رجال حول الكبير (1) .. “هدرس” الطامح للهروب خارج القرية

بخفة حركته التي تشبه الريشة، وضآلة حجمه التي تعبر عن لص أتوبيسات سريع الحركة، ونظره عينيه التي يمكنه أن يجعلها جاحظة حتى تلمع في لحظات الاندهاش حتى تشعر كمشاهد أنه بلا حواجب تقريبًا بسبب استحواذ نظراته على الكادركله، وتركيبته الكوميدية التي تتمتع بنُدرة حتى أنه الوحيد الذي يعبر عن هذا الشاب القروي الساذج الطامح لأن يطل برأسه خارج قريته، ودائم الاستماع لما هو يتردد بخارجها، وينتظر بين اللحظة والأخرى فرصة حقيقية للخروج منها بلا عودة مطلقًا، حتى إنه تمنى لو حَشره أحدهم في حقيبة توضع في شنطة سيارة خارجة من القرية . لكنه وبشكل ما يسترزق من كونه أحد أكبر مثقفي القرية لأنه الوحيد الذي يعرف ما يدور في مكان آخر غيرها .

يلعب الفنان محمد سلّام شخصية “هجرس” في مسلسل الكبير أوي من بطولة أحمد مكي– المسلسل الذي هو قارب نجاة الكوميديا الأخير بالدراما المصرية- وشخصية هجرس الذي ينطق “الجيم” “ديم” فعلًا دون أن (تألش) واحدة منه، حتى إن اسمه أصبح “هدرس” على لسان الجمهور، هكذا “هدرس” بدون تردد ولا مواربة ولا حتى مغالطة .. وظهرت هذه الشخصية أول ما ظهرت في فيلم “طير انت”، وفي هذا الفيلم كانت هناك فصل تظهر فيه شخصية “الكبير” لأول مرة، وكان “هدرس” باسم “وهدان” وأحد مساعدي الكبير، الذي ترك إيفية سيعيش طويلًا ويعتبر أحد أكثر التيمبات والاستيكيرز والكوميكس المستخدمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو “قتلتني؟ .. طب على فكرة بقى مرة الكبير … ” ، وفيه كان يريد القتيل أن يكشف السر الذي قُتل بسببه، وفي النهاية انتهت مسيرته بطلقة أخرى بالصدر .

يعتبر “هدرس” أحد الركائز الرئيسية بمسلسل الكبير أوي، فهو المعبر الرئيسي عن سرعة الانفلات والانسلاخ من نظام الكبير، حتى انه انضم لشخصية “جوني” وهو شقيق الكبير الذي يتببع الموضة والحديث بالإفرنجية وعمل استايل الشَعر الجديد واستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة منذ أن تقابل “جوني” مع الكبير في الدوّار ..  وانجذب “هدرس” إلى اسلوب حياة المدينة حتى إنه لا ينتمي بشكل أو بآخر إلى الكبير الذي يدين الجميع له بالولاء والطاعة .. فهو يريد الذهاب إلى ساقية الصاوي وحضور حفل أمير عيد وفرقته، ويعدّل من شخصيته تباعًا للتخلص من هذا القروي الذي بداخله، وظهر هذا في مشهد بالجزء السادس، حين اختارت “مربوحة” زوجة الكبير وولديه “جوني والعترة”، مدرب آخر غير الكبير ليكون قائدًا لفرقتهم في “لعبة السبيط”، وسرعان ما وافق “هدرس” دون احترام ولا ولاء لشخصية الكبير، وفي قرارِة نفسه هو يكره كل ما يتعلق بالمزاريطة، ويعشق كل ما يأتي من خارجها.

ويعتبر محمد سلّام أحد أخف الكوميديانات الجدد دمًا، وأكثرهم روقانًا بالمرور على الشاشة، بلا تُقل دم، ولا أفورة، ولا معاناة في خروج الإيفية ولا الفَرش له، كما أن لديه قدرة على أن (يتسرسب) إلى القلب دون (حشر) مفتعل، منذ أن حجز لنفسه مكانًا أساسيًا بعد عرض “قهوة سادة” بعام 2009، والذي كان قد شارك قبله بثلاثة سنوات بدور صغير بفيلم الرهينة، لكنه استطاع حجز مكانًا لا بأس به على الساحة الكوميدية، دون ركوب موجة السخفاء الجدد التي واكبت ظهوره .. ودون (التماحيك) في كوميديا السوشيال ميديا، صنع “هدرس” نفسه، ونتمنى له ألا يخرج أبدًا من المزاريطة لتظل هذه المفارقة سببًا فيما يقدمه .

إقرأ أيضا

هل يعتذر خالد أبو بكر إلى المصريين؟