رحلة إسلام من “بكرة جاي” إلى التوحيد والنور والشيخ صلاح
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
رحلة أسبوعية كل خميس بصحبة أصدقاء الطفولة إلى محل أبو حيدر لتناول ساندوتشات الشاورما الشهيرة وشرب عصير المانجو ثم الجلوس مع بائع شرائط الكاسيت المجاور لمعرفة أخر الإصدارات، وفي هذا التوقيت في النصف لثاني من الثمانينيات كان الاسبوع الواحد يحتمل ظهور ألبوم جديد لمطرب جديد، كان المطلوب فقط أن ترى اسم حميد الشاعري أو أحمد منيب على غلاف الألبوم حتى تملك الرغبة في سماع الصوت الجديد.
وفي تلك الليلة الشتوية عام ١٩٨٧ كنا على موعد مع شريط جديد – لم نكن نقول ألبوم في هذا الوقت – لمطرب يحمل اسم إسلام وغلاف ألبومه يحمل اسم الكبيرين أحمد منيب وحميد الشاعري.
نطلب من عم سعيد تشغيل الشريط ليعلو صوت سماعاته صادحا بأول أغنية لموا النجوم لنبدأ الرقص على ايقاع تصفيق حميد الشاعري الشهير كبصمة صوتية في أغنية من كلمات إسلام نفسه وألحان وتوزيع حميد الشاعري
نستكمل أغاني الألبوم حتى نصل إلى أغنية وحشاني، يتوقف الجميع ويستمعون جيدا، كان أكبرنا يبلغ من العمر ١٥ عاما وكنت لم أتم الرابعة عشر بعد، نطلب من عم سعيد إعادتها لنسمعها أكثر من ٣ مرات، ثم نجمع من بعضنا البعض ٦ جنيهات لشراء نسختين من هذا الشريط الذي لم نعد نحتاج إلى اختباره حتى النهاية، فأغنية وحشاني وحدها تكفينا، مع كلماتها الرائعة الجديدة للشاعر طه عوض ولحن الكبير أحمد منيب وتوزيع مراد السويفي
يمر عامان ويطرح إسلام ألبومه الثاني ناوي عام ١٩٨٩، والذي يعهد بتوزيع أغلب أغانيه لحميد الشاعري ويغني مع أحمد منيب أفضل أغنيات الألبوم “بحبك يا صافية” لكنه لا يحقق نجاحا كالألبوم الأول.
يختفي إسلام من على الساحة التي يحتلها إيهاب توفيق ومصطفى قمر ثم هشام عباس وشهاب حسني ومجموعة كبيرة من المطربين الذي تم تعميدهم في السوق على يد حميد الشاعري وشركة سونار.
يقولون أن بعض لدى بعض الرجال عزيمة كفيلة بتغيير مصيرهم المحتوم.. لكن لا يعرف أحد إن كان هذا في صالحهم أم لا
تمر السنوات، يبقى تجمعنا الأسبوعي أنا والأصدقاء في يوم الخميس، فقط تختلف الوجهة إلى مطار القاهرة للعب كرة القدم في “الباركنج” الواسع مع العديد من الشلل والفرق التي تأتي من كل شرق القاهرة، مضت ١٠ سنوات على ليلة ألبوم “بكرة جاي”، بالتحديد عام ١٩٩٧، نتقابل مبكرا أنا وأحد الأصدقاء، أقود سيارتي إلى محل التوحيد والنور فرع “النعام” لشراء كرة قدم جديدة بدلا من القديمة، نختبر الكرة ونملأها بالهواء ونحاسب على ثمنها وعند الاستلام، يهمس صديقي في أذني “عارف مين الكاشير اللي حاسبنا”، أهز رأسي مستعجبا السؤال، يبتسم ويقول “حبيبك إسلام”، يبدو على وجهي عدم الفهم يضربني في كتفي هامسا ” بكرة جاي”، أتوقف عن الحركة فعليا، فقط أنظر ناحية الكاشير وأنا أسمع داخل رأسي أغنية “أغراب” للمطرب ذاته وبالمناسبة من ألحان أحمد منيب.
تمر ١٠ سنوات أخرى لم أزر فيها هذا الفرع مرة أخرى، وفي الأغلب توقفت عن ممارسة الكرة لكن مع العمل في كتابة الأغاني ينتابني الحنين إلى أغاني الثمانينيات فأتذكر إسلام، أبحث على شبكة الإنترنت على أي أغنية له فلا أجد، أسأل الرفاق عنه فيسألونني جميعا “مين إسلام ده؟”، اصرخ فيهم “بكرة جاي”، يهزون رؤسهم، أغني لهم “وحشاني” وأخبرهم أنه لحن منيب، ينكرون علي هذا لأن منيب لم يعد غنائها مثلما فعل مع الكثير من أغنيه، ابدأ في الشك أن إسلام شخصية حقيقية فعلا اذ لابد أن عقلي اخترعها مثلما تعودت منذ طفولتي على اختراع أصدقاء وهميين من لاعبي الكرة والمطربين والقادة والجنود بل وصناعة بلاد وممالك وتاريخ كامل موازي.
للحقيقة وجه واحد.. لا يشيخ ابدا
أخيرا وبالتحديد بعد ١٣ عاما من هذا التاريخ، أكتشف أن إسلام شخص حقيقي، عاد للغناء الديني قبل أكثر من ١٠ أعوام، أطلق على نفسه اسم الشيخ صلاح أبو إسلام، يغني الأغاني الدينية المعهودة للسلفيين التي يطلقون عليها أناشيد، لا يغني مثل الشيخ الكحلاوي مثل إن صح المثل.
الأن فقط صرت متأكد أن أصدقائي كانوا على حق، لقد اخترعت مطربا في نهاية الثمانينات ولم يكن ما رويته عنه في بداية هذا المقال فيما يبدو حقيقيا
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يعني الخلاصه هو ولا لا