سعد زغلول والاغتيالات السياسية “قصة حكيميان الذي أمر زعيم الأمة بقتله”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الجمع بين سعد زغلول والاغتيالات السياسية يبدو أمرًا غير متجانس، فالزعيم كان يمثل نضال المعارضة وليس المقاومة المسلحة، ورغم أن سعد زغلول كتب في مذكراته كل شيء عن نفسه لكن سيرة الجهاز السري لثورة 1919 لم تأتي، لتكون المفاجأة أنه تكلم عنها بأسلوبٍ مشفر.
طرف الخيط في الشيخ 13 يوليو
كتب مصطفى أمين في الجزء الأول من «الكتاب الممنوع أسرار ثورة 1919» «كنت أقيم في بيت سعد زغلول وفي يوم الخميس 22 ديسمبر سنة 1921 دخل إلى البيت شيخ وقور في الستين من عمره له لحية بيضاء طويلة ويرتدي الملابس البلدية وتقديم إلى الحاج أحمد عثمان تابع سعد زغلول الخاص وهمس في أذنه ببضع كلمات، وسمعت الحاج أحمد عثمان يقول الباشا مشغول جدًا، وإذا بالشيخ الوقور يهمس مرة أخرى، فيصيح الحاج أحمد عثمان بصوتٍ عال 13 يوليو إيه ؟!، فيهمس الوقور بهدوء وحزم، ويهز الحاج أحمد رأسه في ذهول، ويتحرك إلى سعد زغلول وهو يضرب كف على كف، وبعد ومضات يستدعي سعد زغلول الشيخ الوقور للدخول إلى مكتبه وبعد 5 دقائق يخرج وفي يده لفافة ويمشي بخطوات سريعة في الظلام».
اقرأ أيضًا
جنازة محمد فريد “تفاصيل غير مروية من 100 سنة بالصور النادرة”
كان الشيخ 13 يوليو كما يسميه مصطفى أمين هو الحاج أحمد جادالله أحد أعضاء الجهاز السري لثورة 1919 وقابل سعد زغلول أكثر من مرة، وفي يوم جملة 13 يوليو أبلغ سعد زغلول أنه سيتم القبض عليه غدًا وقام سعد بإعطاءه أورقًا، أما جملة 13 يوليو فكانت هي كلمة السر بين سعد زغلول وعبدالرحمن فهمي رئيس الجهاز، وكانت الأوراق مجرد تعليمات من سعد زغلول بعد قيام الشيخ 13 بقتل جنديين انجليزيين في السبتية.
سعد زغلول والاغتيالات السياسية من الجهاز السري
تشكل الجهاز السري لثورة 1919 من 5 دوائر كانت أولها استخباراتية وتضم عيونًا داخل قصر حاكم مصر حسين كامل، ومقر الحماية البريطانية، ووحدات الجيش الإنجليزي، ومكاتب الوزراء والسياسيين.
أما الدائرة الثانية فكانت للحراك المحلي وتتولى مهمة تحريك المظاهرات والإشراف على عمليات التخريب، بينما الدائرة الثالثة فهي للاتصالات الخارجية في سويسرا وإيطاليا، أما الرابعة فكانت دائرة الإعلام، بينما الخامسة للاغتيالات.
ضمت دائرة الاغتيالات كبار رجال مصر السياسيين والمفكرين مثل محمود فهمي النقراشي وأحمد ماهر وعبدالرحمن الرافعي، والضابط مصطفى حمدي، وتولت دائرة الاغتيالات تنفيذ عدد من المهمات الناجحة مثل ضرب معسكرات الانجليز وعمليات التخريب، كما نفذت عدة محاولات اغتيال لم تنجح استهدفت رئيسين للوزراء هما يوسف باشا وهبة وإسماعيل سري، ووزيرين هما محمد شفيق وزير الزراعة وحسين درويش وزير الأوقاف.
وثائق خطية: موقف سعد زغلول
كان سعد زغلول يتابع أخبار الجهاز السري ويكتب التعليمات بالحبر السري في داخل صفحات مضبطة مجلس العموم البريطاني وعندما يفتش الأمن الإنجليزي الرسول السري لسعد زغلول ويفحصون ما معه من أوراق لا يخطر ببالهم أن مضبطة مجلس العموم البريطاني تحتوي على تعليمات سرية من سعد زغلول.
كانت رسائل سعد زغلول من 5 صفحات من ضمنها ما هو مؤرخ بتاريخ 15 إبريل سنة 1920 ومكتوبة بالحبر السري فوق صفحات مضبطة مجلس العموم البريطاني المنعقد في يوم الأربعاء 25 فبراير بترتيب من الأعلى للأسفل، وتقلب في الصفحات من ص 1 إلى ص 1771 لتجد الصفحة الخامسة من تعليمات سعد أما الرابعة فهي في صفحة 1780 والثالثة في صفحة 1787 وهكذا.
من ضمن الرسائل التي تعزز موقف سعد زغلول والاغتيالات السياسية، مسألة موافقته على قتل الأرمني حكيميان إذ أرسل عبدالرحمن فهمي رسالة إلى سعد زغلول بتاريخ 4 يوليو 1919 قال له فيها «من سعد زغلول في باريس إلى عبدالرحمن فهمي بالقاهرة، بلغنا أن أرمنيا مرتديًا ثياب ضابط بريطاني عُيِّن في وظيفةٍ في مركز من مراكز مديرية الجيزة، وأنه مطلق التصرف هناك، وقتل بمسدسه شخصًا اتهم بسرقة قليل من البرسيم، هل هذا صحيح ؟»؛ ليجيبه عبدالرحمن فهمي في 22 يوليو 1919 بأن القصة حقيقية وجرت وقائعها في مركز العياط، وبعد أيام يتم قتل الأرمني في ظروف غامضة.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال