على رمش عيونها قابلني هوا Vs على قد ما يومها فرحنا سوا
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تعتبر مواقع التواصل الإجتماعي بيئة خصبة لانتشار الكوميكس والميمز التي تسخر من كل شئ بما فيها الأعمال الغنائية المعروفة، منذ فترة انتشر تريند يسخر من الأغنيات التي لا يوجد ترابط بين مضمون الكلمات وجمل اللحن حيث نجد أن الكلمات درامية وصبت في قالب لحني راقص يعكس حالة عدم تماهي بينهما.
من أشهر الأغاني التي تمت السخرية منها بسبب تلك المسألة أغنية “على رمش عيونها” للمطرب وديع الصافي حيث انتشر فيديو وهو يغني في قمة السعادة مقطع ” خدني قلبي لاقتني بروح عندها – حد تاني سبقني وخد يدها – كان حبيبها وغايب بقاله سنة – والنهاردة وصل على بختي أنا”.
تفتح تلك الأغنية بابًا للحديث عن كيفية صناعة الأغاني، وأن هناك أغنيات كثيرة ولد فيها اللحن اولًا ثم تم صب عليه أي كلمات لم تعبر عنه بشكل جيد وهي سمة غالبة في صناعة الأغاني حاليًا بعد انتشار ملحني الثيمات الموسيقية.
تكتسب ألحان بليغ حمدي شعبية غير مسبوقة تضعه في خانة أكثر الملحنين الذين تحصد أغنياتهم مشاهدات وعدد مرات استماع ضخمة على منصات تحميل الموسيقى، ومنها بالطبع أغنية على رمش عيونها التي تم استعادتها بواسطة مئات المطربين والمطربات رغم أنه تندرج تحت بند الأغاني الملفقة التي اهتم فيها بليغ حمدي بجملته اللحنية على حساب كلمات حسين السيد التي جاءت مرصوصة رصًا دون وجود رابط بينها وبين اللحن و عانت من ضعف تماسكها في بعض الشطرات التي جائت بلا أي معنى تقربيًا.
لحن بليغ حمدي على مقام النهاوند العاطفي في بدايته يتحول إلى مقام البياتي الشرقي في الكوبليهات، جمل اللحن رائعة و Catchy تعلق في الأذن بسهولة وهو ما يعكس استمرار الأغنية حتى الأن في ذاكرة المستمع وهي ميزة قوية في ألحان بليغ الذي يعرف كيف يغازل المستمع جيدًا ويعرف كيف يصنع أغنية شعبية بامتياز.
مالم يذكره عمرو دياب في حواره القصير مع عمرو أديب
كلمات حسين السيد حاول فيها التعبير عن فكرة الوقوع في الحب من أول نظرة عندما شاهد فتاة ثم فاجأنا في آخر كوبليه بأنها كانت في انتظار حبيبها الغائب، وقع السيد في فخ التلفيق في الكوبليه الأول الذي يحاول وصف جمالها بصور غير مفهومة وبلا أي معنى تقريبًا حيث قال”لها ضحكة يا ويلي بلون السهر – لما الورد بيملا شفايفه قمر – ضحكة لها بالودن ابتسامة القدر – فوق خدود العطاش في يوم المطر”
لو حاولنا فهم هذا الكوبليه الغامض والملفق لن تجد معنى واضح مجرد كلمات مرصوصة مقفاة رغم أن كاتبها يعد من أهم شعراء الأغنية في تاريخ مصر.
الأغنية صدرت في فيلم نار الشوق انتاج عام 1970 والمقطع المنتشر على مواقع السوشيال ميديا كان ضمن أحداث الفيلم، الأغنية حققت نجاحاً غير مسبوق لدرجة أنها أشهر من الفيلم نفسه، وتكاد تكون أشهر أغنية يعرفها الجمهور المصري لوديع الصافي.
هذا النجاح الضخم للأغنية أغرى المطربة الكبيرة وردة بإعادة غناء اللحن مرة أخرى مع تغيير الكلمات التي تأتي على لسان رجل، وفي ظني أن السبب الرئيسي التي جعلها تعيدها هو لحن بليغ في المقام الأول.
استدعى بليغ حمدي نفس الشاعر “حسين السيد” لكتابة كلمات جديدة لكن على لسان امرأة هذه المرة، وظهرت أغنية “على قد ما يومها فرحنا سوا”،لم يغير حسين السيد في فكرة الأغنية حيث صاغ نفس الفكرة على لسان امرأة لكن هذه المرة بتماسك أكثر في صياغتها جعلها تعبر عن اللحن بشكل جيد.
وبرغم شهرة وردة الكبيرة إلا أن رمش عيونها ظلت أكثر شهرة من على قد ما يومها فرحنا سوا رغم كلماتها الملفقة إلا أنها تفصح بشكل جدي عن أسلوب بليغ حمدي في الانتصار الدائم لأفكاره اللحنية على حساب الكلمات أو كما وصف ألحانه الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب في مذكراته الشخصية “ومضات من الألماس مركبة على تركيبات من الصفيح ، أحس في ألحانه بأنه عثر على جملة جميلة تدخل في وجدان الناس لما فيها من جمال وشخصية وقد أحاطها بأي كلام ليكون قد انتهى من عمل يحسب له”.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال