925 مشاهدة
ست الحسن
“لو كنت ست الحسن والجمال .. أكيد أمير أحلامك أنا”
إنها الثمانينات من القرن الماضي، حينما كنت طفلة صعيرة، وقرر والديّ أن يعودا بعد الغربة للاستقرار في مصر.
أقيم في منزل جدتي لزمن قصير، أستيقظ في أحد الأيام لأجد في المنزل عروسة كبيرة ملونة، عليها أوراق ملونة، وفوق رأسها تاجا، لا تشبه عرائسي البلاستيكية الشقراء، أراها ويصيبني الخوف من شكلها، تضحك مني جدتي.
تنقذ الجميلة ولدها من العم الشرير، وتعيد جمع أشلاء الزوج المغدور، ويفيض النهر، وتخلد إيزيس.
تأتي الأم جزعة هاربة للأرض الطيبة، تختبيء مع طفلها، تمنحها الأرض أمنا فتمنح الأرض النور.. مدد يا أم النور يا مسهلة كل الأمور.
تلقي العمة بجسدها على الطفل الصغير وتحميه من القتل، وتأتي للقاهرة العامرة، ويستقبلها المصريون بترحاب ومحبة، فتجد السكن ويفيض النهر مرة ثانية، وتجد الطاهرة أم العواجز مستقر لها .. مدد يا سيدة زينب مدد.
إنه يوم الاحتفال الكبير يرتدي الخليفة عمامته، ويركب فرسه، وبجواره زوجته الأثيرة الجميلة، وعلى رأسها تاج الياسمين، وبجوبان القاهرة في موكب مهيب للاحتفال بالمولد النبوي، وسط الرايات والغناء.
اليوم هو مولد النبي، حيث يحتفل المصريون بميلاد حبيبهم، ويعقدون في هذا اليوم المبارك قرانهم على الجميلات، ويسود جو من البهجة والسرور.
اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني
وعلشان كده يا ولاد مصر حلوة الحلوات
في هذا البلد جميل، وتحت كل حجر فنانا، حتى الحلواني فنان، يجلبون السكر ويعقدونه، ويصنعون من عرائس جميلة ملونة، مزينة بتاج إيزيس، بهالة زينب، بتاج يا سمين زوجة الخليفة.
اقرأ أيضًا
النساء يلقونها من الشرفات .. مصريون يروون لـ الميزان ذكرياتهم مع “حلوى المولد”
أخاف من العروسة في البداية، أتحسسها وتشجعني جدتي على تذوقها، أجزع قليلا من طعم السكر، أعتاده ولا أحبه.
أرى الحصان بفارسه من السكر، وأسأل لماذا لم يحضروا لي الحصان؟ تجيب جدتي ما حدش بياكله وبيتنسي وبيترمي.
تذيب أمي العروس السكر في الماء، وتصنع منها حلوى جديدة، وتجلسني جدتي على حجرها، لتطعمني الحلوى الجديدة، قائلة (اللي تاكل من حلاوة العروسة تبقى ست الحسن)
يزداد طولي وتزداد سنوات عمري، ترحل جدتي وأمي، ولم أعد أرى عروسة السكر، وأجد عرائس شبيهة بعرائسي البلاستيكية القديمة، ثمة خطأ لا أفهمه.. هناك شيء ما قبيح يسود.
حلاوة زمان .. عروسة حصان
كلمات صلاح جاهين
كلمات سيد حجاب
الكاتب
ما هو انطباعك؟
