عندما لبست البكيني لأول مرة
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
البكيني مايوه بقطعتين لم أفكر يوما في ارتدائه لكوني محجبة، ولكن فكرت يومًا في تجربته عندما أعلنت شركة سياحة عن رحلة الصيف الماضي لقرية بالساحل لشمالي بها حمام سباحة مغلق للسيدات
فكرت في شراء البكيني فوجدت نصيحة من صديقاتي ألا أرتدي مايوهًا يكشف معظم جسدي ولو أمام النساء، وكانت نصيحتهم أن هذا من باب الحياء وأشياء أخرى سأكتشفها عندما أذهب بنفسي
اشتريت مايوهًا بقطعتين يُصنف بين البكيني والتاكيني، وذهبت معى صديقاتي لأول مرة لحمام السباحة المغطى. وكفتاة اسكندرانية أصيلة تعلمت السباحة منذ الطفولة .وتشتاق للعوم، خلعت البوركيني في هدوء ليظهر من تحته المايوه البكيني أو التاكيني المختلف
المفاجأة أن معظم السيدات بالمكان كانوا يجلسون أمام حمام السباحة بمايوه المحجبات!..ومنهن من احتفظت بحجابها كاملًا. بدأ يصيبني التوتر عندما لاحقتني الأعين كلها تقريبًا بالمكان، وشعرت أنني المختلفة الوحيدة فيه، ولكن قررت أن اليوم للانبساط لا لتحليلات فرويد النفسية لتصرفات الناس
قفزت بحمام السباحة وأخذته من أوله لأخره عومًا، فتفاجئت بسماع تصفيق حاد وتصفير عنيف من السيدات اللاتي اصطففن حول حمام السباحةأخذت بضع ثوان :لاستيعاب أن كل هذا التصفيق والتصفير كان لي، وتأكدت عندما قالت إحداهن بصوت عالٍ
يا جااااااااامدة.
لم أرَ أخريات بمايوهات تناسب المكان. وجدت نفسي محتاطة بالبوركيني أو العبايات وكأنني مازلت بحمام للسباحة مختلط. مر اليوم بسلام رغم شعوري أنني .كنت الكائن الفضائي الذي هبط على أرض غريبة وحاول التصرف بأريحية وكأن المكان وطنه
قضايا المرأة وطريقة نشر ملابسها الداخلية
مر أيضًا صيف 2019 بسلام، وجاء صيف 2020 الذي حلفت فيه أن أكرر التجربة بعد قضائي شهور الحظر بسبب الكورونا. ذهبت لنفس القرية السياحية بنفس .المايوه الذي لم تسعفني الأيام أن أستمتع بتغيره، ولنفس حمام السباحة المغطى للسيدات
كان الموقف هذه المرة أشد غرابة؛ أثناء خلعي للبوركيني الفت مجموعة سيدات بشكل أكثر صراحة لمراقبتي نظرت لهم اعتقادا مني أن نظرتي ستردعهم، فزادت :نظرتي جرأتهم وظلوا يراقبونني حتى بدلت ملابسي.سألت صديقتي المقربة بعد شك وتوتر حقيقي تملك من قولوني
مش دا يا بنتي حمام السباحة بتاع الستات؟
لوهلة تخيلت أن إحداهن ستوجه لي نقدًا أو تفاجئني بأن هذا المكان لم يعد للسيدات، وخاصة أن جميعهن هذه المرة كانوا بالبوركيني واحتفظوا بحجابهن.
:توجهت إليهن وسألت عن عدد سلالم حمام السباحة لأنني أعاني من رهاب نزول سلالم استقرت بالماء ولا أراها. ردت سيدة وهي تمد لي يدها وقالت
تعالي يا حلوة..امسكي إيدي هم خمسة..أيوة انزلي
واحد…
اتنين…
تلاتة..
أربعة..
أيوة خمسة دي أخر سلمة
قفزت في الماء وأخذت في السباحة حتى وجدت دائرة من سيدات البوركيني حولي كدائرة لعبة فتحي يا وردة التي لعبتها في الصغر. قالت إحداهن لي بلهجة قرى الفلاحين الطيبة:
انتِ اسمك إيه؟
قلت بتوتر:إسراء
قالت لصديقتها: اسمها سارة..شوفتيها دي بتعرف تعوم. انبي يا سارة تعلميني؟..علميني العوم.
حاولت بجدية أن أعلمها خطوات بسيطة، ولكن يأست بدري وقالت:
انبي ما هعرف اعمل حاجة..ولا عارفة اعمل حاجة خالص.
نظرت كل سيدة لمن تجلس بجانبها على سور سلم حمام السباحة كانت كل واحدة تنظر للأخرى تنتظر إشارة تشجيع أن تخلع بعض من البوركيني. شعرت حينها أن السيدات يخافون حكم الأخرين على شكل أجسادهن. ما حدث معي من مراقبة وفرز من إخمص قدمي لشعري يوحي بذلك
تذكرت صديقاتي عندما نصحوني ألا ارتدي البكيني أبدًا بمكان خاص بالسيدات، وأنني سأعرف الأسباب وحدي. تذكرت صديقة لي قالتعن شاطىء خاص بالسيدات:
هو أنا لو رحت ممكن يسمحو انزل بالبوركيني؟..بصراحة بخاف حد يصور
استدرت أذناء التفكير بحمام السابحة لأجد لافتة كبيرة كتب عليها بالبنط العريض بجمام السباحة “مكان مخصص للسيدات..ممنوع التصوير“
نحن دائمًا نتتبع الخوف، ولا نستمتع من محاوطة الشك بنا. إن كنا محجبات أو غير محجبات نخاف أحكام الأخرين علينا مما نرتديه، ونخاف أحكام الأخرين على .أجسادنا، ونهاب تعليقات النساء على أوزاننا. نخاف الكاميرات التي يمكن أن يستغلها أحد لتصورينا بأي وقت، واستغلال الصور في أي مصيبة
قطعت حبل التفكير وركزت مع استمتماعي بالماء حتى دخلت فتاة واحدة كانت ترتدي فستانًا تايجر،. فالتف حولها النساء وطلبوا منها أن ترقص. رقصت الفتاة ولكن .على استيحاء كبير دون رقص حقيقي. ظلت تتمايل مع غناء السيدات فأحببت محاولاتهن لاقتناص لحظات من البهجة دون خوف
تذكرت فيلم “يوم للستات” ومشهد هذا اليوم الذي تمتعن فيه نساء الفيلم بنزول حمام السباحة، ولكن يومي بالساحل استمتاع السيدات فيه كان ربما بحرص زائد، وعيون تحاول التقاط أي إشارة تشجيع تقول من حقنا الاستمتاع ولو بيوم واحد للستات!
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال