عصا السنوار تسقط عرش بشار
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
إيه علاقة عصا السنوار بعرش بشار؟.. العلاقة تكمن في تشابك مفردات المشهد السياسي، فـ”التاريخ” و”ما قبل التاريخ” مصطلحين يقصد بيهم “التدوين” و”ما قبل التدوين”، مصطلحين نقدر نستوعب منهم إن التاريخ هو ذاكرة البشرية.. فالإنسان هو ذاكرته؛ وبالتدوين قدر البشر ينقلوا خبراتهم جيل بعد جيل بدقة أكبر من الحكي “التراث”، وتراكم الخبرات هو القاطرة اللي شدت الإنسان من الكهف للفضاء.
بس للآسف غالبية الناس في منطقتنا، الناطقين بالعربية، دماغهم مابتربطش الأحداث ببعضها.. إنما بيشوفوا كل تفصيلة من المشهد على حدا، وده مش مرض عضوي وراثي إنما طريقة تعليم وتربية مشوهة بتضمن تخريج أجيال غير قادرة على بناء علاقات بين المعطيات المختلفة وتحليلها.
فعادي جدًا تلاقي المواطن من دول مؤمن إن “أغلب أهل النار من النساء” وفي نفس الوقت مؤمن إن “الجنة تحت أقدام الأمهات”، وده لإن عقله عبارة عن فلاشة تحفظ المعلومات بدون تحليلها أو معالجتها بأي شكل.
تساؤلات حول الأمر الواقع
الحركات المسلحة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” (“جماعة تحرير الشام” سابقا، واللي بدأت تحت اسم “جبهة النصرة”)، بقيادة “أحمد الشرع” (أبو محمد الجولاني عضو تنظيم القاعدة سابقا والقيادي الداعشي الأسبق). قدرت “الهيئة” بقيادة “الجولاني” وفي خلال أيام إنها تنطلق من “إدلب” وتاخد في سكتها “حلب” ومن بعدها “حمص” وتبقى على مشارف “دمشق”، خلال كتابة السطور دي.
تقدم عسكري كبير وسريع بشكل ملفت ومثير للتساؤل؛ فيه إيه حصل قلب كفة الصراع؟ إزاي ميزان القوة اختلف.. هل “الهيئة” امتلكت سلاح سري؟ ولا القوات المسلحة السورية فقدت سر تفوقها؟ واشمعنى دلوقتي.. بعد أكتر من عشر سنين؟
مافيش زرار أتداس عليه أو تعويذة اتقالت فقلبت الموازين؛ إنما هي مجموعة من الأحداث أدت لعِدة معطيات كونت المشهد الحالي. أسباب سياسية وعسكرية وديموغرافية واقتصادية و”تحالفية”.. و”مخدراتية”.
سياسيًا
نظام البعث القومي العربي بقيادة الأسد الإبن ومن أول لحظة اختار، زي ما أتعود من أيام الأسد الأب، بمواجهة المظاهرات بالجيش.
في حين إن كل ما يهم تركيا في سورية حاجتين؛ منع وجود أي تواجد كُردي مسلح على حدودها، وضمان استقرار الوضع في سورية بشكل بسمح إعادة اللاجئين السوريين عندها لبلادهم.
في نفس الوقت نظام الأسد مش حاطط واطي في التفاوض مع الأتراك ورافض يتفاوض مع الفصايل المسلحة.
عسكريًا
القوات المسلحة السورية كأي قوات نظامية بتعتمد على التجنيد من المواطنين طبقا لقوانين محددة، على عكس المليشيات والجماعات المسلحة غير النظامية. بناء عليه فتعداد الجيوش مش فقط محدود بأعداد معينة وإنما كمان مخزونه البشري القابل للتجنيد له حدود وقواعد يتم التجنيد على اساسها.
وعلى مدار أكتر من عشر سنين من حرب الجيش السوري ضد شعبه وهروب ملايين المواطنيين وعشرات الألاف من الضحايا، تراجع المخزون البشري القابل للتجنيد.. وده ينقلنا للتأثير الديموغرافي
ديموغرافيا
الصديق والباحث المتخصص في الديموغرافية، أكرم ألفي، لخص الوضع الديموغرافي في سورية وتأثيره على القوة البشرية في الحرب الداخلية هناك في كون شريحة الشباب القابلة للتجنيد قَلِّت في أماكن سيطرة النظام وزادت في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة. وده ياخدنا للأسباب الاقتصادية.
اقتصاديًا
الحرب الداخلية قضت على الاقتصاد بشكل شبه كامل وفي نفس الوقت تكلفة الحرب عالية، مشكلة تانية اقتصادية مهمة، وهي رواتب الجنود؛ العادي إن المجند بياخد ملاليم لمدة فترة قصيرة بيتجندها خلال شبابه ويرجع لحياته المدنية، في حين الكوادر والقيادات العاملة في القوات المسلحة هي صاحبة المرتبات والمزايا المادية الأكبر.
لكن مع حالة الحرب واستمرارها لأكتر من عشر سنين، الدورة دي ماعدتش شغالة بنفس الميكانيزم العادي بتاعها، فزي ما اتفقنا إن المخازن البشرية للتجنيد أنضربت.. فبالتالي ماعدتش القيادة قادرة تفرط في المجندين اللي تحت إيدها؛ واللي بقوا في حرب حقيقية مش باين لها نهاية.. وفي نفس الوقت بيقبضوا كلام فارغ، وده جعل المجندين دول يتفلتوا من الخدمة في حرب عبثية بالشكل ده.. وظهرت تجلياته من أربع تيام في إعلان بشار عن زيادة في مرتباتهم.
أزمة التكلفة المادية وندرة المقاتلين ليها حلين:
- تحالف مع أنظمة تانية زي روسيا وإيران.
- خلق مصادر غير تقليدية للتمويل.
وكل حل من الأتنين دول كان له عرض جانبي ساهم في سقوط الأسد
“تحالفيًا“
الأسد الصغير عمل تحالفين عسكريين في حربه للدفاع عن السلطة، الأولاني ورثه من أبوه “حافظ الأسد” (1930 – 2000)، وهو التحالف مع روسيا، تحالف بمقتضاه الطيران الروسي بقى يضرب أهداف جوه سورية.
عمل كمان تحالف مع إيران، بناء عليه أتفتح الباب لحزب الله الموالي لإيران عبر الحدود اللبنانية (ومليشيات شيعية تانية عبر الحدود مع العراق) إنهم يشاركوا في المعارك البرية جنب القوات السورية النظامية.
لحد هنا والتحالف تمام والنظام مسيطر على غالبية الأراضي السورية، لكن فجأة تأتي الضربة من حيث لا يحتسب أي حد.
طوفان الأقصى يروي المصالح التركية والإسرائيلية
هجمة 7 أكتوبر المعروفة إعلاميا بطوفان الأقصى كانت بمثابة كلمة السر لتغيير المشهد العسكري وبالتالي السياسي في المنطقة، خصوصا بعد إيران ما أعلنت إن العملية جزء من انتقامها لاغتيال قائد “فيلق القدس” بالحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” (1957-2020).. ثم نفي التصريح من جانب حركة “حماس”.
بعيد عن الأفراح الشعبوية خارج حدود غزة، وأجواء “هاتلي أسير يا بابا.. عايزاه عادة ولا بلبوص يا كتكوتة”، كانت النتيجة العملية للضربة كارثية على كافة الأصعدة، أكتر من خمسين ألف قتيل وأضعافهم مصابين وحوالي مليون نازح من قطاع غزة فقط، في كارثة إنسانية وصفها القيادي الحمساوي خالد مشعل بإنها خسائر تكتيكية.
أما على مستوى موازين القوى، فردة الفعل العسكرية الإسرائيلية العنيفة ماكنتش بس ضد “حماس” إنما كلمت وضربت كل أتباع إيران في المنطقة وأولهم حزب الله.. وقصفت إيران نفسها، ضرب مبرح بعمليات نوعية أدت لتصفية كافة القيادات العليا الرئيسية لحزب الله وفي مقدمتهم حسن نصر الله.
الضربة دي جابت “حزب الله” أرض وأضعفت إيران ذات نفسها؛ وماعدتش قادرة تقدم الدعم العسكري البري المعتاد، حيث حزب الله “شَنِّش” وضربات إسرائيل في عمق سورية جعل العراقيين يخافوا يسمحوا بمرور أي دعم إيراني من أرضهم ناحية سورية.. فقفلوها في وشهم.
وده فتح المجال قصاد “هيئة تحرير الشام” إنها تبقى قادرة تتقدم بريا قصاد القوات النظامية؛ لكن يفضل الخطر هو السلاح الحاسم في الحروب الحديثة.. الطيران.
الحرب الأوكرانية-الروسية
سحلة روسيا في الحرب على أوكرانيا سياسيا وعسكريا وماديا؛ لدرجة استعانتها بقوات من كوريا الشمالية؛ بالإضافة لتعنت الأسد في الوصول للحلول وسط.
كلها عوامل قللت الدعم الروسي له، خصوصا وإنه بقاله أكتر من عشر سنين مش عارف يحسم الحرب، فيبدو كده إن الروس قرروا يسلتوا أيدهم منه.
بكده عرفنا مصير التحالفات.. يبقى مافضلش غير مصادر التمويل غير التقليدية، وده يخدنا لأخطر نقطة.. “مخدراتيًا”.
“مخدراتيًا“
بشار وارث السلطة وقاعد فيها بقوة السلاح، وفي نفس الوقت تسبب مؤخرا في تخريب المؤسسة العسكرية وباقي المؤسسات الأمنية العليا؛ بسبب توريطها في تصنيع والإتجار في مُخدر “الكبتاجون”.
دور النظام البعثي في سورية على فكرة بره الصندوق لتوفير التمويل اللازم للحرب.. فوصل لفكرة “جدول”، وهي التجارة في مخدر الكبتاجون.
تجارة “الكبتاجون” زي ما قدرت تساهم في سد فجوة التمويل المطلوبة، فتحت من الناحية التانية باب الاختراق الأمني على مصرعيه. فتحول أجهزة الدولة لتصنيع وتجارة المخدرات بالتالي تقاطعها بشكل مباشر مع عصابات إجرامية صرفة.. يقضي تماما على أي حد أدنى للاحترام الدولة وكوادرها وقيادتها لأنفسهم وبعضهم.
بالتالي ينفتح باب الفساد على مصرعيه وبلا حدود، عشان كده سلسلة الاختراقات الأخيرة لنظم الأمن في حزب الله وإيران مش صدفة؛ إنما لإن الجمهورية الإسلامية في إيران والحزب الديني الطائفي اللبناني الموالي ليها همه كمان متورطين فيها.
عصا السنوار وعرش بشار
نظام البعث القومي العربي بكل وحشيته وجرايمه ضد الشعب السوري، وزي ما دمر الشعب كمان دمر الدولة نفسها ومؤسساتها بتحويلها لعصابة تنتج وتتاجر في المخدرات، دولة مخوخة تماما كان ناقصها بس ضربة “عصا السنوار” عشان ينهار عرش رئيسها بشار.
اللي حاليا ماحدش عارف عنه حاجة.. اتقتل؟ ولا مستخبي؟ ولا خد شنطة البضاعة والفلوس وهرب؟
لكن يبقى الأهم من عصا السنوار وعرش بشار هو السؤال عن مصير الشعب السوري، هل هنشوف موجة تانية من الهجمات الداعشية والكلام عن تطبيق الشريعة الإسلامية السُنية..
من مطار #حلب_الدولي pic.twitter.com/YZkPbDQJRy
— Syrian lion (@KindadibSyrian) December 2, 2024
واعتبار الأسرى غنيمة حرب
“غطوا شعرها ”
“الكافرة عدوة الله”
هذا ما ردده إرهابيو ما يسمى “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا بعد أسرهم لعنصرين من الشرطة المدنية (أسايش) في ريف حلب شمال سوريا@realDonaldTrump @OlafScholz @EmmanuelMacron @baerbockpress pic.twitter.com/Vj7g4Rqboo— Khaldoun Haydar (@KhaldounHaydar1) December 1, 2024
ومن تاني تظهر أسواق نخاسة..
نبارك للأخوة المسلمين على بداية السبي الإسلامي. كل سنة وأنتم طيبين pic.twitter.com/yp2Dw0gqk3
— Arab Atheist (@mol7d_Arabi) December 1, 2024
وبنات تتخطف وتظهر في غزة..
طفلة ضائعة خائفة تنظر برعب على من حولها
لا تستطيع ان تحملها قدميها ،لكن سيقنعونك انها كانت تحمل دبابة و قنبلة نووية
وكانت فى طريقها لقتل ١٠ ملايين شخص حتى يبرروا اغتصابها، pic.twitter.com/pWtTuMGe9z— Karim Gahin (@karimGahin1) December 3, 2024
ومذابح قتل ع الهوية؟، ولا الأونر أتعلم الدرس ومش عايز لاجئين تاني؟ ولو “الأونر” مش عايز لاجئين.. هل هيدعم بناء دولة مواطنة؟ زي ما حصل في كوريا الجنوبية ولا هيكون كل همه تثبيت الوضع ولو على شاكلة حكم “طالبان” حاليًا؟
من مطار #حلب_الدولي pic.twitter.com/YZkPbDQJRy
— Syrian lion (@KindadibSyrian) December 2, 2024
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال