طلعت زكريا.. الرجل الذي أنهى رحلته باختياره
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
منذ فترة كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء حول إجابة سؤال لماذا هناك العديد من الممثلين الموهوبين الذين لم يصبحوا نجوم أو لم يكونوا أبطالًا في أعمال فنية؟ وهنا تذكرت إفيه من العظيم -الذي لم يكن يومًا بطلًا لعمل سينمائي – توفيق الدقن حينما قال “لما كلكوا عايزين تبقوا فتوات!! إمال مين اللي هينضرب؟!” لأجد أن هذه المقولة تنطبق على السينما إذا أصبح الجميع أبطال فمن يقوم بدور السنيد؟!
قبل البطولة
الحقيقة أن النجومية، وسباقات شباك التذاكر، لها قانونها الخاص، قانون لا معايير له، فهذا الشباك يرفض ويقبل بلا ضوابط، وهو من يقرر أين سيقف الممثل في أي منطقة سيكون على مضمار البطولة، ولكن الأغرب أن الوصول إلى هذا الشباك والحصول على رضائه قد يكون سببا في نهاية كوميديان كما حدث لطلعت زكريا.
الحقيقة، أنه قدم نفسه على المستوى الكوميدي على انه كوميديان جيد قادر على الوقوف أمام أسماء كوميدية كبيرة مثل سعيد صالح وسمير غانم وعادل إمام وغيرهم، وبالفعل كان هو موهبة تمثيلية جبارة لم نشاهد منها إلا أقل القليل، استطاع بموهبته وحضورة فرض نفسه ليصبح أحد أهم أسماء الأدوار الثانية مع العديد من النجوم إلى أن جاء فيلم قصة الحي الشعبي.
مع نجاح فيلم حاحا وتفاحة، أصبح من الممكن أن يحمل على أكتافه مهمة بطولة فيلم، ففي التجربتين السابقتين ” قصة الحي الشعبي” و”حاحا وتفاحة” تقبل الجمهور مشاهدته بطلًا للعمل وسط مجموعة من نجوم الأدوار الثانية، ليجازف بعدها طلعت زكريا بتصدر الأفيش بمفرده للمرة الأولى.
وفي رأيي كان اختياره للفيلم الذي يقوم ببطولته هو الأختيار الذي قضى عليه تقريبا، فحينما ننظر إلى عام صدور فيلم طباخ الرئيس البطولة المطلقة الأولى له، الذي عرض في 2008، لعرفنا لماذا كان هذا الاختيار في رأيي هو الاختيار الذي كان سببا في نهاية رحلة زكريا وشباك التذاكر.
فخ اللسان
ففي الوقت الذي كان يشهد فيه الشارع المصري تيارًا معارضًا لسياسة نظام مبارك وفكرة التوريث التي أصبحت الحديث الأول في مصر وقتها، إضافة لما سمي وقتها بفساد الداخلية في ظل انتشار حوادث انتهاكات وتعذيب في اقسام حبيب العادلي، جاء طلعت زكريا بفيلم طباخ الرئيس الذي يحمل مبدأ المعارضة السينمائية الشهير “الرئيس جيد ومن حوله هم الفاسدون” في إظهار صورة رئيس الجمهورية بشخص عادل وحكيم يحتاج فقط إلى شخص صادق يروي له معاناة الشعب ليقوم بتصحيح الأوضاع وهو ما رفضه الناس وقتها، ورغم أن الفيلم لم يفشل من حيث سباق الإيرادات وقتها ولكن بدأ تتكون صورة سلبية عن طلعت زكريا كأنه من رجال النظام.
ومع عام 2011 انتهى عمره الفني تقريبا، فبعد ثورة 25 يناير خرج طلعت زكريا خلال فترة الـ 18 يومًا ليهاجم من في ميدان التحرير، ليسقط طلعت زكريا في فخ لسانه، زكريا لم يتعلم من العديد ممن أسماهم اساتذته الذين التزموا الصمت ولم يعلقوا على الأحداث لا مع ولا ضد، بينما قرر أخرون أن يحددوا موقفهم إما مع أو ضد، وكل طرف يعلم جيدًا خسائره إذا سقطت كفته، وحينما سقطت كفة نظام مبارك سقط معاها العديد من الفنانين، وتناسي الشعب بعد ذلك سقوطهم عدا طلعت زكريا.
فتصريح طلعت زكريا عن ميدان التحرير كان خارج لعبة المعارضة السياسية، كان تصريف يمس شرف من في الميدان فلقد وصم طلعت زكريا في تصريحه جميع من كانوا هناك بانهم منحلين “بنات وشباب ومخدرات وعلاقات جنسية كاملة” كان هذا الفخ الذي سقط فيه طلعت زكريا، ويمكن اعتبارها التصريح الذي قتل نجومية صاحبه.
ومن تلك اللحظة لم ينجح عمل فني كان طلعت زكريا بطله، لا في السينما مثل فيلم الفيل في المنديل ولا حليمو أسطورة الشواطئ ولا على المسرح مثل رسمي فهمي نظمي أو بابا جاب موز، لقد قرر شباك التذاكر أن يسحب منه الحق في التواجد ضمن رواده، لتنتهي رحلة طلعت زكريا الفنية، بقراره واختياره.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال