عرفات لم يكن شيخ أحمد أمين الأول الذي برع في تجسيده

هناك أشياء لا تشترى كما وصفها الشاعر أمل دنقل، كالحب والصحة والرضا والموهبة، و أن تحظى بموهبة حقيقية نعمة لا تقدر بثمن تميزك عن الأخرين إذا قدرت هذه العطية ولبيت ندائها وطورت منها.

ولكن أن تحظى بالموهبة والقبول عند الناس في نفس الآن لمنحة كبيرة من الله تجعلك في مكانة مختلفة تمامًا عن غيرك. والفنان أحمد أمين يتمتع بهذه المنحة التي ساعدته كي يشتهر بفترة قليل.

بالسباق الرمضاني هذا العام فاجئنا أحمد أمين بدوره في مسلسل جزيرة غمام، بالضبط كما قلت في مقال من قبل أنه كالمارد الذي لم يخرج من المصباح بعد.

وقد خرج المارد من المصباح ليتحفنا بدور لن ينسى من طريقه بمشوار الفن.

يجسد أمين شخصية عرفات؛ الشخصية التي رسمها عبد الرحيم كمال بدقة ربما لأنه يتبع طريقة من طرق التصوف، وكانت هذه الشخصية هي الأقرب لقلبه.

عرفات هذا الشيخ الزاهد الذي يعيش لله وللحب، ويؤمن أن الحب يستطيع إصلاح العالم، ورغم لحظات ضعفه ومعرفته لمحدودية إمكانياته أمام العجمي، إلا أنه يعود ليستقبل الأطفال من جديد ويحاول زرع فيهم حب الله ورؤية العالم بشكل أوسع ومختلف.

شخصية أداها أمين ببراعة شديدة، حتى علق المعجبون بها من المشاهدين أن رؤية عرفات على الشاشة توصلهم بحالة من السلام النفسي.

 ولكن من شاهد أمين بالفيلم القصير “حاضر مع المتهم” سيعرف أن هذه النوعية من الأدوار يتقنها أمين، ربما لأنه كإنسان يميل لنفس السلام النفسي وتجنب الصراعات.

 فقد برع أمين في أدائه بهذا الفيلم القصير لدور الشيخ المتسامح الذي يحاول تصحيح ما طال صورة الدين والشيوخ من وراء استغلال الدين في المصالح السياسية. 

تاريخ أمين مشوار يثبت أنه فنان شامل

 ما لا يعرفه الكثيرون أن  رحلة الفنان الشاب بدأت مع الكوميديا ولكن بتأليف المسلسلات الكرتونية كمسلسل “بسنت ودياسطي” و”القبطان عزوز” وعلى الرغم من نجاح المسلسلين وخاصة بسنت ودياسطي إلا أن الناس لم يبدأوا بالتعرف على وجهه سوى من برنامجه  الساخر بموقع يوتيوب “30 ثانية”.

بعد حلقتين من جزيرة غمام..المسلسل بديع كرواية ويستحق المشاهدة

الذكاء ضروري بجانب التمتع بالموهبة والقبول ولذلك اختار أحمد أمين أن تكون مدة برنامجه دقائق معدودة وهذا من العوامل التي جعلت البرنامج ينتشر بهذه السرعة ويسبب هذه الشهرة، فالفيديو مناسب كي تشاهده بأي وقت ولن يضعك بأزمة مع باقة الانترنت. 

بعد نجاح برنامجه على اليوتيوب قدم أحمد أمين برنامج البلاتوه على قناة النهار بنفس  خفة فكرة برنامجه 30 ثانية ولكن بشكلٍ أوسع وطاقم كامل من المؤلفين والممثلين والأفكار المتجددة التي جذبت المشاهدين لتحقق نجاحًا أوسع من برنامجه الأول.

إقرأ أيضا

“أزمة فيلم أبو الدهب” نجاحه الإذاعي حوله للسينما وقاد معالي زايد وممدوح وافي للمحاكمة

عرفات في جزيرة غمام..اللي معاه ربنا يمشي على المياه

و على الرغم من صعوبة تقديم الاسكتشات الساخرة والأدوار الكوميدية  والاستمرار في تقديمها بنجاح كان السؤال: هل يستطيع أحمد أمين تمثيل أدوار مختلفة بعيدة عن هذه المنطقة؟

وكانت أولى مشاركاته السينمائية بدور صغير كمونولوجست في فترة الأربعينات بفيلم “الكنز” مع المخرج شريف عرفة، وعلى الرغم من صغر مساحة الدور، إلا أنه لفت أنظار المشاهدين.

ونجاحه في مسلسل “الوصية” كان متوقعًا كممثل كوميدي، ولكن جاء دوره مع المخرج عمرو سلامة في حلقات ما وراء الطبيعة للدكتور الراحل أحمد خالد توفيق، فجسد شخصية دكتور “رفعت إسماعيل” على الرغم من شعبية الشخصية التي سببت في انقسام كبير حول إذا ما كان أدى أمين الدور كما في خيال القراء، أم على طريقة عمرو سلامة، وفي النهاية فلن يرضي أي ممثل كل القراء لتعلق أجيال كاملة برفعت إسماعيل، ولكن كانت بداية حقيقة تثبت أن أحمد أمين ممثل جيد.

أمين  بدوره في جزيرة غمام أثبت أنه يستحق أن يسبق اسمه الممثل أحمد أمين بدلًا من تقديمه كإعلامي لسنوات طويلة، وبرمضان هذا العام يقدم شخصية من أهم الشخصيات بالمسلسلات المعروضة ليتحفنا بأداء يعتمد فيه على كل أدواته كممثل، ونتمنى أن يستمر بهذا الشكل.