رجس من عمل الشيطان.. لماذا رفضت الوهابية ورينوار والمفكرون التليفون عند ظهوره؟
-
كريم عبد العزيز
كاتب نجم جديد
ظهر “التليفون” وسط مخاوف من استخدامه، فقد رفضه الفنان والمتدين المتشدد كالوهابين وبعض المفكرين، حيث روى عن الرسام الفرنسي “أوجست رينوار” أن صديقًا له أخبره عن اختراع ظهر حديثًا، لم يكن رينوار قد سمع به، وهو التليفون.
وصف صديق رينوار جهاز التليفون وكيف يستخدم في التخاطب بين شخصين قد تفصل بينهما عشرات الكيلو مترات.سأله رينوار: ولكن نفترض أن جرس التليفون دق في منزلي أثناء انهماكي في الرسم، هل يتوجب علىّ أن أترك الرسم حينئذ وأذهب لأجيب عليه؟ قال صديقه: نعم. فاجاب رينوار متعجبًا: ففي أي شىء أختلف إذن في هذه الحالة عن حالة الخادم الذي أدق له الجرس فيهرع إلىّ؟.
ورفض شيوخ الوهابية التليفون في البداية، فعندما عرضه عليهم الملك عبد العزيز آل سعود، توجسوا منه، وعبروا عن خوفهم : إن شيئًا يحمل الصوت الى هذه المسافات البعيدة لابد أن يكون من عمل الشيطان، ومن ثم فهو حرام”.
عطل اعتراض الوهابية دخول التليفون إلى السعودية بعض الوقت، حتى استقر الرأي هناك على أن مسألة الحلال والحرام لا تتعلق بجهاز التليفون نفسه بل بما يستخدم فيه، فالتليفون الحلال إذا استخدم فيما هو حلال.
أما الكاتب الكندي”مارشال ماكلوهان” الذي عبر عن رفضه للهاتف في أواخر الستينات عن طريق كتابه “the medium is the message” وقال إنه متى دخل هذا الجهاز تحتم استخدامه استخدامات معينة، وتحتم استبعاد نوع آخر من الاتصالات أو العلاقات، فالعلاقات التي تتم عن طريق الاتصال التليفوني لابد بالضرورة أن تكون مختلفة عن العلاقات التي تتم مباشرة بين شخصين دون وساطة جهاز، ولابد أن يؤثر هذا الجهاز وطبيعته الخاصة على نوع ما يقوله شخص لآخر. حسبما ورد في الهلال 1999.
وفي منتصف الستينيات في مصر، بعدما تجمع لمصر الكثير من الموارد من وراء تأميم قناة السويس وغيرها من التأميمات والمعونات الأجنبية، فضلًا عما بقى من الأرصدة الاسترلينية التي تراكمت لمصر خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه السنوات شهدت أيضًا مستوى عاليًا من الانفاق على مختلف قطاعات الاقتصاد المصري.
انعكست كل هذه الأشياء في حالة الهاتف في مصر، فكان من الطبيعي أن تزيد الحاجة إلى التليفون بشدة، من جانب الحكومة التي أمتد نشاطها إلى كل شىء وكل جزء من مصر.
الكاتب
-
كريم عبد العزيز
كاتب نجم جديد