رحلة الكاتشب من وصفة سمك قديمة .. الى أشهر صلصة عالمية
لا يمكنك أن تتخيل ثلاجتك بدون زجاجة شفافة تحتوي على قطرات من الكاتشب المجفف على جوانبها. فالكاتشب جزء لا يتجزأ من وجباتنا اليومية. فإلى جانب دوره في تعزيز وجباتنا، هو نافذة على تطور عادات الأكل، والتجارة الدولية. فهو بمثابة شهادة طويلة على تاريخ تذوق الطعام.
من اخترعه؟
قبل وقت طويل من تحول الكاتشب إلى البهارات المعتمدة على الطماطم التي نعرفها اليوم. بدأ كصلصة سمك متخمرة في جنوب شرق آسيا القديمة. حيث أدت ممارسة تخمير الأسماك بالملح إلى إنشاء عجينة لذيذة كانت بمثابة حجر الزاوية في النظام الغذائي الإقليمي. ولم تكن هذه الممارسة فريدة من نوعها بالنسبة لآسيا؛ كان لدى الرومان الثوم الخاص بهم. وعبر الثقافات، كانت المعاجين المخمرة تستخدم كمنكهات وطرق للحفظ، مما يسمح للطعام بالاستمرار لفترة أطول في أوقات ما قبل التبريد.
متى تم اختراعه؟
إن اختراع الكاتشب كما نتتبعه، لم يحدث في وقت واحد بل تطور عبر قرون. فيعود تاريخ تطوره إلى ممارسات التخمير المبكرة في الصين، حوالي القرن الثالث قبل الميلاد. بدأت رحلة الكاتشب من أصله السمكي إلى النسخة الغنية بالطماطم بشكل جدي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، عندما اكتشفه المستكشفون البريطانيون في جنوب شرق آسيا.
ما هو الكاتشب الذي تم اختراعه في الأصل؟
في الأصل، تم اختراعه كوسيلة للحفاظ على نكهة الطعام وتعزيزها، حيث أنتجت الممارسة القديمة المتمثلة في تخمير الأسماك بالملح بهارًا طويل الأمد يمكن أن يضفي على الأطباق مذاقًا غنيًا ولذيذًا. مما يجعلها لا تقدر بثمن في وقت ما قبل التبريد الحديث. فلم تؤدي عملية التخمير إلى إطالة العمر الافتراضي للأسماك فحسب، بل طورت أيضًا مركبات نكهة معقدة، مما يجعلها مكونًا متعدد الوظائف في فنون الطهي في شرق آسيا.
التاريخ التفصيلي لمكوناته
بحلول القرن الثامن عشر الميلادي، كان الطهاة في بريطانيا والولايات المتحدة يجربون وصفاتهم الخاصة للكاتشب، والتي كانت بعيدة كل البعد عن الوصفات الأصلية. استخدمت هذه الإصدارات الغربية مزيجًا مثيرًا للاشمئزاز من المكونات، بما في ذلك الأنشوجة والمحار والفطر والجوز وبلح البحر وحتى الخوخ، ممزوجة بالتوابل القوية مثل القرنفل والزنجبيل والفلفل.
إدخال الطماطم في وصفات الكاتشب
نظرًا لأن الطماطم أصبحت عنصرًا أساسيًا شائعًا في الحديقة، فقد كان دمجها في الكاتشب أمرًا لا مفر منه تقريبًا .حيث كان إدخال الطماطم إلى الكاتشب لحظة محورية في تاريخ البهارات. بدأ دمج الطماطم في وصفات الكاتشب في الولايات المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر، تزامنًا مع الفهم المتزايد بأنها في الواقع ليست سامة كما كان يُعتقد سابقًا. وغالبًا ما يُنسب الفضل إلى “جيمس ميس”، وهو عالم من فيلادلفيا. في تطوير واحدة من أولى الوصفات المسجلة لكاتشب الطماطم في عام 1812، وهو خروج كبير عن سابقاتها المعتمدة على الأسماك.
ولم يحدث هذا التحول بين عشية وضحاها، بل كان تحولًا تدريجيًا يعكس التغيرات في الممارسات الزراعية، واتجاهات الطهي، وأذواق المستهلكين.
من هو أول من صنع هاينز؟
العلامة التجارية الأكثر ارتباطًا بالكاتشب هي شركة H. J. Heinz، التي تبدأ قصتها في العصر الصناعي في أمريكا في القرن التاسع عشر. تأسست الشركة على يد “هنري جون هاينز” في عام 1869. وكانت الشركة تبيع في البداية الفجل المبشور. ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يصبح الكاتشب منتجها الرئيسي. كانت روح هاينز تتمثل في إنتاج منتجات غذائية نقية وخالية من المواد المغشوشة التي كانت شائعة الاستخدام في الأطعمة المصنعة في ذلك الوقت.
فكان “هنري جون هاينز” هو صاحب الرؤية الذي ابتكر الوصفة التي أصبحت فيما بعد كاتشب هاينز. كانت وصفته عبارة عن صلصة محلية الصنع في ذلك الوقت. فكان هدفه تحقيق الجودة والنظافة، وهما معياران مبتكران في إنتاج الغذاء خلال أواخر القرن التاسع عشر. فأدى المزيج الفريد من الطماطم الحمراء الناضجة والخل المقطر ومزيج سري من التوابل والسكر – بدون مواد حافظة – إلى إنتاج كاتشب لم يكن مميزًا في المذاق فحسب، بل أيضًا في الجودة.
إن التزام هاينز باستخدام مكونات عالية الجودة وتقديمه بالقوارير الزجاجية الشفافة، التي أظهرت نقاء المنتج، وضع معيارًا جديدًا في صناعة المواد الغذائية. لقد كان هذا التفاني في الجودة والشفافية هو الذي ساعد في ترسيخ كاتشب هاينز كإسم مألوف ورمز عالمي للثقافة الغذائية الأمريكية.