همتك نعدل الكفة
80   مشاهدة  

سيرة بيرلو (5).. من قتل جون لينون؟



لا شك أنني أستمتع بالكتابة عن بيرلو. القراءة ممتعة وكرة القدم ممتعة وبيرلو ممتع، ثالوث يجعل فعل الكتابة ممتعا رغم ما تسببه الكتابة لي من إرهاق.

بالنسبة لي، القراءة أسهل دائما من فعل الكتابة. 19 عاما في بلاط صاحبة الجلالة، لكني لطالما شعرت بأني لست صحفيا بما يكفي، أجد الكتابة مرهقة إلى حد بعيد، منذ الصف الأول في المدرسة الابتدائية وأنا مذيع، لم يرسم لي مخي طريقا آخر، فقط اعطني “الحديدة” واترك البقية لي، أما أن أكتب فهذا دائما يعني أنني في موضع اختبار، إجبار، شيء من هذا القبيل.

قال لي بلال فضل إنه كان يعاني نفس المشكلة، لا يريد أن يجبره أحد على الكتابة بانتظام، لكن إبراهيم عيسى نجح في تحويله من هاو إلى محترف بإلزامه بالكتابة اليومية. كانت نصيحة بلال لي: “استكتب نفسك”. من آن لآخر أحاول الاستماع إلى نصيحته، وربما تكون “سيرة بيرلو” هي إحدى تلك المحاولات التي قررت بدأها بعد أن هاتفتني رشا الشامي: “بقى لك كتير ماكتبتش.. عايزاك معايا”.. يلا منهم لله الاتنين.

اقرأ أيضا:

سيرة بيرلو (1).. لا تستخدم هذا القلم في التوقيع ليوفنتوس

سيرة بيرلو (2).. حين طردت من حديقتي!

سيرة بيرلو (3).. مثل تيتانك!

سيرة بيرلو (4).. الرجل الأسود!

نعود إلى بيرلو، الذي يبدو أن ميلان بالنسبة له كالكتابة للصحافة بالنسبة لي، شيء لا يريد تركك رغم كل محاولاتك وأحلامك التي تراها لن تنمو إلا في أرض أخرى!.

بيرلو: وقعت لـ ريال مدريد من قبل.. وجوارديولا كان يريد ضمي إلى برشلونة - 365Scores

10 أيام!

بعد الفوز بكأس العالم، كنا نقرأ عن إمكانية هبوط ميلان للدرجة الأدنى، ثم صدر قرار بخصم 15 نقطة، بعد ذلك ظهرت إمكانية إلغاء بعض البطولات التي حصل عليها الفريق، كنت أشك : ربما من قتل نجم البيتلز جون لينون هو أحد إداريي ميلان وليس مارك شابمان!.

مستقبل ميلان في هذا الوقت كان ضبابيا، الأمور لم تكن واضحة إلا أمرا واحدا: يستحيل أن ألعب في السيريا بي مع أي ناد. ولو رحلت عن ميلان لن أشعر أبدا بأنني خائن. اللاعب يجب أن يبحث دائما عن اللعب في مستويات عالية ومن أجل أهداف أكبر، وبصراحة لست مضطرا لدفع ثمن أخطاء الآخرين. من أفسد شيئا فعليه إصلاحه وتحمل عواقب ما فعله.

بعد الاحتفال بكأس العالم حصلنا على إجازة 10 أيام فقط.. تلك الأيام اتصل بي فابيو كابيللو، والمدير الرياضي فرانكو بالديني، الجميع كان يتصل بي. اتصلت أنا أيضا بوكيل أعمالي لأطلب منه أن يستمع إلى ميلان. في هذا الوقت كان علي العودة إلى ميلانيلو وكان يبدو أن ميلان سينجو من عقوبة الهبوط ثم سيلعب الدور الأول من دوري أبطال أوروبا أمام النجم الأحمر.

توليو تينتي أوقفني: انتظر قبل العودة، سأستمع لريال مدريد مجددا، إذا كنت ستخرج من فورتي دي مارمي فاذهب إلى بيتك في بريشيا ولا تغلق هاتفك.. ستتلقى مكالمة قريبا”.

فعلت ذلك، وفجأة جاءني اتصال:

– مرحبا أندريا، أنا فابيو كابيللو” (أحد أنجح المدربين في التاريخ على الهاتف معي.. قمت بالرد عليه بسرعة)

= مرحبا سيدي.. هل أنت بخير؟

– أنا بحالة عظيمة، وأنت ستكون كذلك، تعال إلى الريال معنا، سأجعلك تلعب في الوسط مع إيمرسون، اشتريناه توا من يوفنتوس.

= حسنا

لم يستغرق الأمر وقتا لإقناعي، فقط أقل من دقيقة، ربما لأنني رأيت العقد قبل ذلك ودرسه توليو جيدا.

توليو كان قد ذهب إلى مدريد وكنت على الهاتف معه، كنا أشبه بمراهقين في مكالمة ساخنة، يقول لي “أندريا الأمر على وشك أن يتم”.. “أنا متحمس لهذا توليو”.

بيرلو أمام ريال مدريد
بيرلو أمام ريال مدريد

المعبد

فكرت في شكلي بالقميص الأبيض، هذا القميص النقي والعدواني في الوقت نفسه، فكرت في المعبد، برنابيو، ذلك الملعب الكبير الذي دائما ما أراه مخيف للخصوم.. فجأة:

– مرحبا توليو.. ماذا نفعل الآن؟

= أراك على الغداء بعد أيام

– أين؟.. في تكسيستو.. في قلعة أنخيل كاربايو؟

= لا أندريا.. في الميلانيلو

– ماذا؟.. الميلانيلو؟. هل جننت توليو؟

= نعم أندريا، في الميلانيلو، جالياني لم يوافق بعد.

عدت إلى ميلانيلو واجتمعنا في تلك الغرفة التي يأكل فيها الفريق دائما، القريبة من المطبخ ومن تلك القاعة التي يأتي فيها بيرلسكوني ليلقي جميع أنواع النكات. ذلك المكان هو الخط الفاصل بين النقطة الأفقر في ميلانيلو وبين النقطة الأغنى، بين الإنسانية وبين القوة الغاشمة.

إقرأ أيضا
الدوري
جالياني وبيرلسكوني
جالياني وبيرلسكوني

كنت أتأرجح بين الميلان والريال في تلك اللحظة.. تحدث وكيلي توليو تينتي أولا:

– أندريا سيذهب إلى ريال مدريد.

= نعم سأذهب.

نظر إلى جالياني مليا ثم قال: “لا يا عزيزي لن تذهب إلى أي مكان”.. وبحركة سينمائية، سحب تلك الحقيبة الصغيرة من تحت طاولته بطريقة جعلتني أبتسم، إذ اعتقدت أنه يخبئ شيئا كبيرا مثل مونيكا لوينسكي تحت طاولة بيل كلينتون ( أحيانا تأتيني أفكار مجنونة من هذا النوع حقا).

أخرج رجل الأقلام عقدا من حقيبته وقال: “لن تذهب إلى أي مكان لأنك ستوقع على هذا العقد، مدته خمس سنوات، والقيمة غير مدونة، بإمكانك أن تكتب أي مرتب تريده”.

“هذا العقد سيبقيني لو كنت مكانك”.. قالها توليو. احتجت للوقت لحسم أمري. كنت تلقيت استدعاء من المنتخب فذهبت إلى الكوفرشيانو، وتكرت توليو يفكر في العرض. طوال أيام تالية لم أتحدث إلى أحد. كنت أتحدث الإسبانية، أحلم بإسبانيا، حتى حين ركبت الطائرة شعرت بأنها ستهبط بي في مدريد.. فجأة هاتفني توليو:

– ستوقع مع ميلان مجددا.. لن يدعوك تذهب.

= لا

– نعم ستوقع

= حسنا لا بأس.

يعتقد الناس أن بعض القرارات تستغرق ساعات طويلة وربما أياما وشهورا، لكن هذا ليس صحيحا على الإطلاق. عندما تأمرك غريزتك بشيء، فإن بنود ذلك العقد تجبرك على أمر آخر، ثم تخرج بعدها لتتحدث إلى الصحف بأنك اتخذت القرار الصحيح، خاصة حين يسألونك: “هل وقعت لريال مدريد بالفعل؟”.. فتجيب: “لا أنا بخير مع الميلان”.. اللعنة!

من السيء أن الأمور انتهت بهذا الشكل، كنت أود الرحيل إلى مدريد، الريال لديه سحر أكثر، لديه مستقبل أفضل، جاذب بشكل أكبر ولديه كل شيء.. بكل الأحوال، في نهاية الموسم فزت بدوري الأبطال مع الميلان وهذا الأمر واساني، كان يمكن أن تكون الأمور أسوأ بكثير.

كابيللو وبالديني انزعجوا من الطريقة التي أعلن بها وكيلي بقائي في ميلان – لديهم حق -، بالديني قال لي “لم أنجح في التعاقد مع في أي مكان عملت به، لاحقا أراد ضمي لروما. بالديني شخص رائع وقوي في عمله، حدثني عن روما والظروف الرائعة للنادي، لكن المشكلة أنني لم أتحمس لمشروع المالك الأمريكي الجديد.. شكرا روما وشكرا إسبانيا، لأنه بعد ريال مدريد، حاول معي الطرف الآخر من الحلم، برشلونة يريد التعاقد معي.. لكن هذه حكاية أخرى.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان