دونت ميكس 04 (هو إحنا أمتى لحقنا إيه؟)
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
“خير البر عاجله”.. “كل تأخيرة وفيها خيرة”
“الغايب مالوش نايب”.. “الغايب حِجِتُه معاه”
“قوام قوام زي الشطار”.. “العجلة من الشيطان”
“الرزق يحب الخفية”.. “اجري جري الوحوش.. غير رزق لن تحوش”
ثنائية جهنمية من أكتر الثنائيات المتضادة اللي شايلة على عاتقها البرهنة العملية على إننا مجتمع دونت ميكس، حالة إذا تابعها علماء الأنثروبلوجية الأمريكان في زمن الحرب لفكروا في تهريب التين البرشومي للمستعمرات البرتغالية في الكاريبي أبرك، نموذج بشكل نموذجي مبالغ فيه.
إحنا ماعندناش أي احترام لفكرة مرور الزمن ومافيش فينا حد يعرف 2 بيحترموا مواعيدهم، تقريبا كل شلة فيها واحد بيحكي عن صاحب قريب أبوه اللي بيحترم مواعيده، علاقة ضبابية شبه أسطورية..حاجة كده زي الفيلم السكس بتاع وردة، كلنا بنتكلم عنها.. لكن ماحدش شافها.
بس وفي نفس ذات الوقت.. كلنا مستعجلين فشخ.
شعب “ دونت ميكس ” بطبعه
ماحدش مستني أخوه يعدي قبل منه كله حاطط وشه واَزِح، الناس في كل حتة بيخبطوا في بعض بسبب أن كل واحد عايز يعدي الأول، في صراع مين يعدي قبل مين المواطن منينا مش هيتردد يدهس ضناه، يبقى الشخص مننا واقف في الطابور قدام شباك تذاكر ولا تقديم أوراق ولا أي حاجة، ولما ييجي عليه الدور وفي نفس لحظة ما بيمد إيده بالفلوس هوب يلاقي دراع تاني يزقه أيده بمنتهى الثقة كإنه مش موجود.. ثقة تشكك الإنسان لوهلة إنه شفاف.
الإنسان اللي بيكسر الإشارة أو ينط بالعربية عشان يعدي بسرعة قبل القطر ما يعدي، فممكن يدفع حياته ويضيع حياة ناس تانية معاه تمن استعجاله ده، هو نفس الإنسان اللي بيتفق على مواعيد شغل “الجمعة بعد الصلاة” أو بعد بكرة “أخر النهار” أو “الحَد بعد الماتش”.. ده غير الجملة الأشهر “بعد العيد على طول”.
الشخص اللي وارد جدًا يهبدك كتف يطوحك تحت عجلات أي حاجة معدية عشان نص خطوة على رصيف زحمة، أو اللي بيتحدى الفيزياء شخصيًا في محاولة بائسة لركوب المترو قبل اللي جواه ما ينزلوا، هو ذات الشخص اللي لو راح في ميعاده مظبوط الطرف التاني هيشك في قواه العقلية.
بل مبالغة إحنا بنسمع يوميًا كم كلاكسات لو تحول لمادة سايلة هنغرق كلنا، مين فينا ماسمعش كلاكس في إشارة مقفولة؟ أنا عن نفسي كنت راكب ميكروباص نواحي المرج ووقفنا عند مزلقان والقطر فايت قدام عينينا وبيقول تووووت.. وهوب سواق الميكروباص قرر يضرب كلاكس.
إحنا بنعاني وبضراوة من أزمات مرورية كارثية وحوادث قاتلة نسبة مش بطالة منها بسبب الاستعجال والتسابق على أولوية المرور، لدرجة خلتني أبقى نفسي أقفش كل مستعجل أسأله سؤال واحد: أنت أمتى لحقت إيه؟
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال