روحانيات في معنى التلبية (3-5) حين كان كفار قريش يقولون لبيك لا شريك لك لبيك
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
يتابع موقع الميزان نشر سلسلة روحانيات في معنى التلبية وستتناول الحلقة الثالثة شرح لماهية جملة “لبيك لا شريك لك لبيك” ومعناها العقائدي.
روحانيات في معنى التلبية .. الشق العقائدي بالجملة
يشير الشيخ السيد مراد سلامة إلى أن أن جملة لبيك لا شريك لك لبيك تمثل رمزًا وشعارًا لتوحيد الله عز وجل حيث إفراده سبحانه تعالى بالعبادة وعدم الإشراك معه فهو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد
كذلك فإن من روحانيات معنى التلبية أنها في عمومها تمثل التوحيد الخالص لله منذ اللحظة الأولى وحتى اللحظة الأخيرة للمناسك؛ فالحاجُّ تلبيتُه توحيد، وسَعيُه توحيد، ووقوفه بعرفة توحيد، ورميُه الجِمار توحيد، وحَلقُه ونَحره توحيد، وإفاضته توحيد، ووداعه توحيد عملاً بقول الله تعالى “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ”، وقوله سبحانه “إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا”.
اقرأ أيضًا
هل هناك أوحال في توحيد الله ؟ “مصطلحات لا زالت تثير الجدل حتى الآن”
كذلك فإن حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه أشار إلى معنى التوحيد حيث قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “من شهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل”.
كيف كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك لبيك ؟
تبدو معلومة غريبة أن المشركين كانوا إذا حجوا يلبون لله عز وجل بهذه التلبية “لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك”، وكانوا إذا قالوا لبيك لا شريك لك؛ قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلكم قد قد؛ فيقولون: “إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك”.
والمعنى كما في شرح صحيح مسلم أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَعلَم ما كانوا يَزيدونَه بعدَ ذلكَ، فكانَ إذا لَبُّوا بالتَّوحيدِ قال لَهم: وَيلَكم، أي: لَكمُ الوَيلُ والهَلاكُ بِما تَزيدونَ في التَّلبيةِ، “قدْ قدْ”، رُوِيَ بإِسكانِ الدَّالِ وكَسرِها معَ التَّنوينِ، أيِ: اكتَفوا بقَولكُم بالتَّوحيدِ واقتَصروا عليهِ وَلا تَزيدُوا ما بَعدَها مِن قَولِكم:”إلَّا شَريكًا هوَ لكَ. تَملِكُه وَما مَلكَ”.
ورُوِي عن بعض الحنيفية (الذين يتبعون دعوة إبراهيم) تلبيتهم هذه في صورة الرجز:
لبيك لا شريك لك * إلا شريكًا هو لك * تملكه وما ملك.
قال علماء الحنفية في شرح قول المشركين: ((تملكه وما ملك))، “إن كلمة: ما تحتمل وجهين: الأول: أن تكون نافية؛ فالمعنى: أنهم يعترفون بأن الله تعالى هو المالك وأن آلهتهم لا تملك شيئًا، والثاني: أن تكون موصولة عطف على الضمير المنصوب المتصل؛ فيكون المعنى: أن الله تعالى هو مالك آلهتهم ومالك ما تملك آلهتهم أيضًا”.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال