عمر أفندي .. يهودي نمطي وبوسطجي هزلي وفرص ضائعة
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
أعتقد أن المصريين ورثوا فكرة النمطية من الفراعنة نفسهم، حيث النمط الثابت في النقوش والتماثيل، وظلت تلك الصفة متوارثة حتى أصابت الدراما المصرية، فأصبح هناك أنماط سائدة لا نخرج عنها وربما أهم تلك الأنماط هي نمط اليهودي في الدراما المصرية والذي لم يتغير إلا مرات بسيطة وكلها لم تنجح بينما استمر النمط المعتاد حتى في دور شلهوب الذي يؤديه الفنان محمد رضوان في مسلسل عمر أفندي والذي عرض الأيام الماضية.
يهودي نمطي أكثر خفة
الدراما المصرية رغم أنها خرجت من مجتمع كان فيه يهود متواجدين بكثرة فيما مضى إلا أنها أصرت على أن تستورد نمط شايلوك الذي كتبه وليام شكسبير في مسرحية تاجر البندقية، البخيل الخبيث المرابي الذي لا يتوانى بفعل أي شيء مقابل أن يحصل على المال، تلك الشخصية البشعة هي النمط التي سارت عليه الدراما المصرية مع إضافة تفاصيل أصبحت من تابوهات الدراما مثل النطق الأخنف والنظارة المنزلقة على الأنف والنظرة الخبيثة والبخل الشديد.
في عمر أفندي لم تخرج شخصية شلهوب عن هذا النمط، ولكن جاء محمد رضوان ليقدمها بشكل أكثر خفة، خاصة وأن الشخصية في المسلسل ليست شريرة، صحيح أنها انتهازية وجشعة ولكنها ليست شريرة أو معادية للبطل، فتخلص رضوان من النطق الأخنف، ولكنه تمسك بالنظرات الخبيثة والجشع، وهي ليست مشكلته هي مشكلة صاحب السيناريو والحوار مصطفى حمدي.
شخصيات هزلية هزيلة
رسم شخصيات المسلسل للأسف لم يكن من العمق الكافي، بل هو أقرب للرسم الساخر السطحي، مجرد تقليد لطريقة كلمات على بعض كليشيهات السينما المصرية، رغم أن كوميديا المسلسل كان ممكن أن يكون مصدرها حبكته نفسها الغنية بمواقف جيدة ولكن الشخصيات المرسومة بسطيحة لم تكن لها الحرية لتقديم تلك الكوميديا.
فشخصية مثل دياسطي رغم خفة وجمال مصطفى أبو سريع إلا إنها مجرد شخصية هزلية مزيج من كليشيهات سينمائية قديمة، في حين لو قدمت الشخصية بشكل أكثر عمقًا لكانت أكثر إنتاجا للكوميديا من تلك الهزلية التي قدمت بها، كذلك شخصية شلهوب ولكن لحسن الحظ أن محمد رضوان استطاع تحقيق توازن منطقي للشخصية يجعلها أكثر نضجًا.
الحقيقة أن مصطفى حمدي أضاع فرصة جيدة لصناعة عمل كوميدي جيد، ليس فقط في الخط الدرامي في الزمن الماضي بل وحتى في الزمن الحاضر، فشخصية حماه شخصية مسطحة للغاية، وهزيلة وغير مبررة سواء هي أو شخصية تابعيه، وهي سمة غالبة في كل شخصيات المسلسل بما في ذلك شخصية البطل نفسه.
وكليشيهات لا تنتهي
عمر أفندي يحمل فكرة جيدة تم وضعها في حبكة مليئة بالثغرات حتى كادت أن تغرق تمامًا في العديد من الأسئلة الدرامية التي لا جواب لها، لولا بعض المشاهد الذكية كمشهد لعبة الواتساب، ولعل مصطفى حمدي وعبدالرحمن أبو غزالة استغرقا في الركض وراء السخرية والكليشيهات المستهلكة لفترة الأربعينات كمحاولة لضمان الكوميديا.
ولكن أيضًا هناك بعض الأمور الجيدة في المسلسل، رغم كل عيوب الكتابة، جاءت الصورة مبدعة وجميلة ودرامية في الوقت نفسه فلم ينجرف عبدالرحمن أبو غزالة خلف جماليات الصورة وتناسى الدراما، كذلك الأداء الجيد لأحمد حاتم وآية سماحة ومحمد رضوان و مصطفى أبو سريع، والجريء محمد عبدالعظيم.
عمر أفندي كان فرصة جيدة للغاية، خاصة وأن من بعد رمضان لم نشهد أي أعمال فنية جديدة، ولكن تم إهدارها بشكل غريب، وأخيرًا سؤال أخير متى يمل محمود حافظ من الزعيق “عمال على بطال”؟
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال