سد النهضة والعقاد و”خيبة” القوى الناعمة
-
سعيد محمود
كاتب نجم جديد
مقدمة قبل سد النهضة
تعرف على جمع كلمة حليب بعد سؤال امتحان الثانوية العامة الوهي الذي تداولته السوشيال ميديا، الـ 9 أكبر ولا الـ 7؟ تعرف على مواصفات فتى أحلام ديانا هشام ونرمين الفقي، من هي هدى المفتي بطلة كليب عمرو دياب؟ شاهد أحدث صور ياسمين صبري وأبو هشيمة، محمد صلاح ينشر صورة عائلية ردا على شائعات الخلاف بينه وبين زوجته، شاهد نسرين طافش في مهرجان كان السينمائي.
تلك كانت بعض “تريندات” محركات البحث هذا الأسبوع، نتيجة تسليط الضوء عليها من عدة مواقع صحفية كبيرة في مصر، وسنتحدث أولا عن هؤلاء الذين يفترض فيهم أن يكونوا “قوى مصر الناعمة”.
سد النهضة و”خيبة” القوى الناعمة
ففي الوقت الذي تواجه فيها مصر أحد أهم وأخطر التحديات في تاريخها المعاصر، بتصديها لمشكلة سد النهضة الإثيوبي، وتعنت آبي أحمد رئيس الوزراء الأرعن الذي يظن أن بإمكانه التحكم في مصير مصر، لم نجد سوى قلة قليلة جدا تتفاعل مع الأمر من فناني ومثقفي مصر، بينما من يفترض فيهم أن يكونوا من أسباب جذب انتباه الرأي العام الدولي لخطورة الأزمة، وتقوية موقف مصر، “عايشين في مية البطيخ”.
فتجد محمد صلاح، الفرعون المصري المتوج على قلوب عشاق ليفربول، “عامل نفسه مش من هنا”، في حين أنه يستطيع بكل سهولة كتابة تغريدة على تويتر لتوضيح موقف مصر ومساندتها، والأمر نفسه مع السيد عمرو دياب، الذي لم يجد وقتا وسط طوفان منشورات صفحاته الرسمية لنشر ما يوضح فيه مساندته لبلده في أزمة هي الأخطر في تاريخها الحديث كما قلنا.
وكما هو الأمر مع محمد صلاح وعمرو دياب، نجد “الخيبة والوكسة” أكبر عند عمالقة إفريقيا، الأهلي والزمالك، ففي الوقت الذي تقف فيه مصر بقوة في وجه التعنت الإثيوبي، وبدلا من أن يكون موقف الناديين مساندا لبلدهما، والحرص على نشر ما يفيد وقوفهما إلى جوراها، نجدهما يتبادلان “التحفيل” فيما يخص “خناقة نادي القرن، والـ 9 أكبر ولا الـ 7.
هل هذه هي القوى الناعمة لمصر، ألم يتعلموا من سابقيهم كيف تقف الشخصيات العامة والمشهورة بجانب وطنها؟
العقاد وصحافة الترافيك
أما عن المواقع الإلكترونية التابعة للصحف الورقية الحكومية والخاصة، فحدث ولا حرج، حيث أصبح البحث عن “الترافيك” وركوب “التريند” أهم من المهنية الصحفية، فلا يجد رئيس التحرير حرجا من نشر أخبار عن ملابس الممثلة الفلانية على البحر، أو الترويج لما أثير عن جمع كلمة حليب في امتحان الثانوية العامة، والذي اتضح بعد جري الجميع وراء “التريند” لتحقيق المشاهدات، أنه غير صحيح بالمرة، ولم يكن في ورقة الأسئلة هذا السؤال من الأساس.
ولا نجد هنا أفضل من ما كتبه الراحل عباس محمود العقاد في مقال بعنوان “إني أتهم”، على صفحات مجلة الإثنين والدنيا منذ 73 عاما، حيث قال العقاد وكانه يصف حالنا اليوم:
“كلما اتهم الناس صحيفة من الصحف بالإسفاف والهبوط تعللت برغبة الجمهور، وجهل الجمهور، وإقبال الجمهور، وصحيح أن الجمهور يقبل على السلعة الرخيصة في الصحف، كما يقبل على السلعة الرخيصة في الطعام والكساء، ولكن متى؟ حين يجدها ولا مراء! أما إذا لم يجدها فإنه يقبل على الموجود ويروض نفسه على قبوله، ويتعود المتعة به والرغبة فيه”.
وأضاف صاحب العبقريات في مقاله: “كذلك كان الجمهور قبل خمسين سنة، يشهد التمثيل ويصغي إلى الممثلين وهم ينشدون الشعر الفصيح ويتبادلون الأمثال والأسجاع، وكان يحفظ القصائد التي لا يحفظها تلاميذ المدارس في هذه الأيام، ولم يكن علمه باللغة العربية أوسع من علم العامة بها في عصرنا هذا، ولكنه الموجود والميسور الذي لا حيلة له فيه، أما إذا وجد الحيلة فاستفاد منها، ووجد الفرصة سانحة فمال إلى اغتنامها، فالتهمة لا تصيبه إلا بعد أن تصيب غيره”.
رجاء يا أصحاب مهنة الصحافة، كفوا عن تقمص شخصية ميمي شكيب في فيلم “30 يوم في السجن”، عندما كانت تقبل بأي شيء يعرض على الجمهو طالما سيدر عليها دخلا كبيرا.
الكاتب
-
سعيد محمود
كاتب نجم جديد