همتك نعدل الكفة
76   مشاهدة  

بيرلو (3).. “مثل تيتانك!”

بيرلو


صباح عادي، لا شيء مميز، فنجان القهوة يئن من نصف طن البن الراقد بداخله، يصرخ في وجهي: ”دا نوى بلح يا معلم”.. الهيئة الخارجية تبدو كمثل البن، لكن المذاق يختلف، هكذا هم لاعبو كرة القدم، الكل يرتدي شورت وفانلة، لكن كما قال ميمي الشربيني: “التاريخ يرفع يديه للموهوبين وينسى دون اعتذار أنصاف اللاعبين”.. فالعثور على “تلقيمة بن” حقيقي في هذا الزمن، يشبه العثور على موهبة كبيرلو!.. الأمر يحتاج إلى معجزة.

بيرلو؟..حسنا، ما يفسده البن، تصلحه مذكرات بيرلو.

تيتانك!

كنت أندريا بيرلو آخر لفترة من الزمن، أرادني البعض في ميلان، محبطا، مهزوما، منزوع الفتيل وملقا جانبا، لا أستطيع الركض وتقترب مسيرتي من نهايتها، كسفينة تيتانك الراقدة في قاع المحيط كنت أبدو وكانوا يريدون، لكن لا.. ليس الآن.. من أراد لي ذلك مجنون، أنا بيرلو ولست مثل الآخرين.

بعد 111 سنة.. أول تحرك من العلماء لإجراء عملية مسح للسفينة «تيتانيك» - الأسبوع

لست مغرورا، لكني تعلمت كيف أقدر حق نفسي، وكيف أتعايش. منذ صغري كان الزخم حولي، أسمع الجميع يتحدث عني: فريد، مميز، مُقدر.. هذا من ناحية.

Image

في الجهة المقابلة، كان أبي يفر من مدرجات بريشيا كي لا يستمع إلى التعليقات السلبية، ولم تنج أمي من نيران تلك التعلقات: “من تظنين أنه سيكون؟ مارادونا؟” هذا السؤال كان يتردد على مسامع أمي يوميا، كانوا يتهكمون ويسألون بدافع الحسد، لكنهم حقيقة الأمر كانوا يمنحونني أكبر إشادة: “مارادونا.. اللعنة!!”.

الكبار ضد طفل مثلي؟.. التحدي لم يكن عادلا، لم أتمكن من الدفاع عن نفسي جيدا، كنت أفعل كل ما اتهموني به.

ضد العالم

في الملعب كنت أركض وأصرخ في زملائي: “مرروا لي”.. لكن لا مجيب، لا أحد منهم يراني، أو بالأحرى، لا أحد يريد أن يراني، كانوا يعرفون أنني الأفضل، والغيرة أعمتهم عن أماكن تواجدي في الملعب، لم أجد إلا البكاء، كنت أبكي بينما أواصل الركض، لم أخجل من البكاء أمام الجميع، وقررت أن ألعب ضد العالم!.

لا ينقصني شيء، 21 لاعبا لا يستطيعون إحراز هدف واحد، إذن سأفعلها وحدي، أخذت الكرة وراوغت كل من في الملعب حتى زملائي، كأني أرد كل طعنة سددوها إلي، لم يدر بخلدي أن أصبح ظاهرة جديدة، فقط طفل في الرابعة عشر من عمره تحركه غرزيته، قطعت الكرة مرة ومرتين ومائة، وراوغت الجميع وسددت وأحرزت. كان علي أن أثبت أنني الأفضل، أن ألعب بمقاييس أفضل من الجميع، خطواتي الصغيرة يجب أن تكون أكبر من الجميع، ما يعتبرونه مقبولا، أعتبره خسارة.. تلك الانتفاضة كانت قوتي الدافعة.

Andrea-5

إقرأ أيضا
بيرلو

في تلك الأيام قلت لنفسي: “أندريا.. لديك قيمة لا يجب أن تعتبرها كعبء، الرب كان سخيا معك، خلقت وأنت جيد بالفعل، لديك تلك اللمسة السحرية، هل تريد أن تصبح لاعب كرة قدم؟ هل تريد تحقيق هذا الحلم؟ إذن اذهب وانتزع الكرة دائما، إنها تنتمي لك والحاسدون سارقو المشاعر لا يستحقونها، كن مثل أبيك واقفز إلى الجهة المقابلة للمحبطين، انطلق”.

في الحقيقة، حتى هذا اليوم لا أشعر أنني متفرد أو لاعب لا يمكن تعويضه، لكن لا يمكنني أن أشرح كل شيء لكل هؤلاء الذين يدرسونني بسطحية كبيرة، لكني على الأقل توصلت إلى استنتاج، أعتقد أني فهمت الأمر: هناك سر، أنا أنظر للعبة بشكل يختلف عن البقية، هي مسألة زاوية نظر، نظرة للمدى البعيد، لمحة أشمل:

لاعب الوسط الكلاسيكي ينظر إلى الأمام ويرى المهاجمين، أنا في المقابل حين أنظر للأمام أرى المساحة التي بيني وبين المهاجم لكي أمرر من خلالها الكرة، تكتيك هندسي بحت، أرى مساحة أكبر، فأمرر الكرة بسهولة أكبر.. قارنوني بيجاني ريفيرا الذي لم يسعدني الحظ لرؤيته، لكنهم يقولون أني أشبهه في هذه النقطة، بصراحة لم أهتم بالبحث عن مقاطع فيديو لريفيرا، لا أشبه أحدا، ولست مهتما أن أكون نسخة من لاعب قديم، ولا مهتم كذلك بأن يكون هناك لاعب بعدي يشبهني، رغم أن الوقت مبكر على ذلك، لكني في النهاية أؤمن أن دوللي لن تكون أبدا هي نفسها المستنسخة.

سيرة بيرلو 2 حين طردت من حديقتي

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان