عليكم اتخاذ القرار الآن.. احزموا امتعتكم واهربوا من الفيسبوك
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
في عام 2008 كانت المرة الأولى التي ادخل على موقع الفيسبوك، واتذكر جيدًا أنني اخذت أفكر بجدية حتى اكتب الجملة التي كانت تظل معلقة أعلى الحساب- التي احتلت مكانها الآن صورت الـ cover photo- واستقريت في الأخير على جزء من أغنية رصيف نمرة خمسة وبالتحديد (وساكت كلمنا مالاقي كلام) واخترت صورتي الشخصية على الفيسبوك وأنطلقت، وخلال أيام تعرفت على مجموعة من الأصدقاء الجدد وعلى أشياء لم أكن أعلم أنها موجودة في الأساس.
ولكن على الرغم من هذه الصورة التي تشع بالإيجابية، إلا أنه مع مرور الوقت ودخولنا في حلزونة اليأس والصدمات عقب ثورة 25 يناير، تغير شكل كل شيء حتى تصميم فيسبوك وتوتير أنفسهم، لم تعد أغنية رصيف نمرة خمسة جاذبة، ولكن أخبار الموت والحرائق و النهش في أعراض المختلفين أصبحت جاذبة أكثر، حتى وصل الآمر ببعض الأشخاص أنهم يبحثون يوميًا في شجرة العائلة لعل وعسى يتوفى شخص يحصل من ورائه على (شوية تعاطف ولايكات) ورغم احترامي الكامل لرهبة الموت، إلا أنني أتوقف أمام بعض المنشورات التي يعلن خلالها أحد الأشخاص عن وفاة والدة زوجة عم خال والدته!! وتقبله واجب العزاء بكل أسى بكلمات حزينة!
لا أعلم لماذا عشق الناس الحزن إلى هذه الدرجة، والأسوء أن الابتزاز العاطفي للأشخاص أصبح شيء عادي ومقبول، بشكل شخصي أجد صعوبة كبير في الحديث عن الموت أو تقديم واجب العزاء حتى لو تليفونيًا، ومن جهة أخرى اتقبل تمامًا ضعف الأشخاص أمام رهبت الموت، ولكن للأسف بعد أن توفى أصدقائي منذ عام تقريبًا انعزلت عن مواقع السوشيال ميديا لأشهر بسبب الابتزاز العاطفي الذي يقوم به عدد من الأصدقاء المشتركين الذين لا ازايد على حزنهم بالتأكيد ولكن فقط كنت أتمنى منهم عدم جرح محبي صديقي رحمه الله طوال الوقت من خلال كلمات مؤلمة لأحبائه ووالديه.
ولكن الآن بعد انتشار فيروس كورونا وجلوسي في البيت كل هذه الفترة، أصبحت أشعر أكثر بأهمية الحياة، وأنه علينا فقط أن نبتعد قدر الإمكان عن الأشخاص الذين يصدرون لنا الطاقة السلبية مهما كانت درجة صدقاتهم، فهناك حالة من الحزن تخيم على العالم بعد أن حاصرنا الوباء، ولم تعد هناك أخبار حولنا غير هذه التي تخص أعداد الوفيات والمصابين، وقصص مؤلمة عن أشخاص فقدوا ذويهم أو العنصرية التي يواجهها المرضى والأطقم الطبية.
نحن الآن نقف في مفترق طرق حقيقي وعلينا أن نختار، إما الحياة والأمل ومحاولات استمداد الآمل، أو البقاء محاصرين داخل مواقع التواصل الاجتماعي وصفحاتهم الرئيسة التي لا يوجد بها إلا المأسي وأخبار الموت.
فإذا كان اختيارك هو الحياة والأمل، فعليك حزم الأمتعة ولملمت ما تبقى لك من صحتك النفسية والهروب من العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي بعلاقته الوهمية وأخباره الحزينة، وأن نخلق لأنفسنا عالمنا الخاص الذي يساعدنا على تخطي هذه الفترة العصيبة بسلام.
الكاتب
-
نيرفانا سامي
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال