عم أحمد عبدالوهاب .. بطل كأس العالم الحقيقي
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
هذا العام فقدت جزء من شغفي بكأس العالم للأسف، فتلك البطولة التي عرفتها طفلًا مرتبطة معي دائمًا بإجازة الصيف حيث لا مذاكرة ولا استيقاظ مبكر ولا مدرسة، فقط اللعب ثم المزيد من اللعب، ولم أعرف أنني سأقابل كأس العالم للمرة الأولى في حياتي لايف على رصيف شارعنا الصغير في مدينتي الأصغر طور سيناء حتى خرج عم أحمد عبدالوهاب.
بالطبع شاهدت ما تيسر من مباريات كأس العالم 1994 ولكن كلها كانت معادة نظرًا للاختراع البائس والذي يسمى فرق توقيت بيننا وبين أمريكا حيث لعبت تلك النسخة، ولكن الدورة التي تلتها والتي لعبت في فرنسا كانت متعة كأس العالم مضاعفة لا لا أني أراه للمرة الأولى لايف ولكن بسبب عم أحمد عبدالوهاب.
كانت حملة شركة المياه الغازية للاعبي العالم هي الأبرز وقتها فكنا في انتظار الحدث دون ا نعرف موعده بدقه لولا خروجه من المدخل وهو يحمل الكرسي ثم خروجه بالتلفزيون ووضعه على الرصيف، الأمر الذي تبعه خروج كل أرباب الأسر فجأة بكراسيهم الخشبية ليكونوا صفًا من المشاهدين أمام التلفاز بينما هذا الصندوق جالسا على كرسي بمفرده على الرصيف في المقابل وفي المسافة الفاصلة بين التلفاز والكراسي كنا نجلس، أجساد صغيرة متلاصقة تنظر في انبهار وتفرح بحدود وأدب فالآباء يجلسون في الخلف.
يبدو الأمر غريبًا نوعًا ما، ولكن ببساطة كل هؤلاء الرجال هم زملاء في نفس العمل، فكنا نسكن في شارع عبارة عن عمارات إدارية لإحدى المصالح الحكومية، تستخدم كسكن للموظفين أصحاب العائلات فتنفرد كل عائلة بشقة صغيرة، فكنا عائلة واحدة كبيرة لا يفصلهم عن بعضهم سوا بضعة جدران.
مشهد الجلوس لمشاهدة المباريات على الرصيف لم يبدأ مع كأس العالم 98 للحقيقة ولكنه بدأ قبلها بعامين، حينما لعبت يورو 96 في إنجلترا، لأشاهد هذا التجمع لأول مرة، ولأقع في غرام المنتخب الإنجليزي لأول مرة، لأشاهدهم هذا الكأس للمرة الأولى في كأس العالم.
نعود لفرنسا 98، أمتع كؤوس العالم التي شاهدتها حتى حينما أعدت مشاهدة مباريات كأس 94 مرة أخرى وانا كبير تظل 98 هي النسخة الأكثر متعة، فل لم ندري نحن الأطفال لماذا تعاطفنا مع كرواتيا التي تواجه غيلان كرة القدم وتصل حتى نصف النهائي، كيف تعلقنا بذلك اللعيب الذي قررنا جميعا أن نطلع عليه اسم سكر، بل وتبارينا في اختراع قصص حول أصله العربي وكيف تحول إلى كرواتي، قبل أن نكبر لنعرف أنه دافور سوكر وليس سكر.
في تلك البطولة تعرفت على عدد من أساطير الكرة فكل منتخب كان به نجومه، بالطبع سوكر في كرواتيا وبيبتو ورونالدو في البرازيل وزيدان وإيمانويل بتيبت وبافيان بارتيز في فرنسا، اورتيجا وباتيستوتا وكريسبو وأيالا وفيرون وزانيتي في الأرجنتين، بيركامب وسيدورف وكلايفريت وديفيز وبرونكهورست وكوكو وأوفر مارس من هولندا، وبالطبع كل لاعبي المنتخب الإنجليزي بما فيهم الصاعد الواعد وقتها مايكل أوين وعلى رأسهم الرجل آلان شيرار وتيدي شرينجهام وغيرهم الكثيرين.
في يوم النهائي كنت حزين لأن هذه المتعة انتهت ولن تعود سوى بعد 4 سنوات، حزين لهزيمة البرازيل على يد فرنسا، حزين لأن الكرسي والتلفاز لن يخرجوا مرة أخرى، خاصة وأن كل البطولات والمبارايات الأخرى في الغالب تلعب في أيام الدراسة فلا مجال لأي شيء وقتها، حزين لأن هذا التجمع سينتهي، صحيح ان عاد في يورو 2000 ولكن كأس العالم 1998 كأن كأس العالم الوحيد الذي شاهدته كاملا من استاد عم أحمد عبدالوهاب على رصيف منزلنا، لأن في 2002 كنا في منزل جديد يبعد عنهم وكنا في الثانوية العامة.
ومنذ فرنسا 1998 وحتى اليوم يقترن كأس العالم عندي بعم أحمد عبدالوهاب بجلبابه الصيفي وأطنان اللب والسوداني واعقاب السجائر واستاد الرصيف المرتجل، والتلفزيون القديم وتشجيعنا نحن الأطفال وانبهارنا بما نراه ومحاولات تقليده في لعبنا البائس بالكرة على الأسفلت، ليظل عم أحمد عبد الوهاب رحمه الله هو بطل كأس العالم الحقيقي في كل مرة.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال