همتك نعدل الكفة
354   مشاهدة  

سي السيد الأستاذ نجيب محفوظ !

الأستاذ نجيب محفوظ
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



نجيب ابن لأسرة محافظة تتكون من أم ربة منزل، وأب موظف بالدولة لم يقرأ من الكتب غير القرآن الكريم، وأربعة أخوة، وأختين.

نجيب كان أصغرهم، كان الفرق بينه وبين من قبله في حدود العشر السنوات. وقد تخرج من جامعة فؤاد الأول – جامعة القاهرة حاليًا- وحصل على ليسانيس الآداب قسم الفلسفة عام 1934م، وكان محفوظ مفتوناً بدراسة الفلسفة حتي أنه كان الثاني على دفعته، وقد قرر أن يهب نفسه لهذا المجال الفكري فإلتحق بالدراسات العليا وكانت له رسالة ماجستير تحت عنوان “مفهوم الجمال في الفلسفة الإسلامية” تحت إشراف مصطفى عبد الرازق.

أما الكتابة الأدبية فكانت بدايتها مع مجلة الجامعة، وكانت تُسمي “المجلة الجديدة” وكان المفكر سلامة موسى هو المسئول عنها.

ثلاثية مصر القديمة - الأستاذ نجيب محفوظ
ثلاثية مصر القديمة – الأستاذ نجيب محفوظ

وهو أيضاً من اكتشف موهبة محفوظ وقدم له أول أعماله الروائية: “مصر القديمة” عن طريق الصدفة، والحكاية أن سلامة موسى سأل محفوظ ذات مرة: “ماذا تفعل هذه الأيام؟”.

فرد الأستاذ نجيب محفوظ : “بشخبط”.. وطلب منه أن يري تلك الشخبطة وإذ بها مخطوط لرواية جيدة تستحق النشر، وتم النشر بالفعل…

لذا فإن الشيخ مصطفى عبد الرازق والمفكر سلامة موسى هما أهم شخصيتين أثرا في حياته الفكرية والأدبية. وبين تناقض الشخصيتين عاش نجيب حياة فكرية متناقضة أيضاً…

ولكن، قبل أن نغوض في مسألة التناقض تلك علينا أن نقول أن نجيب قد تأثر في بداية مشواره الأدبي بـ سلامة موسى الذي كان يري أن حضارة مصر القديمة يمكن أن تكون داعماً جيداً لمستقبلها، ومن هنا قرر نجيب محفوظ أن يبدأ في مشروع روائي ضخم يعيد من خلاله حكي التاريخ القديم بشكل روائي جذاب، وقد بدأ بالفعل بالحضارة الفرعونية في أولي أعمال فكتب مصر القديمة، همس الجنون، عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة.

وإن كانت رواية “رادوبيس” قد حصلت على جائزة مناصفة مع الروائي أحمد باكثير، وكان قدّرها 20 جنيهاً، وهي أول جائزة يحصل عليها نجيب في حياته… فإن باقي الأعمال لم تلفت النظر إليه، ولم تحظِ بأي اهتمام نقدي أو من جانب القارئ، رغم كثافة النقد وقتها ورواج الكتب وحركة الترجمة المنتشرة، فـإذا قارنا بين أولي أعمال نجيب الروائية وأول رواية لـ توفيق الحكيم مثلا، وهي “يوميات نائب في الأرياف” سنجد أن تلك الرواية قد نالت استحسان النقاد، وتم ترجمتها في فترة وجيزة إلى أكثر من 30 لغة وبيع منها عدد مهول! وتلك المقارنة تكشف لنا أن صناعة الكتب وقتها كانت بخير، وأي خير والله!

القاهرة الجديدة لـ الأستاذ نجيب محفوظ
القاهرة الجديدة لـ الأستاذ نجيب محفوظ

لعل ذلك ما دفع محفوظ ليعيد التفكير في مشروعه الضخم، بل تركه تماماً للصالح الواقع، وهي المرحلة التي تُعرف باسم “الواقعية عند نجيب محفوظ” وقد بدأها بكتابة رواية “القاهرة الجديدة” وفيها بدأ يلتفت للواقع المعاش، يرصده ويدقق في شخوصه ويتوقع نهايته، ثم جاءت رواية “خان الخليلي” وهي الرواية المتعلقة بالمكان، كان قد توقف عن التنكيب في التاريخ وراح ينشغل بالمكان.

ثلاثية نجيب محفوظ
ثلاثية نجيب محفوظ

أما الثلاثية فقد كانت أمر مختلف تماماً، فالأمر لم يكن يتعلق بالأماكن فقط قصر الشوق، بين القصرين، السكرية. وإنما تعلق أيضاً بفن السيرة الذاتية وإن جاءت بشكل غير مباشر وملتوي، فالسيد أحمد عبد الجواد هو الجد الأكبر لنجيب محفوظ والسيدة أمينة لم تكن غير الجدة أما كمال الصغير فلا يختلف كثيرًا عن نجيب الابن..

وهنا لنا وقفة عند شخصية سي السيد والست أمينة، وإن كانت الست أمينة مختلفة كلياً عن ما تناولته السينما من كونها زوجة مسكينة وراضية وغير جميلة وقليلة الحيرة بينما الشخصية التي رسمها محفوظ في روايته مناقضة لذلك، فهي زوجة جميلة تزوجت في سن حدث من رجل يكبرها بأعوام تضاعف عمرها، لا تري أي غضاضة في أفعال زوجها فهو الرجل الذي بإمكانه أن يفعل ما يحلو له! فهو يسأل ولا يُسأل، ثم هناك البنتين عائشة وصفية، وهما بنات مقهورة تماماً ولا يحق لهما حتي اختيار الزوج المناسب، ولا التذمر أو الرفض، وهما في العمل لم تنزلقا لسوء، كل نساء الثلاثية بما فيهم “مريم” كانت لهن سقطاتهن إلا صفية وخديجة.. لماذا؟ لأنهن نساء العائلة! لذلك فالأم يجب أن تكون أمينة والبنات عائشة وصفية!

رواية المرايا
رواية المرايا

ولو فتشت في أعمال الأستاذ نجيب محفوظ عن الأم، أمه هو، لن تجد سوي بعض الإشارات في رواية “المرايا” وأخرى في رواية “حكايات حارتنا”.. وجميعها لن تخرج من كونها امرأة تعيش في الظل، لا دور لها غير العناية بالابن والاهتمام بشئون الأب.

أما مقولة المشهورة “قد يكون بين الموظفات مستقيمات كما قد يكون بين ربات البيوت منحرفات” هي جملة تكررت في معظم أعماله الروائية! كما أنه انتقد بشدة عمل الفتاة المصرية في الوظائف الحكومية، لأن ذلك يؤدي إلى انحلال الأخلاقيات في الدواوين الحكومية، بالإضافة إلى تفكك الأسرة وانهيار الأخلاق.

وهي نظرة دونية للمرأة العاملة التي يراها نجيب أن الشائع بينهن أن تكون منحرفة! ولعل تلك النظرة لم تكن قاصرة فقط على أعماله الروائية بل لها جذور في واقعه وأسلوب حياته مع النساء.

إقرأ أيضا
البنك الدولي

وهو ما أعرب عنه خلال حواره مع رجاء النقاش  “في الفترة التي سبقت زواجي عشت حياة عربدة كاملة، كنتُ من رواد دور البغاء الرسمي والسرّي، ومن رواد الصالات والكابريهات، ومن يراني في ذلك الوقت لا يمكن أن يتصور أبداً أن شخصاً يعيش مثل هذه الحياة المضطربة، وتستطيع أن تصفه بأنه حيوان جنسي، يمكن أن يعرف الحب أو الزواج، كانت نظرتي للمرأة في ذلك الحين جنسية بحته، ليس فيها أي دور للعواطف أو المشاعر. ثم تطورت هذه النظرة وأخذت في الاعتدال بعدما فكرت في الزواج والاستقرار”.

ولكن، تلك النظرة الجنسية للمرأة لم تتطور كثيراً بل تراجعت لتنحصر في دور الزوجة المطيعة التي تعمل على خدمة زوجها دون اعتبار يُذكر لكونها إنسانة لديها تطلعات مستقلة وأحلام وطموحات تسعي لها..

فالزوجة : السيدة عطية، هي ربة منزل، ممنوعة من مناقشة زوجها في أي شئ، لا تناديه بغير الأستاذ – وهو لقب يشبه سي السيد كثيراً- تعمل في إطار جدول حدده الأستاذ، فالقهوة بميعاد، والغداء بميعاد، وربما الحب أيضاً، فما الاختلاف بين الست أمينة والست عطية؟

لم يشاركها في أفكاره، طموحه، فنه، حياته الشخصية. جعل حياتها قاصرة على المنزل وتربية البنات: فاطمة وأم كلثوم! وما أكثر  الشبه بينهما وبين عائشة وصفية بنات سي السيد.

حرمهما من التمتع بالفن الذي عاش له، من التمتع بالحياة التي استهلكها تماماً..  إذا كان القهر يعني أن تجبر شخص ما أن يعيش الحياة التي تختارها له، دون أن تترك له مساحة من الحرية، من إبداء الرأي، من الاختيار. فإن نجيب محفوظ قهر المرأة، الزوجة/الابنة واختزل دورها – كأي رجعي- في الأعتناء بالرجل والأبناء والمنزل، بينما يحق للرجل أن يفعل ما يشاء فـهو سي السيد.

الكاتب

  • الأستاذ نجيب محفوظ عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان