همتك نعدل الكفة
808   مشاهدة  

عندما وقفت بين عبد المنعم مدبولي وسعيد صالح..يرويها زكوة 8

المسرح


في طريقي إلى المسرح كنت أشعر بعدم رغبة في تكرار ما أفعله يومياً طيلة الشهرين الماضين أمام الجمهور حيث أدخل من الكالوس مرتدياً زي جارسون حاملاً صينية الطعام لأقف في المنتصف بين أستاذ عبدالمنعم مدبولي و سعيد صالح و عبدالله فرغلي الذين يتقمسون داخل الرواية شخصيات أعضاء فرقة مسرحية ثم أضع الصينية و أنطق جملة وحيدة تعبر عن رغبة الشخصية في خوض تجربة التمثيل ثم ينهرني أحدهم لأجري بطريقة مضحكة و أخرج مرة أخرى إلى الكالوس و أنتظر حتى تنتهي ليلة العرض دون أن أشعر بمتعة في التمثيل أو بفائدة من عملي بالمسرحية.

 

وصلت أمام المسرح ، رفعت رأسي لأعلى تجاه الأفيش ، نظرت إلى عنوان الرواية ” هاللو شلبي ” موزع حوله صور و أسماء عبدالمنعم مدبولي و سعيد صالح و عبدالله فرغلي و مديحة كامل و سهير الباروني و نظيم شعراوي و بدلاً من الدخول إلى المبنى إستدرت مبتعداً.

 

بعد دقائق عدت أحمل في يدي عُلبتين ، واحدة تحوي ورنيش أحذية أسود اللون و الأخرى بداخلها فازلين يُلمع و يفرد الشعر، دلفت من الباب إلى عمق المسرح ، بدلت ملابسي بملابس الشخصية ، وقفت أمام المرآة ، وضعت كمية من الفازلين فوق شعر رأسي الكثيف المنكوش ، مررت كفي من منبت شعري إلى مؤخرة رأسي ، أعدت وضع مزيداً من الفازلين ، مشطت شعري بمشط صغير فغيرت من هيئته ، أصبحت خصلاته لامعة ملتصقة مفروقاً من الجانب ، بعدها فتحت غطاء عُلبة الورنيش ، لونت بشرتي بهدوء و دقة فزادت سُمرتي ، خرجت إلى ركن مظلم في نهاية الكواليس ، جلست فوق صندوق خشبي صغير كي لا يراني أحد و إنتظرت ميعاد تأدية دوري.

أحمد زكي على المسرح في هاللو شلبي
أحمد زكي على المسرح في هاللو شلبي

حمل أستاذ عبدالمنعم العصا الخشبية و وقف في بداية الكالوس و دق ثلاثة فوق أرض الخشبة فهدأ الضجيج بالصالة ثم فتحت الستارة.

أفقت من شرودي منتبهاً على تكرار صياح شخص ما بإسمي فإستوعبت أن مساعد المخرج يبحث عني لإقتراب توقيت دخولي ، إنتفضت متجهاً إلى مكان الصينية التي تحمل الأطباق ، إنحنيت و إلتقطها رافعاً إياها فوق كتفي ، أغمضت عيني برهة ثم نظرت إلى الخشبة حيث كان سعيد صالح يرقد على السرير بينما عبدالله فرغلي يقف أمام أستاذ عبدالمنعم ينطقون جُل حوارهم ، إلتفت إلي مساعد المخرج ليتأكد من إستعدادي و يراجع ملابسي و ما أحمله فنظر إلى منظري و شهق مخضوضاً.

 

– إيه اللي إنت عامله في نفسك ده ؟

لم ألتفت إليه و ظل بصري معلقاً بما يدور أمامي في عمق خشبة المسرح ، أمسك المساعد بذراعي.

 

  • باقولك إيه … إحنا زي ما ما إحنا هاتحط الصينة و تقول فين الدور .. أستاذ منعم هايجري وراك فتتخض و تيجي على هنا من غير ما تنطق حرف زيادة .. مفهوم

لم تكن كلماته تعني لي شيئاً و ربما لو سمعت تهديده لي في مكان آخر غير تلك النقطة من خشبة المسرح أو في لحظات لا تسبق دخولي كنت لكمته في منتصف صدره ، إلتقطت شهيقاً عميقاً ، إنتظرت برهة ، دفعت الهواء من صدري عبر فمي و أنفي فشعرت أنني أطير إلى منتصف الخشبة .

وضعت الصينية فوق منضدة صغيرة بينما سعيد صالح يرقد على السرير و أستاذ منعم و عبدالله فرغلي يقفان في منتصف الخشبة ، إقتربت من أستاذ منعم و قبلته في جبينه ، نظر إلى وجهي و شعر رأسي فشعرت بعينيه تخبراني بأن لا أتراجع .
– آدي الأكل … عايز الدور بأه يا أستاذ ( قلت )
– طب تسمح تشيل دي

قالها و هو يشير إلى الطاولة التي وضعت عليها الصينية ، كان من المفترض أن يهرول في إتجاهي مثلما يحدث دوماً فتظاهرت كما هي طبيعة الشخصية بأنني مرتبك ، حملت الطاولة تجاه ناحية اليسار فأشار لي عبدالله فرغلي تجاه الناحية العكسية .
– هاتها هنا … هنهُو …. هنهُو ( قال عبدالله )
– أمتحنك بأه عشان توريني إزاي بتمثل ( قال الأستاذ )

 

إقرأ أيضًا…عندما هرولت تجاهي عفاف شعيب..يرويها زكوة 7

 

لمحت مساعد المخرج في مكان وقوفه بالكالوس يضع يده فوق رأسه و على ملامح وجهه علامات التوتر بينما بجواره وقف نظيم شعراوي و على وجهه علامات التعجب لأنه كان من المفترض أن يدخل إلى المسرح لحظة خروجي ، شعر عبدالله فرغلي بتأخر ردي على أستاذ منعم فنبهني بتلك الجملة :
– ياللا …. حافظ إيه ؟

إقرأ أيضا
مدحت صالح

إبتسمت ، بان على وجهي الحماس الشديد .
– أنا عندي حتتين
– إيه هما ؟ ( سأل عبدالله )
– حتة من فيلم …

– حتتين إيه ! لحمة ؟ ( سأل سعيد )

ضحك الجمهور في الصالة بشدة فشعرت بإطمئنان و مثلت ما لم يكن متفقاً عليه مسبقاً ، إرتفع صوت الضحكات بالصالة و صفقوا لي بحرارة ، خرجت إلى الكالوس بأنفاس متلاحقة مُجهداً و كأنني عائد من سباق إختراق ضاحية ، إستقبلني نظيم شعراوي و مساعد المخرج و باقي زملائي مهنئين ثم إنتبه نظيم لتأخره عن الدخول فتركني و هرول ،

شعرت بالخجل من إطرائهم فإختبأت في نفس الركن بنهاية الكالوس و في أول خروج لأستاذ منعم من الخشبة ناداني .

 

  • برافو يا أحمد … خرجت عن النص و ضحكت الناس بس كنت شاطر عشان عملت ده و إنت فاهم الشحصية كويس عشان كده هانثبت ده كل ليلة .. شد حيلك

خرجت من باب المبنى إلى الشارع و أنا أحجل فبدوت كطفل صغير لكن لم تمنعني نظرات  الدهشة في عيون المارة من حولي عن التوقف .

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان