سور الطرب الواطي الذي تسلقه لصوص الأوتو تيون
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
قبل أن نتتقل لواقعنا الفني الجديد ، وقبل أن نتعامل مع الصورة الحديثة للمسار الذي دارت بنا الدوائر ووصلنا لنقطة نهايته ، ولست أتحدث عن الرأي الشخصي المبني على المعايير الأخلاقية أو حتى الفنية لما طفى على السطح من كيانات فنية جديدة ، على رأسها قطبي الغناء الجُدد “المهرجانات” ، و “الراب” .. فإننا لابد أن نوثق الأسباب التي آلت بنا لتلك النتائج .. فقط كي لا يخرج علينا أحدهم يلعن الزمن ومزاج الجمهور .. هذا ما اقترفته أيديكم .
منذ أن ظهر “أوكا و أورتيجا” وسخر الأباطرة وقتها ومن كانوا يتزعمون سوق الغناء من هذا اللون الغريب الذي احتل أرض الغناء طولًا وعرضًا، وجعل من أهل الطرب ضيوفًا عليها ، مهمشون ، قليلو التفاعل لدرجة لا تتناسب مع التاريخ الكبير الذي نُسف نسفًا ، ووضع على قبره وردة بيد من قطفها . جميعًا نعرف القصة منذ البداية وكيف تعالى نجوم الطرب على التماشي مع حركة الزمن فدهستهم بلا شفقة .. لكننا نريد توثيق الخطأ الكبير الذين وقعوا فيه .. الخطأ الذي لن يغتفر ، معاملة الجمهور على إنه هدية مضمونة ، معاش مأمون الصرف في أي وقت .. متناسون أن سوق الفن هو الفكرة الضمنية للقطاع الخاص من الأساس .. أنت عالي الجودة إذًا أنت مطلوب .
يتبارى الفنانون حاليًا في سباق ضاري للتعاون مع شباب اللون الجديد ، أن يضموهم تحت جناحهم في محاولة فاشلة لتدجين الراب ، والمهرجانات .. محاولات عديدة للتعاون ، أو بمعنى أصح ركوب الموجة الجديدة ، الموجة التي طالما قوبلت بالسخرية تارة ، وبالتجاهل تارة ، الآن خرج العملاق السئ من غاطسه وأخرج لسانه للجميع .. كما إن فطنة شباب اللون الجديد منعتهم من الانزلاق في حيز التبعية للصناع الأصليين .. فقط يظهرون بالمساحة التي تكفي للانتشار ، لكنهم يحفظون لأنفسهم مساحتهم الخاصة لجماهيريهم الذين يعشقوهم في الظلام .. بعيدًا عن الأُطر الرسمية للنجومية ، حيث التليفزيون والراديو . حيث أصبح الأصليين أطباق النيش اللامعة التي لا استخدام لها .
وإن أردنا الإمساك وتوثيق نقطة التحول الكبيرة التي أفضت إلى كل ذا السيناريو ، فإنه لا يوجد أكبر من تمسك كل فنان بلونه ، وتمسك كل منتج بقالب معين لكل فنان دون محاولة تغيير ، ولا ينفك سوق الغناء عن هذا .. حيث هذا لا يغني إلا لحبيبته ، وهذا لا يغني إلا للشمس والبحر ، وهذه التي تشحذ حبيبًا من خلال عشرين ألبوم متتالي .. نفس الطريقة التي سقطت بها شركة “نوكيا” للموبايلات ، حيث التكبر على التغيير ، والأنف العالي على الواقع .. فما كان من الزمن إلا أن أدار مفرمته بامتياز وعاقب كل المتعالين .. وأصحاب الرعب من التغيير .. فصنع سوق غير متنوع ، أنت تعرف الألبوم قبل أن ينزل ، كلماته ولحنه وربما تتوقع عناوين الأغاني الجديدة .. وعدم التنوع يخلق هشاشة يسهل اختراقها ،في ظل أن هذا مملًا وهذا دائمًا ما يصنع المفاجأة .. والمجد دائمًا للمفاجأة .. سواء أكانت سارّة أم مفاجئة سخيفة .. ولا ختام أدق مما قاله أحد (لصوص الأوتوتيون) حينما كان يستعرض قصة كفاحه المزيفة قائلًا : “كنت أغني ولا أحصل سوى على آلاف قليلة من الجنيهات ، وحين اتجهت للمهرجانات أصبحت أمتلك خمس سيارات” .. والحقيقة أنه لا صوت ولا يحزنون لكنه حقق المفاجأة فقشّ الكوتشينة . هذا ما اقترفه أهل الطرب الأصليون ، فإليكم نتيجته .. السور الواطي يطمّع اللص كالمال السايب !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال