همتك نعدل الكفة
218   مشاهدة  

عقيدة البهرة بين الولاء والبراء

البهرة
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



شكّلت طائفة البهرة لغزًا لدى المصريين، بعد ظهورهم على الساحة مؤخرًا كمساهم قوي في إعادة ترميم مساجد آل البيت أو بلفظ آخر مساجد الفاطمين في العاصمة المصرية القاهرة، وبات البحث عن أصولهم و هواياتهم و خلفيتهم الثقافية والدينية محطُ اهتمام و بحث، إذًا فما هي عقيدتهم، و لماذا يقدسون سلطانهم وما علاقتهم بمصر لضخ كل تلك الأموال في سبيل مساجد الفاطمين؟

الأصول التاريخية لطائفة البهرة

لم تكن طائفة البهرة وليدة اليوم بل إن ظهورها كان أحد أسباب انهيار الدولة الفاطمية في مصر، وقد أحاطت بالبهرة منذ ظهورها ملابسات وتناقضات عديدة، سواء من حيث نشأتها وتطورها، أو من ناحية حقيقة انتسابها لآل البيت أو بالنسبة لعقائدها، ويمكنك قراءة تاريخ البهرة وعقائدهم من خلال تقرير أعده الباحث التاريخي وسيم عفيفي على موقع الميزان من  (هنا )، أما المساجد الفاطميين الذي قام البهرة بتجديدها يمكنك الاطلاع عليها من ( هنا )

تقديس سلطانهم

في البداية لابد أن نقف أولًا على أسباب تقديس البهرة لسلطانهم لنعرف الأسباب الحقيقية وراء رواج مذهبهم وعودتهم على الساحة الدينية بقوة مرة أخرى. بما أن طائفة البهرة أحد فرق الشيعة الإسماعيلية فليس من الغريب عليهم تقديس شخص ما، فقد غالت الشيعة على مر تاريخهم في تقديس و تأليه أئمتهم وبالتالي فإن البهرة الشيعية أدخلوا في عقائدهم دعوى تأليه الداعي أو السلطان و السجود بين يديه، و يؤكده ذلك سلوكهم الذي تتناقله وسائل الإعلام المختلفة. يقول الدكتور “محمد كامل حسين” عن فكرة تأليه أئمتهم :” لم يقل أحد من دعاة الفاطميين أن الأئمة آلهة بل هم مثل العقل الكلي، بل جعل الفاطميون للأنبياء و الأوصياء والأئمة مراتب، فمرتبة النبوة أعلاها تليها الوصاية ثم تأتي مرتبة الإمامة آخر هذه المراتب، أي أن الأئمة لم يبلغوا مرتبة الوحي أو النبي، ولكنهم قالوا إن الأئمة بشر بهم في التوراة والإنجيل والقرآن”.

تقبيل يد سلطان البهرة
تقبيل يد سلطان البهرة

الحاكم بأمر الله نموذجًا تاريخيًا

ومن بين دعوى التأليه لأئمتهم دعوى تأليه الحاكم بأمر الله الفاطمي الرجل المعروف تاريخيًا برجل المتناقضات كما صورته المصادر التاريخية والذي جمعت شخصيته الشيء وضده. يقول” محمد حسين” في كتابه “طائقة الدرز” عن شخصية الحاكم :”جمعت شخصيته المتناقضات الخيرة و ضدها، و تمهيدًا لنشر دعوته أتى ببعض الأعمال المخالفة لأبائه وأجداده، فقام بإلغاء الكثير من الطقوس الدينية في الدولة، مثل المجالس التأويلية، وصلاة الجمعة، وصلاة العيد وغيرها؛ مما جعل كثير من الباحثين يذهبون إلى أنه فعل ذلك كله بهدف إيطال الشريعة ونسخها”.

أما البهرة المعاصرون فـيسجدون  بين يدي سلطانهم و يطفون حول بيته فالطواف حول بيته بمثابة الطواف حول الكعبة، وتقبيل يد سلطانهم فهي بمثابة تقبيل الحجر الأسود وغيرها من النماذج التي توضح مدى التأليه لسلطانهم.

YouTube player

أسباب رواج مذهب البهرة

إنّ أسباب رواج مذهب البهرة هي نفسها أسباب رواج وانتشار المذهب الإسماعيلي نفسه، ولنا أن نستعير في هذا الصدد رأي الإمام ” الغزالي” ، والذي ذهب في “فضائح الباطنية” إلى أنه: “لا ينخدع به إلا المائلون عن اعتدال الحال واستقامة الرأي، فالعقلاء عوارض تعمى عليهم طرق الصواب وتقضي عليه بالانخداع بلامع السراب”. وقد صنف” الغزالي” هؤلاء إلى ثمانية أصناف، فمنهم من يتميز بضعف العقل، أو التطلع إلى التسلط والاستيلاء، أو بغلبة الشهوات وثقل التكاليف الشرعية عليهم.

ولا تخرج أسباب انتشار البهرة عن هذه الأسباب، بحسب ما أوردته الدكتورة “نعمة عبد القادر” في دراسة لها تحت عنوان ” طائفة البهرة و عقائدها فتقول:” في رأيي هناك أسباب ظاهرية أو عامة، فإذا أضفنا إلى ذلك الأسباب الحقيقية أو الداخلية، فهي تتضح في موقف البهرة أنفسهم من مذهبهم أو لنقل بعبارة أدق موقفهم من مذهبهم بين الولاء والبراء”.

وقدمت وثيقة في دراساتها لتؤكد الطاعة العمياء التي هي من أسباب انتشارهم فتقول :” وفيما يلي جزء من إحدى الوثائق التي دونها أحد أفراد البهرة أورده هنا لأهميته في بيان ما عليه البهرة من الإكراه والضعف والخنوع: بالرغم من الطاعة العمياء التي اشتهرت بها الإسماعيلية تجاه زعمائها، إلا أن شدة الوطأة وكثرة الضغط يؤدي إلى الانفجار في النهاية، ولم تكن الهند وحدها التي شهدت هذا النوع من التململ في أوساط الطائفة البهرية من زعمائها، فقد سجل أتباع الطائفة في اليمن أيضًا موقفًا خطيرًا في عهد الإمام يحيى كسروا فيه قاعدة طاعة بدون حدود، واخترقوا حائط الصمت الرهيب، وأعلنوا براءتهم من المذهب والخروج عن طاعة الزعامة الهندية والدخول في المذهب الزيدي، دون أدنى ضغط من أحد…. والواقع أن إعلان البراءة من مذهبهم وممارسات سلطانهم كان اختياريًا؛ إذ لم يكن حال البهرة الداودية في اليمن بأحسن حالاً من إخوانهم  في الهند من تعسف واضطهاد السلطان”.

إقرأ أيضا
أزمة السكر
البهرة في الهند
البهرة في الهند

ومن أسباب تحول هؤلاء البهرة اليمنيون إلى الزيدية قيادتهم الديكتاتورية الهندية من جهة، والشركية من جهة أخرى لتأثرها بأصولها الوثنية وبيئتها الهندوسية. ولكن كل هؤلاء الذين تحولوا للمذهب الزيدي عادوا جميعًا تحت سلطة السلطات مرغمين لأن أحدا لم يستطع الوقوف معهم أو مساعدتهم، و إذا ما نظرنا إلى العقوبات التي يفرضها السلطان على أتباعه الخارجين على طاعته، أدركنا سبب خضوع هذه الطائفة التام، فالعقاب يكون بالبراءة والمقاطعة الاجتماعية و الإيذاء لعنًا وطعنًا وضربًا وطردًا وسلبًا لأمواله وهتكا لحريمه وتطليقا لزوجته، وإخراجا من المجالس والمساجد، بل ومنعا لدفن جثته في مقابر البهرة الداودية، وإن دفن أخرجت جثته من القبر حتى تضيق عليه الأرض بما رحبت فيعود لطاعة السلطان صاغرًا ذليلاً مكر ها.

موكب طائفة البهرة
موكب طائفة البهرة

كذلك تشير الروايات إلى ظهور حالات من التمرد الفردي لأفراد من زعماء الطائفة، بلغ بعضهم درجة النائب المفوض للسلطان على الطائفة في اليمن، وذلك لفقدان الامتيازات وتشابك المصالح القيادية، ويدرك بعض البهرة أن هؤلاء النواب كانوا يمثلون الطائفة تمثيلاً زائفا، لا تسنده ذرة من قناعة بسلامة المعتقد، كما كشف هؤلاء النواب الذين تمردوا على المذهب لأسباب مادية عن هشاشة هذا المعتقد الذي يستند في القاعدة على مجرد العاطفة والجهل، ويعتمد في القمة على مجرد المنافع وتوزيع الغنائم، فإذا ما انتهى هذا العامل انتهى معه مبرر الانتماء .

نخلص مما سبق كما جاء في دراسة “عقيدة المبهرة”  إلى أن هناك عدة أسباب للبقاء داخل الطائفة منها ما هي اضطرارية تتمثل في القهر والقمع والعقاب الذي يتعرض له البهرة الذين حاولوا التمرد والخروج على المذهب. وإما أسباب اختيارية وهي البقاء بالمذهب حال الانتفاع المادي والاجتماعي، وهناك أيضا أسباب مذهبية، حيث سببت مبالغتهم في اتخاذهم التقية إلى عزلتهم الاجتماعية والمذهبية، فالبهرة مجتمع منغلق على ذاته بمعزل عن المذاهب الأخرى، وهذا يفسر سبب عدم مساعدة أحد لهم في حركات التمرد التي قام بها بعضهم وتبقى الطبقة العريضة من البهرة هم من يتميزون بالضعف والجهل وقصور العقل.

الكاتب

  • البهرة مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان