همتك نعدل الكفة
60   مشاهدة  

عمرو أمين فن التطرف

عمرو أمين


 

منذ فترة ليست بالبعيدة انتشر على السوشيال ميديا بعض الرسوم الكاريكاتورية التي احتفى بها بعض المتابعين، رسومات تنتقض العديد من السلوكيات المجتمعية وتتهم بعضها بتهم تمس الكرامة والعرض والشرف، وإصدار الأحكام المطلقة، من منطق ومنطلق الرجل الشرقي أو المنظور الديني لصاحب الرسوم عمرو أمين الرجل الذي يحمل بداخل رأسه عقلية وأفكار شخص “تكفيري” لا رسام.

الفن وانتقاد المجتمع

الفن ابن بيئته وبالتالي هو ابن أفكارها ومعتقداتها وعرفها، فبالتالي يتأثر الفن بتلك الأفكار والمعتقدات، وقد يتبناها البعض، أو يرفضها البعض، ولكن لأن هذا المجتمع به العديد من الاختلافات فهناك مساحات مفتوحة للخلاف والاختلاف وبالتبعية هناك مساحات مفتوحة لتقبل الأخر، فالجزم بأن فعلُا ما يفعله شخص ما في المجتمع هو فعل مشين بشكل مطلق لا يمكن معاملته معاملة الانتقاد بل هو حكم على المجتمع وعلى الأشخاص التي تؤدي نفس الفعل من وجهة نظر ومفهوم شخص واحد.

عمرو أمين

من هذا المنطلق المعوج يأتي عمرو أمين برسومه، يسهل عليه التعميم وإصدار الأحكام، بل الأمر يأتي من البداية من الفكرة نفسها التي تدفعه إلى تقديم هذا الرسم، الطريقة التي تجعله يصدر حكمًا داخليًا بأن فعلًا ما مجرم اجتماعيًا، وفي اختياره الأفكار سنرى تعمد ومنهج ثابت لمخاطبة فئة معينة محددة، في محاولة استقطاب أو تأثير في الأفكار.

رسم بلا روح

الملفت للنظر أن ما يقوم به عمرو أمين ليس بجديد على هذا الاتجاه، فالمكتبة السمعية لشيوخ التسعينات وبداية الألفية مليئة بالشرائط التي تهاجم تصرفات المجتمع بداية من الجلوس على المقاهي وصولًا إلى عمل المرأة، لم يتركوا شيء إلا وحرموه ووصموه بتهم متعددة، ولكنهم ولا مرة قاموا بنشر هذا الفكر عبر وسيط فني، عمرو أمين ينشر نفس الفكر ولكن هذه المرة باستخدام وسيط فني وهو الرسم.

عمرو أمين

الحقيقة أن عمرو أمين اختار في رسمه طريقة وأسلوب الخالي تمامًا من أي تفاصيل، ورغم أنه يمكن من هذا الأسلوب أن تقدم محتوى فني حين ولكنه جاء بفرشة عمرو أمين خالي منى الحياة والحيوية، حتى مع محاولات إضفاء الحركة داخل الرسم، تأتي الرسوم ستاتيكية عديمة الروحن بل وباردة كذلك.

فن التطرف

كان الرسم أو الموهبة فيه لا تختلف عن عمل الفرشاة، تنقل أفكارًا بلا روح أو هوية، وبما تلك الأخيرة مقصودة تمامًا، لتصبح تلك الأفكار أكثر انتشارًا وغير مربوطة بمجتمع بعينه أو دولة بعينها، بل هو موجه لكل المجتمعات الصالح فيها انتشار تلك الأفكار، والانتشار هنا هو الهدف المنشود، وهذا واضح في اختيار الطريقة والوسيط المنشور من خلاله.

إقرأ أيضا
الفنان يحيى الفخراني

عمرو أمين

محاولة تصدير الأفكار المتطرفة عن طريق الفن أو ما يمكن تسميته “فن التطرف” هي طريقة جديدة ومبتكرة في نشر تلك الأفكار، ولكن الخطورة الحقيقة ليس في الأفكار، بل في مفهوم سهولة إصدار الأحكام وتعميمها، وكأن الهدف أن يسود أسلوب واحد وهو ما ليس يشبهني ويتفق معي فهو ضدي، وتصدير أنفسنا كأوصياء وولاة على الأخرين، فالكل يجلس على منصة القضاء والكل يحاكم الكل.

في النهاية لقد تعمدت أن أمارس على عمرو أمين نفس الطريقة التي يمارسها في رسومه، بإصدار حكم عليه من اللحظة الأولى لعله يدرك أنها أبدًا لن تكون باتجاه واحد.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان