همتك نعدل الكفة
219   مشاهدة  

طوفان الأقصى.. تأكيد تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يُقْهَر!

الجيش الذي لا يُقْهَر
  • - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد



في الحقيقة حطم المصريون في 6 أكتوبر 1973 أسطورة الجيش الذي لا يُقْهَر؛ لأن خراطيم المياه التي أذابت خط بارليف الحصين قالت ذلك بوضوح، والعبور العظيم قال ذلك بوضوح، وتفوق حماس العسكرية المصرية على الآلة العسكرية الإسرائيلية الجبارة قال ذلك بوضوح..

بلصق اليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر المجيدة (50 عاما مرت على الحرب العظيمة التي لا تنسى) قامت المقاومة الفلسطينية بعملية كبرى شاملة ضد الكيان الإسرائيلي في فلسطين المحتلة (عملية برية وبحرية وجوية)، أسمتها طوفان الأقصى، والاسم بذاته يدل على كبر العملية وشموليتها، لكن كأن التاريخ كان مقصودا، 7 أكتوبر 2023 (مدد شهر الغلبة العربية وفرصة العيد اليهودي سمحات توراة)، في حين أن الناس غافلون كالعادة، والمحتل الذي جرى اقتحامه أمنيا بالطائرات الشراعية البسيطة غارق بين طقوسه الدينية الحاخامية المتمادية ولهوه الدنيوي الشعبي المفرط، ويدعي اليقظة السرمدية، لا يحسب حسابا دقيقا لهبة الصدور الغاضبة التي يمكن حدوثها في أية لحظة!  

كشفت العملية المزلزلة ارتباك الجيش الإسرائيلي، بكل عدده وعتاده التي تقول شكلاً أنه الجيش الذي لا يُقْهَر أكدت للمرة الثانية، بعد بصمة المصريين الخالدة أنه يُقْهَر ويُقْهَر ويُقْهَر.. وربما كان هذا نفسه أهم ما أفضت إليه هذه العملية غير المتوقعة، والتي أطلقت عليها بعض المصادر، نظرا إلى حجمها وعمقها، تسمية الانتفاضة الثالثة، وقد كان اسم طوفان الأقصى لأنها بالأساس عملية ثأر سببها الإجرام المتكرر الذي يرتكبه الاحتلال في باحات الأقصى وفي القدس على حد سواء.. 

الوضع الميداني في منطقة غلاف غزة بين 7 و8 أكتوبر
الوضع الميداني في منطقة غلاف غزة بين 7 و8 أكتوبر

قتلت المقاومة عددا وافرا من الأعداء، واغتالت قادة ولواءات، وأسرت مدنيين وصورتهم مأسورين في وضح النهار، ضربت صواريخها إلى عمق تل أبيب، وسيطرت، إلى حين، على مواقع إسرائيلية مهمة في محيط قطاع غزة، واستولت على آليات عسكرية، وضللت أجهزة الاستخبارات الرهيبة بشيء من الخداع وبعض أساليب حروب الجيل الرابع، وأقضت مضاجع الجموع.. صدمت عدوها المتغطرس قدر ما أبهرت العالم بقدراتها العبقرية، وأبهرت العالم بقدراتها العبقرية قدر ما صدمت عدوها المتغطرس..

لا أكذب على الناس هنا فأدعي أن إسرائيل ضعيفة لكنني لا أكذب عليهم أيضا

فأدعي قوتها.. هي قوية وخائفة (خائفة لأنها تعلم كم هي مشتتة بالمعنى والمبنى وتعلم أكثر كم هي ظالمة ومكروهة)، والقوي الخائف كالضعيف بالضبط، تفضح الجسارة ضعفه بأقل الإمكانيات، وليت العرب ينتبهون إلى دلالة الرسائل الفلسطينية البليغة المتتابعة وافرة الخطورة والحسم..

طوفان الأقصى
طوفان الأقصى

تود أسرائيل أن تنام وتصحو فلا تجد حماس ولا جناحها العسكري (كتائب عز الدين القسام- الذراع الطولى المبادرة بتفيذ المهمات المستحيلة) ولا الجهاد الإسلامي ولا فصائل المقاومة المتعددة التي تعتبرها على وجه العموم إرهابا وتروج الأمر في العالم لتكسب تعاطفه، بل تود أن تنام وتصحو فلا تجد لغزة برمتها أثرا على الأرض، غزة التي هي عنوان المقاومة العريض، ولكن إسرائيل لن تنام مطلقا بعد ما جرى، ولقد كان وتركت نومها الآمن نسبيا فزعة في إثر الضربة المفاجئة المروعة، ولا عودة لما كانت تركته على الأرجح، بل قد ينتهي بها السهر المديد المستمر القلق إلى التعب الجسيم المؤدي إلى الهلكة، وهو مراد الذين يكرهون البغي الذي تمثله تلك الساحرة الشريرة!

وقع الطوفان في إسرائيل وقوعا، هذا ما أريد بثه بالضبط بصرف النظر عن تبعاته الآن، تبعاته التي لن تكون عادية ،ولن تكون ضيقة، ولن تكون فرجة مسلية بالمرة، بل ستقسم الرأي الدولي تقسيما في الأغلب، وهو ما حدث، وتنشئ اضطرابات بشتى البلدان، وهو ما حدث أيضا، وتوسع الاشتباك الحربي على الأرض المباركة التي دنس الغاصبون سوحها بشررهم المحرم دوليا وشرهم الشيطاني القديم، وهو الواسع أصلا كالحرب الضروس سيالة الدماء عالية الدواخين والأغبرة والأصوات..  

إقرأ أيضا
بيج ماك
الجيش الذي لا يُقْهَر
الجيش الذي لا يُقْهَر

المهم ألا خوف من إسرائيل بعد وقوعه، هذه هي الخلاصة التي يجب أن نتفهمها، بعد قراءة المشهد بتمهل، ومهما يكن من انتقام صهيوني، قد يكون أشد فظاعة من التخيل، فليس هو الانتصار، شتان ما بينهما، إنما المنتصر ذو الحق البين، ولو تدخلت أمريكا وذيولها مع إسرائيل، وإيران ولبنان وغيرهما مع الفلسطينيين، وهي التدخلات التي برقت مبكرا بالفعل، أعني لو انتقلت هذه التدخلات من مرحلة الدعم الخفيف غير ذي الأثر الملحوظ إلى الثقيل المؤثر جدا؛ فإن الموقف المعقد سيزداد تعقيدا بالطبع، غير أن السماء البصيرة لها تدخلها أيضا، تدخلها العاجل أو الآجل الذي لن يقر إلا الصواب الأتم، مواليا الشق العادل للقضية التاريخية موالاة كاملة، ورافعا علم القيمة ذات الثبات غير المشكوك فيه؛ لأن السحائب الحقانية تنطوي على الخير والجمال الخالدين وحدهما!

اقرأ أيضًا 
حيلة أهل غزة .. كي لا تموت مرتين يا ابن أمي

الكاتب

  • الجيش الذي لا يُقْهَر عبد الرحيم طايع

    - شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان