همتك نعدل الكفة
482   مشاهدة  

عندما أخرج عبد الناصر حافظة نقوده قائلًا: هي الحكاية كلها على كام؟

عبد الناصر
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بالأمس، والآن، وغدًا .. لن يكف النبّاشين في التاريخ القريب من كُتّاب وصحفيين وباحثين، ومن لديهم هواية وغواية التاريخ.. لن يكفوا عن قراءة فترة بدأت منذ لحظة ثورة  23 يوليو، فترة زخمة بالأحداث وبالأخص عن الشخصية الأكثر بحثًا إلى الآن، هو الزعيم جمال عبد الناصر، والذي سبقنا السياسي الكبير فتحي رضوان، في تدوين شهادته عن تلك الفترة في كتاب “أسرار حكومة يوليو”، وفيه قام بتخصيص فقرات معظمها كان عن علاقة جمال عبد الناصر برجاله وما كان يدور خلف الكواليس، والتي من ضمنها الليلة التي عرض فيها عبد الناصر محفظته لحل أزمة قد حدث .. وكان هذا ما رواه لنا ..

 

كان موفق حموي من أقرب الضباط إلى قلب عبد الناصر، وكان من أوائل من ضمهم خلايا الجيش الثورية .. وكان رفيقًا لعبد الناصر في حصار الفالوجة.  وبعد نجاح حركة 23 يوليو خلف الصاغ حموي البكباشي أنور السادات في الإشراف على رقابة الصحف وكان هذا الموقع أحد المراكز الحساسة على خريطة السلطة الجديدة وهي تؤمّن نفسها ضد التيارات الخفية والمُعلنة .. ثم حدث أن أُلغيت الأحكام العرفية في عام 1957 عقب إعلان دستور 1956 بمدة قصيرة فأُلغيت بذلك وظيفة مدير الرقابة ونقلوه إلى وزارة الإرشاد التي كنت أتولاها .. وكان لابد من اختصاص يتولاه .

 

فكرنا بادئ ذي بدء في أن  ننشئ له “مصلحة” باسم مصلحة الصحافة، تنتزع اختصاصاتها من اختصاصات مصلحة الاستعلامات. ولكن ذلك بدا أنه سيفتح باب تهب منه رياح الخلاف بين الضابطين الزميلين موفق حموي ومحمد عبد القادر حاتم .. فعدلتها عن الفكرة واكتفيت بتعيين الأخ موفق في وظيفة إدارية كبيرة بالوزارة .. ولست أريد هنا أن أغرق القارئ في تفاصيل إدارية ولكن يكفي أن أشير إلى أن موفق خيّل إليه بعد تعيينه بقليل أنني حول دون مزيد من الرقي له إلى درجة أعلى .. وأنني أثرت بها على آخرين .

وقد تكرر هذا الظن منه مرتين .. مرة حين فضلت عليه المحقق عليه المحقق المعروف الأستاذ زكي خورشيد الذي كان قد أتم تعليمه حين كان موفق لا يزال يتلقى علومه في المدارس الإبتدائية ومرة ثانية حين فضلت عليه رجلًا دخل الخدمة قبل أن يولد موفق نفسه وهو المجاهد القديم يوسف عبد الغفار أحد أبطال ثورة 1919 .

وكان من رأيي في الحالتين أن في شباب موفق وحداثة عهده بالتصدي للخدمة العامة ما يمكنه من الانتظار شهورًا إلى أن يحال أحدهما إلى التقاعد .. ولكن موفق كان له رأي آخر، ولا أظن بالتماس العذر له من وجهة نظره فإنه رأي .. (وهذا كلامه الذي قاله مرة في مواجهة) بعض زملائه الأحدث منه خدمة وقد أصبحوا وزراء .. وأذكر أنني قُلت له .. عندك حق ولكن اذهب إلى الذي يعين الوزراء فلعله يعينك  ولعله يضعك مكاني .. ولعل يوما يجئ فاطرق بابك لأسألك أن تسوى استحقاقاتي في المعاش .. أما أنا فلا استطيع لكي أعطيك ما تعتبره حقا لك أن أسلب من هم في والدك حقوقهم . . فذهب موفق حموي يشكوني إلى عبد الناصر، ويناشده أن يكلمني في أمر ترقيته . فرفض عبد الناصر وأحاله على عبد الحكيم عامر الذي أبى بدوره أن يكلمني وأحاله على أحمد حسني وزير العدل الذي بادرني ذاهلًت فور اتصاله بي ..

انت مجنون ! .. الناس بتجري وراء سائق عبد الناصر .. وراء العسكري اللي واقف أمام بيته .. وانت بتزعل زميله وصاحبه؟ .. انت مالك ما دامت لجنة شؤون الموظفين المختصة بنظر ترقيات الموظفين افتت بوجوب ترقيته مرتين .. رقيه .. ما تبعد عن الشر وغني له !  

إقرأ أيضا
إبرة دخل دماغ سيدة

ولكني رفضت أن أبعد عن الشر ورفضت أن أغني له ! وتكررت شكوى موافق مني ثلاث مرات : وتكرر اتهام أحمد حسني وزير العدل لي بالجنون ثلاث مرات . ولم ينل موفق الدرجة الأولة التي سعى إليها كل هذا السعي . إلا بعد أن اتخذت اللجنة الحكومية برئاسة السيد زكريا محيي الدين خطوة معينة أزيح بمقتضاها أحد منافسي موفق عن الخدمة بعد منحة مدة وأحيل إلى التقاعد .. والمهم في القضية كلها أن عبد الناصر رفض  أن يطلب إلى أن أعدل عما رآه حقًا . وعرض حافظة نقوده الخاصة ليعوض صديقه عن تقصيري، قائلًا : هي الحكاية كلها على كام؟!

الكاتب

  • عبد الناصر محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان