتهم ليتوقفوا عن نقل مجازرهم، ولكن مع كل رصاصة تخترق صدر صحفي تتولد معه مئات الأصوات لنقل الحقيقة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان