“شاي الشيخ الشريب”.. سائق بسيط السبب في شهرته ومباراة مع ريال مدريد تسببت في انهياره

البطل الأول لضبط مزاج المصريين هو كوب الشاي، الذي يُعد محطة أساسية في يومهم، وكان الشاي قد بدأ طريقه كـ نبات غير مفهوم قيد التجربة والاختبار، ثم صنفه الأوروبيون بعد ذلك كدواء يتم بيعه في أماكن بيع العقاقير، ثم أقام رجل إنجليزي شركة الهند الشرقية التي تصدر الشاي من الهند لـ لإنجلترا، وحقق الشاي نجاحًا غير عادي مُقارنة بمنافسيه من النباتات الأخرى، وبعد ذلك خاض رجل الأعمال توماس ليبتون تجربة الشاي وكان أول من اخترع “باكو الشاي” ، ومن وقتها أصبحا شريكين في رحلة نجاح عظيمة مستمرة حتى الآن في جميع أنحاء العالم.

وقد كان للمصرين عدة تجارب رائعة مع الشاي حيث كان هناك العديد من الأنواع، أشهرها كان شاي الشيخ الشريب، ففي فترة الستينيات وحتى الثمانينات كان لا يخلو بيت أو محل من بوسترات، ونتائج حائط عليها صورة ذلك الشيخ العجوز المبتسم، ويقوم بصب الشاي في كوب زجاجي صغير مع كلمة الشيخ الشريب، وطبيعي أن يتبادر إلى ذهنك أن تلك الصورة تعود إلى صاحب المصنع، ولكن في الحقيقة أنها تعود إلى شخص أخر ، فمن هو ذلك الشخص؟ ، وكيف بدأت قصة نجاح الشيخ الشريب؟، وكيف تسببت مباراة كرة قدم في انهياره ؟.

بداية الشيخ الشريب

“علوي الجزار” شاب طموح تخرج من كلية الزراعة، وقرر أن يخوض تجربة صناعة الشاي، حيث كان يستورد الشاي الخام ويقوم بتصديره مُصنعُا إلى معظم الدول العربية، وأصبح شاي الشريب هو الشاي الرسمي عند المصريين رغم وجود عدد من المنافسين له مثل شاي زوزو من إنتاج مصنع الحوامدية، وشاي كراون إنتاج مصنع بورسعيد، ولم يكن الذي المجال الوحيد الذي تفوق فيه “الجزار”، حيث كان شريكًا في مصنع كوكاكولا بنسبة 70 % من الأسهم، وكان لديه مصانع للسجاد و البلاط و الموبيليات والشربات وماركة البونبون الشهيرة ( فينوس) و كريم نيفيا، وكان صاحب مزرعة كبيرة بشراكة مع الخواجة أليكو انبثق عنها مطعم أندريا الشهير، وكان أيضًا صاحب سينما الفانتازيا الشهيرة في ميدان الجيزة وفندق شهرزاد، كانت تنطبق عليه مقولة يحول التراب إلى ذهب، وكان نجاح مشروع تصنيعه للشاي نموذجًا يستحق الدراسة.

من هو الشخص الموجود على بوستر الدعاية

من أهم أسباب تفوق الشيخ الشريب على منافسيه بخلاف الجودة، العقلية الدعائية التي يمتلكها علوي الجزار، حيث قام بربط المنتج في أذهان المصريين بملامح شخص مصري بسيط من بينهم و ليس نجمًا سينمائيًا، تشعر معه بقرابة ما أو بأنك حتمًا التقيت به، كما كان لإعلانات الصحف و المجلات دور كبير حيث وجهت الحملة الدعائية لـ صاحب القرار في المواد الغذائية بالمنزل وهي المرأة، وكانت صيغة إعلانات الشريب تقول: ” يقول علماء النفس بعد دراسة أن المرأة تفوق الرجل في القدرة على تمييز طعم المر والحامض والمالح والحلو وأنها أدق من الرجل في تذوق الطعم، ولهذا اختارت السيدة المصرية شاي الشيخ الشريب مشروبها المفضل “.

إ قرأ أيضًا….شُفت في الحلم (3) : هتلر يعمل فكهاني في المعادي

أما عن الصورة فالكثير من المصريين توقعوا أن تكون الصورة لصاحب المصنع نفسه، ولكن الحقيقة هي أن صاحب الصورة هو ” عم عرفة ” الذي كان يعمل سائقًا عند علوي الجزار، وقد كان الجزار يحبه ويتفاءل كثيرًا فقرر أن يجعل صورته رمزًا لمنتجه الأكثر انتشارًا في مصر.

مباراة مع ” ريال مدريد ” في القاهرة تتسبب في انهيار المصنع

إقرأ أيضا

ليلة وردة في جدة، فخامة الأسماء وحدها لا تكفي

من أحد نجاحات ” علوي الجزار ” في فترة الستينيات هو توليه رئاسة نادى الزمالك، حيث كان أصغر من تولى هذا المنصب سنًا ( 38 عامًا)، وكان صاحب أقل فترة رئاسة حيث تولى المنصب لمدة عام واحد فقط، ولكنه حقق الكثير من الإنجازات الكبيرة للنادي خلال هذا العام، وقرر أن يستضيف على نفقته فريق كرة القدم العالمي ” ريال مدريد “، ليلعب مباراة ودية مع الزمالك في القاهرة، وقد كانت هذه المباراة حدثًا عظيمًا، لكن للأسف كانت سببًا في تأميم ممتلكات علوي، حيث كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يُشاهد المباراة تليفزيونيًا، و كان الجزار يجلس في المقصورة إلى جوار رئيس نادى ريال مدريد، وقاما بإشعال سيجارًا فخمًا، فسأل عبدالناصر عن الشخص الذى يُدخن السيجار إلى جوار الضيف الأجنبي فقالوا له أنه علوي الجزار، فسألهم هل تم تأميمه أم لا ؟، وكانت الإجابة لا، فكان قرار التأميم.

وكان القرار عنيفًا للغاية، وأخذ ” الشيخ الشريب ” في التراجع حتى أصبح اسمه مجرد ذكريات، بعد أن كان أول من نظم صناعة الشاي، وتسويقها بشكل حقيقي في مصر منذ دخوله إلى أرضها.

المصدر
كتاب صنايعية مصر