عنبر “ألف” خطر
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عشر سنوات وأكثر مروا على هذه التجربة، وكأنني عشتها بالأمس. طالبة بكلية الآداب قسم علم النفس متحمسة للتدريب العملي بمستشفى المعمورة.
أصرت أمي أن تذهب معي هذا التدريب؛ لأنها عملت بنفس المكان قبل ولادتي بسنوات كممرضة.
بالنسبة إليها فقد جاءت معي لتسترجع الذكريات، وبالنسبة لي فهي أول تجربة حقيقية كي نتعرف على أنواع الأمراض النفسية والذهانية على واقع مؤلم ولكن موجود.
دخلت المستشفى مع أمي و المجموعة التي كنت معها وترأسها معيدة بالكلية.
سرحت أمي مع ماضيها بالمكان، وأخذت تحكي لي ما تغير بالمستشفى-وكان قليل-وما لم يتغير وتحفظه كاملا؛ فهذا مكان مخصص لعلاج المدمنين، وهذا المكان أعلى رفاهية بأموال أكثر، وهذه الحديقة أتذكرها جيدا.
كما سرحت أمي في ذكرياتها، سرحت أنا ونسيت مكان مجموعتي، وأخذت في البحث عنهم وحدي، وتركت أمي في الحديقة.
دخلت عنبر ألف رجال (خطر) وكنت في بداية العشرينات من عمري.
كيف حلت أغنية كريم محمود عبد العزيز أزمة سوسو
دخلت العنبر الذي لا أتذكر منه سوى أنه يقبض القلب حرفيا، مظلم وغير مريح بالمرة. الممرضات بكل مكان، والرجال يبدو عليهم المرض العقلي وفرط الحركة.
حركة بكل مكان وحركات مريبة وممرضات يبدو عليهن الشقا وأناس يبدو عليهم أنهم لا يشعرون بالحياة من الأساس، كما يبدو عليهم أنهم فعلا خطر!
شعرت بالخطر وجريت بين المرضى وكان الباب قد أغلق، وعنبر مثل هذا بابه من حديد كأبواب السجن.
الموقف كله مخيف لفتاة مازالت تستكشف العالم البسيط من حولها، فوجدت نفسها بعنبر مثل هذا.
جريت واستغثت بإحدى الممرضات وحكيت لها الحدوتة من طق طق إلى التيه الذي وصلت إليه، فقالت لي في دهشة:
إيه اللي جابك هنا؟!
فتحت الباب الحديد الذي يصدر صوتا ثقيلا زاد الثقل داخلي بعد هذا الموقف.
عدوت إلى الحديقة حيث أمي، قلت لها: أنا عايزة امشي من هنا، دخلت عنبر ألف خطر بالغلط.
كنت في حالة من التوتر غير عادية، فيما حاولت تهدأتي وحاولت أن تفهم كيف لم أصل لمجموعتي.
سمعت الحوار بيننا عاملة بالمستشفى، فسألتني إذا كنت قد جئت مع طلبة كلية الآداب قسم علم النفس، ثم وصفت لي أين ذهبت المجموعة، وكيف أصل إليهم، وشرحت لي أن عنبر ألف ممنوع الاقتراب منه سوى للمتخصصين بالمستشفى، وقالت: أيه وداكي هناك؟
دائما يسألني الناس هذا السؤال، إذا جمعتني الصدفة بأحد الشخصيات المريبة، أو التجارب الحياتية المريرة.
في النهاية أذهب حيث مصيري، وبالموضوع القادم سأستكمل بقية القصة التي لم أنساها أبدا بمستشفى المعمورة. لا حرم الله أحد من نعمة العقل ولا الاحساس.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال