رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
260   مشاهدة  

ذاكرة التخلي

يا جيجي


يا جيجي… ليس البكاء دومًا راحة، ولا النسيان نعمة، إننا بحاجة لنتذكر الانكسار، لنرى جروحنا من وقت لآخر، وهذا ليس من قبيل الدراما أو إمعانًا في النكد.

عندما نُحب ننزوي في مشاعرنا نرى عبر عدسات الحب، تلك التي تُعظم وتكبر كل ما يفعله من نحب، وتُصغر وتقلل من كل شيء يمكن أن يقلل من اوجاعنا فيما بعد.

في الحب ننحاز، ولما لا والانحياز هو بهار أي علاقة، يخفت الحياد، وتتراجع الموضوعية، ذلك أننا حين نقترب ونحب في أي علاقة لا نرى من الآخر إلا ما يدعم أفكارنا وأحلامنا.

نحن مريدي العشم والمخلصين له، نصنع الأحلام، وتطول توقعاتنا عنان السماء، تلك التوقعات التي تخفي عنا أن من حولنا ليسوا ملائكة، وليسوا منحازين دومًا نحونا.

المشكلة الأكبر يا جيجي أننا حين نقترب من شخص في علاقة عمل أو صداقة أو حب لا نضع احتمالية البعد، ونرى أن العمر سيكتمل برفقة الآخر، الذي قد تتغير أولوياته لأي سبب فلا نكون نحن فيها، ولا تضمنا معه مساحة حب صغيرة تصنع الدفء المتوقع.

إننا بحاجة دومًا لدفء متخيل، مشاعر نعيشها مع أنفسنا، سند نتوهمه، إننا نُلبس الآخر ما نحتاجه حتى لو كانت الملابس لا تناسبه، لكننا بحاجة إلى تشخيص احتياجاتنا وحلول ولو مؤقتة لأزماتنا مع الحياة.

شباب البرنامج الرئاسي .. كيف كانوا دينامو مبادرة حياة كريمة ؟

هل تعرفين البكاء حد الانتفاض، ذلك الذي يكشف خيباتنا وغباءنا، إننا نبكي العمى الذي عشناه، فهل نبكي التخلي أم نبكي الجهل والغباء.

هل تعرفين يا جيجي أهمية أن نتذكر التخلي؟

إنه بمثابة المضاد الحيوي الذي يحمينا من الإصابة مرة أخرى، نحتاج أن نتذكر الألم، أن نعرف سمات البعد، ونفهم أن الأولويات تتغير، والقلوب تتقلب، وحبيب الأمس ليس بالضرورة حبيب اليوم، أو حتى موجود في دوائرنا.

يا جيجي تخلى أبانا آدم عن الخلود، وهبط من الجنة، فلماذا نحن دومًا معلقين بأمنيات الخلود، مهتمين أن تبقى علاقاتنا حتى الموت، وتستمر المحبة بنفس الشكل حتى آخر العمر؟

من زرع تلك الأفكار برؤوسنا؟

نتذكر الانكسار لنحمي أنفسنا، ونعيد تقييم العلاقات، من قال أن محبتنا لشخص تستدعي أن يبادلنا الحب؟

ومن وصف الصديق المقرب بأنه باق في مكانه دوما؟

كانت صديقتي تتواصل معي باستمرار راغبة في الخروج والتنزه، وأنا دومًا أعتذر، لابد ان رأتني اتهرب من لقائها، وربما أقسمت ألا تتصل مرة أخرى، وربما احتمالات كثيرة ليست تُنجيني من السوء الظن، في لحظة وضعت نفسي مكانها، ووجدت أنها ستجدني تخليت وبعدت، لا أعرف من أين امتلكت الشجاعة لأعترف لها بأنني أمر بظروف بالغة السوء وأنني لا أخرج حتى أوفر البنزين وأقلل النفقات، رغم احساسي بالحرج من هذه الاعترافات، لكنها كانت ضرورية لتفهم أنني لا أتهرب ولا أتخلى، ولا تلك المسميات الكبرى حين نشعر بالخذلان من صديق.

كيفية حل مشكلة توقف جوجل بلاي ستور من خلال حذف ملفاته المؤقتة

إقرأ أيضا
تلامذة في الثمانينيات

لكن يا جيجي كم منا يمكنه أن يقف ويفكر ويوضح؟

كان لي صديق كلما أضاع موعد بيننا اختفى لفترة طويلة، حتى اتصل به وأقول له ما يصحش، اعتذر والأمر انتهى، لكنه أبدًا لم يفعل، وأنا تسربت طاقتي، ولم أعد أتصل به، وتبددت الصداقة الرائعة.

نتذكر الأذى والوجع لنؤكد لأنفسنا أنه لا توقعات في السماء، ولا شيء باق.

نتذكر خذلان الطيبين، وتخلي الأحبة، نتعرف إلى أنفسنا، ونسعى لصناعة مسكنات الروح، نتدرب على القسوة، فلا نبكي ولا نتمادى في التصديق.

لا شيء مطلق يا جيجي، ولا شيء دائم كما هو، فقط الندوب في القلب تصنع حوائط نستند عليها فلا نسقط مجددًا، فلا تنسي الألم والخسارة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان