همتك نعدل الكفة
91   مشاهدة  

من التحالف الاستخباراتي إلى العداء العلني.. عن تطور العلاقات المتقلبة بين إيران وإسرائيل

رضا شاه بهلوي
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



عندما فرض الكيان المحتل الإسرائيلي نفسه في الشرق الأوسط، كانت علاقته مع إيران تقليدية وغير عدائية؛ إذ كان النظام “البهلوي” نظامًا يولي وجه صوب الغرب الداعم لإسرائيل، وبعد انهيار السلالة البهلوية، وتولي النظام الإسلامي سُدة الحكم أصبحت العلاقة بين المعسكرين عدائية؛ إذ لا تعترف إيران بوجود إسرائيل، في حين تؤيد إسرائيل الإطاحة بالجمهورية الإسلامية، كما تتهم إسرائيل إيران بمحاولة الحصول على أسلحة نووية ودعم الإرهاب وخلق زعزعة الأمن في المنطقة وما إلى ذلك، وتتهم إيران إسرائيل بانتهاك حقوق الفلسطينيين واغتصاب أراضيهم وتشكيل تحالف ضدهم.

 السلالة البهلوية والصداقة مع إسرائيل

في حكم الشاه رضا بهلوي كانت العلاقة بين إيران وإسرائيل علاقة خالية من العداء، إذ اعترفت إيران بإسرائيل كدولة في 15 مارس/آذار عام 1950م بشكل “فعلي” – وليس بشكل كامل، والاعتراف الفعلي بالدولة يعني الاعتراف بهذا الكيان عمليًا كواقع قائم وبدرجة أقل من العلاقات السياسية الرسمية والكاملة، والقبول الفعلي لإسرائيل مكّن إيران من إقامة علاقات تجارية وقنصلية محدودة معها وتلبية احتياجات مواطني البلدين في التنقل والاتصال ببعضهما البعض.

قبل أن تقبل إيران الوجود الفعلي لإسرائيل، اتخذ “محمد رضا بهلوي شاه” سياسة مثيرة للاهتمام خلال حرب الأيام الستة العربية الإسرائيلية؛ فلم تدعم إيران الهجوم العربي ولم تنضم إلى هذا التحالف، بل تشير بعض الوثائق إلى أن “بهلوي” سمح لطائرات الاتحاد السوفييتي التي تحمل معدات عسكرية إلى إسرائيل بالمرور عبر سماء إيران وزود إسرائيل بالطاقة بينما كان العرب يحظرون بيع النفط لإسرائيل، لكن في الوقت نفسه امتدح الملك مصر لتضحياتها ضد إسرائيل.

اعتراف إيران بإسرائيل كدولة كان على مستوى الحكومة، إذ كانت الروح العامة في إيران ضد وجود إسرائيل كدولة مستقلة على الأرض الفلسطينية، وكان خبر إعلان استقلال إسرائيل واعتراف العديد من الدول بها بمثابة قنبلة انفجرت في إيران، وتلا ذلك ردود فعل حادة من جانب رجال الدين بقيادة “آية الله السيد أبو القاسم كاشاني”ـ  رجل دين معروف في ذلك الوقت ـ ، حركات احتجاجية ضد استقلال إسرائيل واعتراف  الحكومة البهلوية بالكيان، هذا إلى جانب ممثلي الشعب في البرلمان، فقد كانوا يسيرون خطوة بخطوة مع المرجعيات الدينية في تحريض الشعب ضد وجود إسرائيل والضغط على الحكومة من أجل التراجع عن قرارها.

استمرت العلاقات السياسية  والتجارية بين إيران وإسرائيل في التطور حتى نهاية حكم “محمد رضا بهلوي شاه”، إذا قامت إسرائيل ببناء عدة قواعد للبحرية الإيرانية في الخليج العربي، وشاركت في تطوير البرنامج العسكري والأمني ​​الإيراني، ومن بينها؛ بناء مصنع صواريخ مضادة للسفن في كرمان بالتعاون مع إسرائيل، كما كانت إسرائيل جانب إيران في عملية تنظيم العلاقات بين إيران والعراق، والتي أدت إلى “اتفاقية حسن الجوار” وتسوية النزاعات الحدودية، وبالتزامن مع تطور التعاون الاقتصادي والعسكري، كانت العلاقات الثقافية بين إيران وإسرائيل أيضًا في ذروتها خلال هذه الفترة.

رضا شاه
بهلوي مع سفير إسرائيل

وحول توطيد العلاقة بين المعسكرين قال “مئير عزري”،  آخر سفير لإسرائيل في طهران، في مذكراته: “كان أحد الاقتراحات التي شاركتها مع شاه إيران هو تكريم اسم إيران والإيرانيين بين شعب إسرائيل من خلال إنشاء مكان يسمى بيت كورش الثاني”، أو مؤسسة بهلوي في إسرائيل،وبهذه الخطوة، اعترف يهود العالم بشاه إيران ملكًا لهم ودعموه في الصعود والهبوط.

لم يتم الاعتراف بإسرائيل بين عشية وضُحاها، لكن كانت هناك عوامل وسياقات دفعت حكومة  رضا بهلوي إلى هذا الاتجاه، وكان أحد هذه العوامل هو الاغتيال الفاشل لمحمد رضا بهلوي في فبراير/ شباط 1949م، بعد تلك الحادثة، عملت حكومة بهلوي بسحق الحركات والشخصيات التي كانت ضد إضفاء الطابع الرسمي على إسرائيل، أما العامل الثاني كما جاء في مذكرات “أحمد ميرفندرسكي” آخر وزير خارجية لإيران قبل الثورة الإسلامية هو التفوق العسكري الإسرائيلي وانتصاره على خمس دول عربية في حرب 1948، أما العامل الثالث فهو وجود مواطنين إيرانيين في إسرائيل، أما العامل الرابع فهو وجود أزمة في علاقات إيران مع الدول العربية، وكانت لدى إيران مشاكل حدودية مع العراق، بما في ذلك منطقة “شط العرب” ومحافظة خوزستان والبحرين، أما العامل الخامس فكان زيارة شاه إيران إلى أمريكا في نوفمبر 1949م، هذا إلى جانب إدراك شاه إيران الطريق للحصول على المساعدة الأمريكية عبر زقاق التفاعل مع إسرائيل .

الدعم الأمريكي و ردود فعل عربية

حظيت إيران وإسرائيل بدعم جيد من الولايات المتحدة الأمريكية، وكان تعزيز المواءمة بين البلدين في غاية الأهمية بالنسبة لأمريكا؛ إذ كانوا يعتبرون حاجزًا أمام النفوذ السوفييتي والقومية العربية الراديكالية في الشرق الأوسط، ومن أجل إثبات ولائها للغرب، انضمت إيران إلى حلف بغداد عام 1955، الذي كان يتألف من الدول الموالية للغرب، مما أثار غضب الاتحاد السوفييتي وبعض القوميين العرب، كما شكلت إيران  وإسرائيل وتركيا ـ التي اعترفت بإسرائيل قبل إيران بعامين ـ منظمة ثلاثية عرفت باسم “ترايدنت” للتعاون الاستخباراتي في المنطقة، وكانت أيضًا بدعم أمريكي خالص.

أثار إعلان حكومة رضا بهلوي الاعتراف بإسرائيل استياءً داخل إيران ـ كما ذكرنا ـ وخارجها، ووصفت الدول العربية ذلك الاعتراف بأنه خيانة للقضية الفلسطينية، ومن بين ردود الفعل ما قامت به الحكومة المصرية بزعامة “جمال عبد الناصر” علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ردًا على تلك الأنباء، ولم يجلس “عبد الناصر” ساكنا، إذ تواصل مع شيوخ الأزهر ليكتب رسالة إلى الشاه يعرب فيها عن أسفه للاعتراف بإسرائيل، واستجاب الشيخ “شلتوت” شيخ الأزهر لطلب “جمال عبد الناصر” بإرسال رسالة إلى الشاه.

في المقابل وصف شاه إيران “بهلوي” استياء العالم العربي من الاعتراف بإسرائيل بأنه غير مبرر، إذ قال :” قبل إيران، فعلت تركيا ذلك؛ لكن موقف العالم العربي تجاه ذلك البلد كان مبنيًا على الصمت”، واعتبر ” رضا شاه الاعتراف بإسرائيل يتماشى مع المصالح الوطنية لبلاده.

الجمهورية الإسلامية وبداية العداء مع إسرائيل

كانت الثورة الإسلامية نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران الحديثة، حيث مثلت تغييرًا جذريًا في المشهد الداخلي وتغييرًا بالغ الأهمية في نظرتها الخارجية، فمع تولي النظام الجديد السلطة ومواجهته للمطالب المعقدة للحكم، اضطر تدريجيًا مثله كمثل الحركات الإيديولوجية الأخرى في التاريخ التكيف مع الحقائق الناشئة وتبني سياسات أخرى؛ إذ أصبح  أصدقاء إيران بالأمس أعداء لها اليوم؛ إسرائيل والولايات المتحدة، اللتان كانتا صديقتين استراتيجيتين للنظام الشاهي، أصبحتا أعداء للجمهورية الإسلامية؛ فبعد الثورة الإسلامية نُفخت حياة جديدة في جسد “الإسلام السياسي”، ودخل الدين إلى السياق السياسي، ذلك أن طبيعة الجمهورية الإسلامية تقوم على الإيمان العميق بفرع الإسلام الشيعي، وطبيعة إسرائيل تقوم على الصهيونية السياسية.

رضا شاه
الثورة الإسلامية في إيران

رغم الوجود الإسلامي.. تعاون عسكري بين إسرائيل وإيران لإضعاف قوة صدام حسين

في الثمانينيات، لم تكن العلاقة بين إيران وإسرائيل عدائية كما يُعتقد، فقد كانت تل أبيب قلقة بشأن العراق أكثر من إيران، ولم تكن طهران تعتبر قوية بما يكفي لكي تشعر إسرائيل بالتهديد منها، وفي الثمانينيات، التي شهدت الحرب بين العراق وإيران، وقفت إسرائيل إلى جانب طهران وحاولت إضعاف الرئيس العراقي “صدام حسين” ، فقد كان هدف إسرائيل ليدعم إيران لذتها بل إضعاف العراق لأنه إذا بقي العراق قويًا فإن الجبهة العربية ستبقى قوية ضدها، أو أن إسرائيل كانت تحاول إطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية وإضعاف الأشخاص المحيطين بالحرب الذين كانوا أعداء إسرائيل.

وعلى الرغم من ذلك، اعتقدت إسرائيل أنه إذا كان هناك طرف واحد سينتصر في الحرب، فيجب أن يكون إيران، لكن الولايات المتحدة، على عكس إسرائيل، دعمت العراق ضد إيران، ولم تكن إسرائيل ترغب في دعم إيران فحسب، بل شجعت الولايات المتحدة أيضًا على القيام بذلك،  إذ أن تضخيم خطر الاتحاد السوفييتي واحتمال وقوع إيران في فخ الاتحاد السوفييتي كان فعالاً في إقناع أمريكا بإرسال الأسلحة إلى إيران، مما أدى إلى حادثة “إيران كونترا” وأضر بمصداقية رونالد ريجان لرئيس الأمريكي، ويُزعم أيضًا أن مشتريات إيران من الأسلحة من إسرائيل في الأعوام 1980 إلى 1983 تجاوزت 500 مليون دولار، وتصدير النفط من إيران إلى إسرائيل بخصم 25% هو ادعاء آخر يشير إلى العلاقة الخفية بين البلدين.

رضا بهلوي
صدام حسين

 التسعينيات و تغير سياسة إسرائيل ضد إيران 

لقد حدث تغير في النهج الذي اتبعته إسرائيل تجاه إيران في التسعينيات، نهاية الحرب الباردة، وهجوم صدام على الكويت، والعمل العالمي الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق وإضعافها، وتوضيح موقف الجمهورية الإسلامية المناهض لإسرائيل، كانت العوامل التي غيرت نهج إسرائيل تجاه إيران؛ ففي عملية انسحاب العراق من الكويت، أضعف العراق وهدأ عقل إسرائيل بالتهديد العربي، وتركزت ضغوط تل أبيب ولوبياتها على إيران.

في سبتمبر/ أيلول 1994م، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي “إسحاق رابين” إيران بأنها تهديد كبير للسلام في الشرق الأوسط في مؤتمر عقده مع اليهود الأمريكيين: “إيران تسعى للحصول على سلاح نووي في غضون 7 إلى 15 سنة القادمة”. وذلك على الرغم من أن البرنامج النووي الإيراني لم يتم الكشف عنه بعد.

إن العامل الأهم الذي أضر بشدة بالعلاقة بين إسرائيل وإيران كان مؤتمر مدريد للسلام، وعقد هذا المؤتمر بمبادرة من إدارة “بوش” في أكتوبر/ تشرين الأول 1991 م في العاصمة الإسبانية مدريد عاصمة، ودخل ممثلو لبنان وسوريا والأردن في حوار مع ممثلي إسرائيل، وقد كانت النقطة المهمة في هذا المؤتمر هو غياب إيران التي لم تتم دعوتها من الأساس، هذا على الرغم من دعوة دول إسلامية أخرى، وردًا على ذلك، أدارت الجمهورية الإسلامية ظهرها لدعم الجماعات المعارضة للسلام مع إسرائيل: حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني، ومنذ ذلك الحين، اتهمت إسرائيل إيران بدعم “الإرهاب” وتدمير عملية السلام في الشرق الأوسط، وواصلت إيران دعم الجماعات المذكورة.

سياسة الاحتواء الثنائي 

إن مواقف إسرائيل وأمريكا تجاه إيران بعد التسعينيات متشابهة إلى درجة أنه لا يمكن تحليلها بشكل منفصل ومستقل عن بعضها البعض، وعلى سبيل المثال، فإن تبني إدارة “كلينتون” لسياسة “الاحتواء الثنائي” في أمريكا كان بسبب إصرار جماعات الضغط الإسرائيلية، فقد كان “مارتن إنديكي”  أحد جماعات الضغط التي توصلت إلى خطة الاحتواء الثنائية ودفعت إدارة كلينتون إلى تنفيذها. شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل مرتين.

وقد كانت خطة الاحتواء الثنائي من شأنها أن تجبر أميركا على احتواء إيران والعراق في الوقت نفسه، هذا مع أن السيطرة على إحدى هاتين الدولتين كانت أقل تكلفة بالنسبة لأمريكا ومفيدة لها؛ لكن جماعات الضغط في تل أبيب، من خلال تضخيم الخطر الذي تشكله إيران وجعل مصالح إسرائيل والولايات المتحدة تبدو متماثلة، بالتالي إقناع أمريكا بتنفيذ خطة الاحتواء الثنائي، وكان لتلك الخطة معارضون كثيرون في أمريكا ووصفت الفكرة بـ “المجنونة”؛ لأن السيطرة على دولتين تكرهان بعضهما البعض لم تكن مفيدة لأمريكا، ووفقاً لهذه الخطة، تمت الإشارة إلى الجمهورية الإسلامية على أنها حكومة متمردة ومتطرفة ورجعية، وكانت الأداة الأهم لتنفيذ تلك الخطة هي الحصار الاقتصادي الذي أوصى به مؤيدوها، كما بذلت أمريكا جهودا لتذيل العقوبات على إيران، وهو ما لم يلق ترحيبا من حلفائها في ذلك الوقت.

صراع الألفية الجديدة

وبعد بداية الألفية الجديدة وحادثة 11 سبتمبر/ أيلول، أصبحت العلاقة بين طهران وتل أبيب أكثر توترًا من ذي قبل، إذ أدت حادثة 11 سبتمبر/ أيلول  إلى تقريب موقف إسرائيل وأمريكا في الحرب ضد الإرهاب ـ حسب وصفهم ـ ومن الجماعات الموالية لإسرائيل في أمريكا “المحافظون الجدد”؛ فئة وجدت يداً مفتوحة في إدارة بوش الابن، أحد واضعي استراتيجية المحافظين الجدد هو مايكل ليدين. لقد كان معارضًا قويًا للعراق وإيران وسوريا. وكان ليدين أحد الذين عبروا في نوفمبر/ تشرين الثاني2002 عن أنه من الأفضل تحرير إيران أولاً ثم التعامل مع العراق، ويعتقد ليدين وغيره من المحافظين الجدد أن إرساء الديمقراطية في إيران يتطلب تغيير الحكومة في هذا البلد؛ وهي السياسة التي لا تزال مستمرة.

إقرأ أيضا
أشغال شقة
رضا بهلوي
هجمات 11 سبتمبر

وكانت جهود القوى الموالية لإسرائيل تهدف إلى إبعاد المسافة بين إيران وأمريكا، وفي هذا الوقت، وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذتها إيران لتحسين العلاقات، لم تبد أمريكا الكثير من الرغبة. على سبيل المثال، أدانت إيران هجوم 11 سبتمبر ودعمت قمع تنظيم القاعدة، ولعبت دورًا في قمع حركة طالبان وإقامة نظام سياسي جديد في أفغانستان إلى جانب الولايات المتحدة، وهو ما لم تأخذه واشنطن على محمل الجد، ولم يقتصر الأمر على أن هذا لم يحدث، بل إن “بوش” وصف إيران في خطابه الذي ألقاه في يناير/كانون الثاني 2002 بأنها “محور الشر” إلى جانب العراق وكوريا الشمالية، وهو ما حدث بإصرار من جماعات الضغط الإسرائيلية.

البرنامج النووي الإيراني ومخاوف إسرائيل 

وزاد الكشف عن البرنامج النووي الإيراني من مخاوف إسرائيل، مما أدى  إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إيران، ومنها تدويل العقوبات، وقد كانت أولوية إسرائيل في إنهاء البرنامج النووي الإيراني تتلخص في استخدام القوة، إلا أن أميركا، وخاصة الديمقراطيين، فضلت الحوار، في حين استخدمت إسرائيل سلاحها المعروف عالميًا، إذ قالت أن الجمهورية الإسلامية في إيران تعادي السامية، فيما وصفت الأسلحة النووية الإيرانية بأنها تكرار لـ”محرقة” أخرى، ومما زاد من قلق تل أبيب وحلفائها التصريحات القاسية للرئيس الإيراني السابق “محمود أحمدي نجاد”، الذي وصف المحرقة بـ”الأسطورة”، واعتبر زوال إسرائيل من الخريطة أمرًا مؤكدًا، وتقول إسرائيل إن الطرف الذي يهدف إلى تدمير طرف آخر يشكل بالتأكيد خطرًا، خاصةً إذا كان مسلحًا بأسلحة نووية.

رضا بهلوي
قاعدة سلاح إيرانية

الحرب في لبنان ونيران العداء الصاعد

وأشعلت الحرب التي استمرت 33 يومًا في جنوب لبنان نيران العداء بين إسرائيل وإيران، إذ اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان لتدمير جماعة حزب الله، واستمرت لمدة 33 يومًا، وفي تلك الحرب، حظيّ حزب الله بدعم الحكومة الإيرانية، في حين دعمت الولايات المتحدة إسرائيلي،  وكما كان يُعتقد، فإن إسرائيل لن تنجح في تدمير حزب الله، وقد وكان توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران في يوليو/تموز 2015 بمثابة تحذير لإسرائيل.

لقد حاولت هذه إسرائيل وجماعات الضغط التابعة لها في أمريكا إبعاد حكومة “باراك أوباما” عن التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة، ـ اتفاقية مبنية على اتفاق جنيف الابتدائي الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، الذي كان اتفاقًا مؤقتًا أنشأ في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، و فيه وافقت إيران على التخلي عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. الاتفاقية المؤقتة فُعلّت على أرض الواقع في 20 يناير 2014 ـ لكنهم فشلوا، وكان تنصيب دونالد ترامب رئيسًا لأميركا مصدر قوة لإسرائيل؛ لأنه كان جمهوريًا، وكان المحافظون الجدد الموالون لإسرائيل حاضرين ومؤثرين في حكومته، ولذلك نجحت إسرائيل في إقناع “ترامب” بإلغاء خطة العمل الشاملة المشتركة من جانب واحد، وبالطبع فإن طبيعة شخصية “ترامب” وإصرار سلطات الرياض وأبو ظبي لم تخلو من التأثير أيضًا في هذا الصدد.

ومن أجل زيادة عزلة منافستها، اعتمدت إسرائيل سياسة تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وأوضح مثال على ذلك هو توقيع “معاهدة إبراهيم” في أغسطس 2020 بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل، وبطبيعة الحال، تحظى هذه السياسة بدعم قوي من الولايات المتحدة الأمريكية؛ فالدول العربية السُنية، مثل إسرائيل، غير راضية عن نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وليس أنها تريد بالضرورة الإطاحة بالجمهورية الإسلامية.

إن دعم جمهورية حزب الله الإسلامية، والتدخل في بعض الدول العربية، ومعارضة حكم الإسلام الشيعي، ومسألة البرنامج النووي والصاروخي، هي قضايا مشتركة تثير غضب إسرائيل والعرب تجاه إيران، وقد استغلت تل أبيب هذه الفجوة بين الشيعة والسنة واستخدام الدول العربية كقوة موازنة ضد إيران، لذلك لقد واصل الإسرائيليون جهود تطبيع العلاقة مع السعودية بطريقة جدية بحيث لا يبدو أنهم سيحققون نتائج ملموسة على المدى القصير، ففي الوقت التي تُظهر تل أبيب حماسًا أكبر، الرياض تنسحب.

وقد أبدت حكومة “جو بايدن” حماسًا للتقارب مع إيران عدة مرات، لكن أعقب ذلك رد فعل جدي من إسرائيل، إذ تم اتخاذ خطوات مهمة لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، لكنها قوبلت بمعارضة واضحة من الجمهوريين والقوى الموالية لإسرائيل في أمريكا، فقد كان الاتفاق الجديد الموقع بين إيران والولايات المتحدة بشأن إطلاق سراح السجناء أثار غضب إسرائيل أيضًا: “كانت هذه ترتيبات لم تدمر البنية التحتية النووية الإيرانية ولم توقف برنامج إيران النووي، ولم توفر سوى ميزانية لطهران، والتي تستخدم “الإرهاب” ـ حسب وصف تل أبيب ـ .

رضا شاه
المرشد الإسلامي وجو بايدن

ومن أجل إضعاف إيران، حاولت إسرائيل إبعاد أمريكا والدول العربية السنية عن التقرب من طهران، وتهدف جهود طهران لإضعاف إسرائيل إلى دعم الحكومة السورية والجماعات المعارضة للسلام مع إسرائيل، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وقد بدت آفاق العلاقة بين طهران وتل أبيب قاتمة للغاية بعد مقتل “إسماعيل هنية” رئيس المكتب الساسي لحركة حماس في مسكنة شمال طهران، ومنذ ذلك الحين وينتظر العالم ردود الفعل الإيرانية على اختراق سيادتها، لكن هل تتدخل أمريكا كما العادة، هذا ما ستسفر عنه الأيام القادمة.

اقرأ أيضًا : وفاة الرئيس الإيراني.. ما سبب الحادث ومن يحكم إيران؟

الكاتب

  • رضا شاه مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان