رمادي صريح .. الفكرة الضبابية وتأثيرها على روح الإنسان وذاتيته
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يناقش ديوان رمادي صريح ـ ديوان شعر بالعامية المصريةـ فكرة الضبابية الناتجة عن المنطقة الرمادية وتأثيرها على الروح وحياة الإنسان والذاتية من منظور الرؤية الرمادية.
كما يناقش فكرة الاختلاف والتضاد، ونستشف من العتبة الأولى للديوان الفلسفة في التناول حيث أنه من الصعب جدًا الوصول للرمادي الصريح حتى وإن كانت نسب الأبيض والأسود متساوية، ومن هنا يكون الرمادي الصريح في حياة الإنسان أكثر صعوبة بشكل نفسي.
وفلسفة الكاتبة بسيطة إذ نجد أن من يختار المنطقة الرمادية يكون هدفه الوحيد الهروب من العالم الحقيقي بقطبيه الأبيض والأسود ولكن في النهاية هي منطقية غير مريحة ومؤقتة.
يتألف الديوان من ٢٢ نص، بداية من الذاتي الذي يتماس مع الذوات الأخرى الهاربة من العالم، وهو يرصد التفاصيل الدقيقة لعوامل نفسية لعدد من النماذج الإنسانية معتمدة على رؤية الوجود وتناقضاته فمثلًا في قصيدة (بيبص ع العالم من فاتحة المفتاح) سنرى الثنائيات الضدية تشكل عالمًا بيم النور والظلمة والصمت والضجيج والبراح والضيق والحزن والفرح يتجلى العالم ويتشكل بين قطبيه تصيد الشعر من التفاصيل بينهما:
بتبص ع العالم من فتحة المفتاح
زي اللي زاهد في الحياة والنور
ومكتفي بالضلمة جوا الأوضة
والدوشة في ضلوعك
وبقايا أصوات اللي ماتوا جوا راسك
أنا كنت أصغر
بس حزني كبير
شيفاك بتهمل فيها وتغيب باحتراف
شيفاك بتزرع عمرها بسنين عجاف
يغلب على الذاتي الشجن والحزن الشفيف الذي يسير في قوافٍ رائقة وإقاع موالي وإيقاعات أخرى
كما في قصيدة “العشم واكلك” وفيها :
نفّض كتاف التجربة من آثار رجليك
مش كل كتف ينول شرف شيلتك
كبشة تراب من كفّها تجليك
أختك وأخوك راح يعدلوا مِيلْتك
كما يتناول الديوان قضايا أخرى تمس المجتمع وأفراده مثل العنصرية والتصنيف والحكم غير المبرر على أي شيء مختلف عن البقية كما جاء في قصيدة “فَرْخ الغراب” ومنها:
نشبه لسخرية القدر
لما يتنمر غراب على خِلقة النعّاب
ويقول” ده مش ابني
لو تنتفوا لي الريش
هتلاقوا جلدي أسود
ومسامي زي الضلمة مصبوغة”
ويهج من عش الصغير ويسيبه للأقدار
متبري من فرخه علشان ما يشبهّوش
متخيل إن القصة قصة ريش
وبإن أمه وأبوه لم يتركوه مع كَسرة البيضة
الدنيا غاوية تناكف المختلف
وتشق ضهره بقسوة التصنيف
وتتجلى القضية أيضًا بطريقة أخرى في قصيدة “رمادي صريح” ومن أبياتها :
مش ربنا هو اللي حط حدود
ولا حال ما بين المَكْني والمقصود
الاختلاف بيعاير المختلف
ولا حد عارف أصلها من فين
مُهلِك يا بين البين
طبع الرمادي حزين
ع المحشورين في المنطقة المُبهَمَة
زي اللي رقصوا على السلالم سهو
لا هما فوق جنب اللي طالوا السما
ولا هما واقفين ع التراب ثابتين
دول خلق عادي من رمادي الطين
بيعيشوا عادي /يموتوا عادي
بدون آثر أو وَش
للجنة وردة وللجحيم القش
سلوتهم المفردة هي الإيمان بالحال
لا يملكوا حق الدَبيب والزق
ولا الرحيل بسلام لو نطقوا كلمة “لأ”
أبيض صريح
جايز ما كونش ملاك
إسود صريح
جايز ما كونش شيطان
عن الشاعرة منى رؤوف
منى رؤوف شاعرة وكاتبة مصرية ولدت بمحافظة الدقهلية في ٢١ مارس ١٩٩٤ وتخرجت من كلية التجارة جامعة المنصورة عام ٢٠١٧.
شاركت في العديد من الفاعليات الثقافية في مصر وحصلت على العديد من الجوائز منها:
ـ درع كلية التجارة جامعة المنصورة لحصولها على المركز الأول بمسابقة الشعر العامي بالكلية عام ٢٠١٤.
ـ مركز أول في أسبوع فتيات الجامعات عام ٢٠١٥ في سعر العامية.
ـ مركز أول على مستوى جامعة المنصورة في تصفيات إبداع جامعات عام ٢٠١٦.
ـ كما حصلت بديوانها الثالث (الروح مش نور ملاك) على جائزة أحمد فؤاد نجم في دورتها التاسعة عام ٢٠٢٢.
و يعد ديوان رمادي صريح ديوانها الرابع حيث صدر لها:
ـ رقصة شغف للموت و الروح مش نور ملاك و بقايا من لونها النبيتي، ولها تحت النشر ديوان نثر فصحى (أحبالٌ سُرّية في يد الوقت) و (روحٌ تسكنها الطيور)
اقرأ أيضًا : للحكايات عودة .. رواية من يفتش عن النهر جديد في معرض الكتاب 2024
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال