عبقرية طه حسين ..الكفيف الذي أقلق المبصرون!
-
أحمد حمدي
كاتب نجم جديد
يقولون إن الأسلوب هو صورة العقل في المرآة و من أكثر التفاصيل المزعجة في الشخص الناجح : “الإصرار ” هذا النفس الطويل يكرش نفس المتربصين وقبل الحديث عن عبقرية طه حسين اعتقد انه لم يكن يمتلك هذه الملكة وحدها ، فالطفل الضرير الذي فقد بصره قبل أن يرى الدنيا و تراه كان غاضباً ايضاً!.
في روايته عن نفسه ” الايام” حكى أنه كان يتصنت من خلف شباكه على اناشيد ” الحكواتي ” الذي كان يمر عندهم في القرية من حين لآخر في حين أن ذلك كان يزعج والده الذي اراده ان يكون مقرئاً و حافظاً للقرآن الكريم فقط و وصف كيف عنفه والده ذات مرة حين رآه يختلس الوقت ليذهب و يسمع هذه الحكايات ، أراد طه حسين أن يرى كيف ماذا يقول ” الحكواتي ” عن الدنيا وكيف يوصف الأثر و الأحداث و احس في ذلك تعويضاً عن عن بصره ، و اراد والده ان ينشغل بالقرآن فقط ورأى في ذلك تاميناً لمستقبله كما تصور أنه لا يستطيع أن يكون ابنه أكثر من ذلك.
و التحق طه حسن بالكتاب و من بعده الأزهر كما رأى والده وظل يختلس من ورائه سماع الحكايات ، وظل يسمع ويحفظ و يحب و يتعجب فانصرف كل تفكيره في الكلمة و الأسلوب فكان اكثر الاطفال تمرداً في الكتاب ثم الازهر رغم عدم بصره و ظل هذا يزعج الأساتذة كثيراً فارسلوه في بعثة دراسية إلى فرنسا كما كانت رغبته ، جادلوه فيها كثيراً و ارسلوه حين ظنوا أن في سفره هزيمته!.
كيف خدعت المخابرات السعودية وزارة الدفاع الأمريكية في معركة الصواريخ أرض – أرض؟
حين صدر كتابه الأول من هناك ” في الشعر الجاهلي ” والذي صاحبته ضجة كبيرة –حين كان للكتاب ضجيج و الذي يعتبر نقلة في التفسير واللغة حين أشار ” بأنه لا يستند على شرح الشعر القديم بالقرآن بل يستند على شرح القرآن بالشعر القديم ” و هى مسالة علمية له كبير الأثر و تناولها في كتابه ببحث كبير وكانت هدماً لكثير من مفاهيم الأزهر القديمة فهاجمه بعدها و كفره و قدم فيه بلاغاً للنيابة الذي جاء ردها منصفاً له.
عبقرية طه حسين
حيث قالت من حيث إن العبارات التي يقول المبلغون إن فيها طعنا على الدين الإسلامي إنما جاءت في كتاب في سياق الكلام على موضوعات كلها متعلقة بالغرض الذي ألف من أجله ، فلأجل الفصل في هذه الشكوى لا يجوز انتزاع تلك العبارات من موضوعها والنظر إليها منفصلة ، وإنما الواجب توصلا إلى تقديرها تقديرا صحيحا بحثها حيث هي في موضوعها من الكتاب ومناقشتها في السياق الذي وردت فيه وبذلك يمكن الوقوف على قصد المؤلف منها وتقدير مسئوليته تقديراً صحيحاً.
و انتهت القضية وانتهت علاقة طه حسين بالأزهر ايضاً ، و لكن ظل الملفت للنظر في هذا كله انه كيف لضرير أن يخطئ ما رآه المبصر و يواجه ما اوقنته العين .. ربما لانه لم يرى الدنيا و رأيناها ؟!في ظني أن هذا هو سر عبقرية طه حسين.
الكاتب
-
أحمد حمدي
كاتب نجم جديد