عناوين النجوم .. كيف صنعت المجلات الفنية التريند قبل الإنترنت ؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تخيل ، وأنت نجمًا من نجوم السينما أو التليفزيون أو الطرب في مصر ، وتتصفح إحدى المجلات الفنية ، وتجد عنوان بيتك في باب العناوين كسبق صحفي خطير ، لتفتح شرفة شقتك تجد الجمهرة الغفيرة أمام مدخل المنزل ، ولا شك أن الجمهرة تجذب الصحفيين ، والكاميرات ، والمزيد من الناس ، وتؤجل عمل اليوم إلى الغد حيث أنك لن تستطيع النزول إلا بعد الاتصال بالشرطة لتفسح لك الطريق ، حيث أن الجريدة أو المجلة التي نشرت عنوانك ، لا يهمها كل ذلك ، مقابل تحقيق التريند العظيم الذي يزيد من نسبة مبيعات المجلة بسبب شغف المتطفلين .
يحكي لك كثير من النجوم عن مجاذيب الوسط الفني ، الذين سكنتهم عفرية السينما ، الذين هم زبائن الظهيرة في دور العرض ، حيث التماهي مع الفنان الفولاني ، وعشق الفنان الفولاني ، واعتبار الفنان الفولاني مثلًا أعلى بسبب أدواره الطيبة ، واعتبار آخر شيطان رجيم بسبب أدواره الشريرة ، غير أن المجلات الفنية لم تكن تغفل وجود هؤلاء في حيز لا بأس به في خريطة بيع المجلات ، فكانوا يتلقفون تلك الأعداد من الباعة صباحًا ، حيث يتمترس أمام بيت الفنان الفولاني ، وتلك الفعلة أكثر من عانى منها هو المخرج الكبير يوسف شاهين ، حيث تعرف على القاصي والداني بسبب تلك المقالب السخيفة لصناعة التريند الفولاني .
في باب “بيني وبينك” بمجلة الكواكب ، جرت العادة أن تنشر عددًا من عناوين منازل النجوم .. عندك مثلًا في إحدى الأعداد ، نشرت المجلة عنوان فاروق الفيشاوي : 76 شارع المحروسة – مدينة الصحفيين متفرع من شارع أحمد عرابي في الجيزة … كما نشرت عنوان الفنانة معالي زايد : 45 مكرر شارع شامبليون – القاهرة .. وقامت بعرض عنوان الفنان كمال الشناوي : 56 – شارع الجيزة .. ونال عنوان الفنانة عايدة عبد العزيز من باب المجلة نصيبًا ، حيث كان : مدينة نصر – شارع الطيران – عمارة رقم 1- رابعة العدوية .
والحقيقة أن هذه الطريقة لتحقيق الترافيك وزيادة نسبة المبيعات تلفت انتباهنا لسؤال كبير ، أين اختفى الفنان ؟، ولماذا أصبح يتحاشى التواجد في مكان به جمهوره ، ولماذا حدثت كل هذه الفجوة بين الفنان وجمهوره ، حيث أن الفنانين أصبحوا جيران حي أو اثنين على الأكثر ، حيث أصبحت أشبه بمستعمرة يضمون فيها الابتعاج عن الجمهور قدر الإمكان .. كان وحيد سيف يحرص على التواجد في مقهى بشارع المعز بين الناس حتى رحيله ، وكان سعيد صالح ينزل إلى الشارع يجلس في أي مقهى ويفتح نقاشًا بين أي عدد من الجمهور .. يعمل الفنان الآن أول ما يعمل على رسم صورة جبسية متجمدة حول البرج العاجي الذي يسكنه .. أصبحت الحكاية أكثر قولبة على اللايف واليوتيوب وغيرها .. وإن سألت أحدهم سيخبرك أن هذه آفة العصر .. لكنه يغفل دائمًا أن الفن موجودًا لإصلاح آفات العصر .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال