رسالة لمفيد فوزي..اسمحلي استفزك

هاجمت الصحف المصرية مذيعة برنامج رمضاني معروف بعنوان “حوار صريح جدًا” لأنها مستفزة، صار السؤال الأهم: هل من حق المحاور أن يستفز الآخرين في المقابلة التي يجريها معهم؟، كان رد فعل المذيعة منى الحسيني أنها استضافت الإعلامي مفيد فوزي المحاور المعروف، للتناقش معه حول مفهوم الاستفزاز في الحوار، والذي احتل وقتًا كبيرًا في حلقة البرنامج وقتها.

سألت منى الحسيني الإعلامي مفيد فوزي:”عفوًا، يقال إنك مستفزّ”، فأجاب كما عهدنا بنبرة هادئة وتلقائية: ولماذا عفوًا، الاستفزاز حق، طالما أنه من أجل الحصول على معلومة هامة تهم الرأي العام.

دارت المناقشة بين “الحسيني” و “فوزي” ووصل الأمر إلى نوع من الصراع الخفي والاستفزازي بينهما، وإلى حد التوتر الملحوظ.

رغم أننا نضيق أحيانًا من الأسلوب الاستفزازي الذي يتبعه مفيد فوزي مع ضيوفه الرياضيين أو الفنانين أو السياسيين لكننا لا نكف عن الرجوع لحواراته التلفزيونية الهامة بلا شك، فبشكل لاوعي وقعنا في فخ مفيد فوزي، وهو ما يجعله من أبرز المحاورين المصريين في تاريخ الإعلام المصري، بلا جدال.

ورغم أن الجمهور أيضًا، يعبر عن ضيقه من استفزاز مفيد فوزي لضيوفه، لكن المعلومات والنتائج التي يخرج بها من ضيوفه هي التي تستحوذ على أعلى نسب المشاهدات، وهو ما يعكس اهتمام المشاهد بها دومًا.

مما لاشك فيه أن أسلوب الاستفزاز الذي يعتمد عليه المحاور مفيد فوزي، يعكس قوة شخصيته أمام الضيوف، فلا يمكن لإعلامي أو صحفي أن يتبع هذا الأسلوب إلا إذا كان لديه ما يتكئ عليه من كاريزما وقوة ووعي بما يريد أن يخرج به من هذه المقابلة.

أجرت مجلة نيوزويك مقابلة مع تيد كوبل أشهر المذيعين الأمريكيين، وسُئل فيه عن  صفات المحاور الجيد، فقال إن ما يعنيه هو أن لا يكون في المقابلة مجرد مذيع أو مقدم للتقارير.

ففي أكثر من سياق حاور تيد كوبل رؤساء ووزراء، ولم يكن الأمر بالنسبة للمشاهد مجرد محقق، أو مذيع في مقابلة مع رئيس وزراء بل هو لقاء، أو مباراة بين طرف له الحق في مقاطعة رئيس الوزراء، ونقله من مسار موضوع إلى آخر، واستقصاء معلومة تلو الأخرى، وهذا ما يحقق الشعبية والمعقولية وأداء المهام على أكمل وجه.

ويرى الإعلامي الأمريكي الشهير، أن مثل هذه اللقاءات يكون فيها الاستفزاز الصحي والمحسوب هو المطلوب انتهاجه، لكي يتم تحقيق الغرض من المقابلة، وقد يكون الاستدراج الهادئ والذكي أسلوبا آخر، وفي النهاية الأمر كله مرتبط بمبدأ تفاوضي هام، وهو تبني فكر يمكن للمحاور من خلاله تقدير الموقف وطبيعته، والشخصيات التي يتعامل معها، وما تستلزمه من أدوات.

مفيد فوزي وضيوفه

الجمهور تغلب عليه العاطفة في تقييم الأمور، فعندما يكون مفيد فوزي أمام ضيف يحبه الجمهور، ويلجأ لاستفزازه ليخرج منه بما يريد من معلومات، يغضب الجمهور، رغم أن المعلومة تستحوذ على اهتمامه، ويسرع بكتابتها على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ليحصد “اللايكات”.

لكن عندما يكون الضيف مسئولًا أو وزيرًا أو لا يتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة، يفرح الجمهور ويهلل، لقد انتقم لهم مفيد فوزي!

بالرجوع إلى المقابلات التي يعدها الجمهور استفزازية واستنكرها، كانت مقابلة الفنان فؤاد المهندس التي شاهدنا فيها الفنان الراحل يصيح في وجه في وجه “فوزي”.

إقرأ أيضا

“أزمة فيلم أبو الدهب” نجاحه الإذاعي حوله للسينما وقاد معالي زايد وممدوح وافي للمحاكمة

الجمهور استنكر إذاعة مفيد فوزي للحلقة كاملة، لكنه كان يريد أن يخرج بمعلومة وخرج بها، وهي ما هي الحالة التي يكون فيها الفنان في كواليس دخوله على خشبة المسرح للجمهور، ونجح فيها بلا شك، وأعاد سؤاله مرة أخرى لفؤاد المهندس وحصل على الإجابة.

وفي مقابلة أخرى ألقى فيها مفيد فوزي “قشر اللب” على الأرض ولفتت الفنانة سناء جميل انتباهه لسلوكه، وفي ظني أنه هذا السلوك لم يخرج عن سياقه، فهو أراد أن يخبرنا بتفصيلة من تفاصيل شخصية الفنانة التي يحبها الجمهور، كيف تغضب وكيف تعترض على مثل هذه التصرفات؟ وهو تصرف منه بدر ضمن سياق يتبعه وهو الاستفزاز.

المقابلات التي يستفز فيها مفيد فوزي ضيوفه عديدة، لكنه بلا شك لا يلجأ لهذه الطريقة إلا ليخرج بأدق التفاصيل التي لا نراها في مقابلات عديدة لإعلاميين كُثر.