عندما أدت رؤية هلال رمضان إلى خلاف بين الشعراوي ومستشار وعالم فلك
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
هل شهر رمضان لعام 1397هـ يوم الإثنين 15 أغسطس عام 1977م وكان حينها الخلاف محتدمًا حول استطلاع رؤية هلال رمضان بالعين المجردة أو بالطرق العلمية الأخرى.
العين المجردة في رؤية هلال رمضان وخلال السبعينيات
كانت أولى الصيحات التي طالبت بإلغاء استخدام العين المجردة من الدكتور عبدالله إبراهيم العالم في معهد الأرصاد الفلكية والجيوفيزيقية والذي كتب مقالاً في الأهرام بعنوان رؤية أخرى في رؤية هلال رمضان.[1]
خلال مقاله قال عبدالله إبراهيم بضرورة إعطاء الأولوية للحساب الفلكي من خلال الأدوات الفلكية العلمية وعدم الاعتماد على الرؤية بالعين المجردة؛ وأعطى 5 أسباب لذلك كان أولها الإجهاد وسوء التغذية، الحالة النفسية، وجود سحابة صغيرة يظنها الرائي هلالاً، فضلاً عن ظروف أخرى تؤثر على مدى البصر.
كان الصحفي محمود الكولي مندوب الأهرام في وزارة الأوقاف هو من قام بعمل متابعة على مقال الدكتور عبدالله إبراهيم فكتب متساءلاً «في كل عام ترتفع أصوات غير المتخصصين في شرع الله وفي الفقه الإسلامي متسائلة لماذا هذا الحرص على استطلاع الهلال بالعين المجردة وقد تطورت الدنيا وتقدم العلوم وأصبح الحساب الفلكي يؤدي مهمة رؤية الهلال ؟».[2]
اقرأ أيضًا
استطلاع هلال رمضان في مصر “بدأ مع يمني وعباس يجعله بدار الإفتاء”
كانت إجابة السؤال موكولة إلى وزير الأوقاف حينها الشيخ محمد متولي الشعراوي والذي قال الإسلام يؤيد المنهج العلمي ومع أي تطور علمي ولا يمنع من الاستعانة بالحساب الفلكي، لكن العين المجردة توفر الانضباط، ومعظم الفقهاء يرون أن الهلال إذا رُئي في بلد يقع معنا على خط جغرافي واحد فإنه يلزم بدء الصيام عند بقية البلاد الواقعة، وإذا كنا نحرص على ضبط أوقات الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة فلماذا يعاب ضبط هلال رمضان بالصورة الشرعية التي حددتها الشريعة؟.[3]
رد الشيخ محمد متولي الشعراوي لم يعجب المستشار محمد رشاد عابدين رئيس محكمة بشمال القاهرة والذي كتب مقالاً في الأهرام واتهم الشيخ محمد متولي الشعراوي أنه أخطأ في تفسير آيات القرآن حول الرؤية فقال «لقد تأول الشيخ الشعراوي الآية في قصة المعراج، والقضية الأساسية هل تعني كلمة الرؤية العلم أو الإدراك أو الاستدلال على الشيء؟، الرؤية كما حددها الله تعني العلم وليس النظر، وإن كان الشيخ يرى غير ذلك فهو على خطأ».[4]
موقف دار الإفتاء من المسألة قبل خلاف الشعراوي وبعده
قبل خلاف الشعراوي مع رئيس محكمة شمال القاهرة بـ 75 عامًا كانت دار الإفتاء المصرية ترى أن المسألة فيها خلاف لكن لا يتم الالتفات إلى الحساب.
كان صاحب ذلك الرأي هو الشيخ محمد عبده والذي قال «العمل بالحساب ففيه خلاف بين علماء بعض المذاهب والمعول عليه ألا يلتفت إلى الحساب لأن أحكام الدين الإسلامي مبنية على الأسهل والأيسر للناس في أي قطر كانوا وأي بقعة وجدوا».[5]
لكن الشيخ جاد الحق علي جاد الحق عام 1979م أعطى اهتمامًا بمسألة الحساب فقال «إذا لم تثبت رؤية الهلال بأي سبب أو مانع كان عليهم اكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا متى قطع أهل الحساب بأن هلال رمضان يولد ويغرب قبل غروب شمس يوم 29 من شعبان؛ أما إذا قطع أهل الحساب بأن هلال رمضان يولد يوم 29 من شعبان ويمكث فوق الأفق بعد غروب شمس هذا اليوم مدة يمكن رؤيته فيها فإنه في هذه الحالة يعمل بقول أهل الحساب الموثوق بهم، ويثبت به دخول شهر رمضان، بناءًا على ما ذهب اليه بعض الفقهاء واستقر عليه رأى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف».[6]
[1] عبدالله إبراهيم، رؤية أخرى في هلال رمضان، جريدة الأهرام، عدد 10 أغسطس 1977م، ص3.
[2] محمود الكولي، الشيخ محمد متولي الشعراوي يجيب عن: لماذا رؤية الهلال رمضان بالعين المجردة ؟، جريدة الأهرام، عدد 16 أغسطس 1977م، ص5.
[3] المرجع السابق.
[4] محمد رشاد عابدين، رد على الشيخ الشعراوي حول رؤية هلال رمضان، جريدة الأهرام، عدد 18 أغسطس 1977م، ص5.
[5] مفتون، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، جـ4، ط/1، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1413هـ / 1993م، ص1553.
[6] مفتون، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، جـ5، ط/1، ص1744.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال