رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
349   مشاهدة  

عن أحلام يقظة البنات في مجتمع لا يحبهن

أحلام
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



– أكملت عامها الثاني ولم تتمكن من المشي، لم تخطو خطوة واحدة بعد، لقد تأخرت كثيراً، “يمكن بتخاف، أخوها سبقها”.
– من الأفضل أن تلتحق بالمدرسة مبكراً، يجب أن نبذل مجهوداً مضاعفاً، لكي تتخرج صغيرة -تظل تعاني بسبب عمرها الصغير مقارنة بنظرائها، “ويظلوا يرددوا: تستوعب بصعوبة، أخوها أشطر”!
– لن تتحمل الالتحاق بجامعة خارج مدينتنا، يجب أن تظل تحت النظر، لعل الله يبعث لنا ابن الحلال الذي يريحها، يقصدون راحتهم هم فلم يحاولوا سؤالها يوماً.
ربما يأتي ابن الحلال، وقد يتأخر، وقد لا يأتي ابداً، وربما تعتقدين أن خطأ ما بكِ كان سبباً جعل أولاد الحلال يضلون طريقهم إليكِ، وبينما تقصر قامتك بداخلك يكبر شيء آخر، أنتِ دائماً في حاجة لأحدهم ليقدم المساعدة، أنتِ لا تستطيعين وحدكِ، ربما تتخلين عن ابن الحلال وترتضين بظل الحيطة، وقد تقبلين عقداً لا يفضي إلى شيء غير معاش محتمل بعد تعيين وراد يكفيك السؤال بعد بلوغكِ الستين.
كنت أتخطى الحواجز جميعها في أحلام اليقظة، كنت البطلة الخارقة، أقود سيارات السباق وأصعد إلى المسارح كل ليلة، تارة أغني وتارة ألقي كلمة عن وجوب سيادة الإنسانية وحماية المشردين أمام جمهور من المصفقين الذين لم أميز وجوههم يوماً، وتارة أخرى أكون راقصة باليه ألعب دور سندريلا على مسرح الأوبرا، بعد سنوات لفتني أني كنت أرقص في أحلام يقظتي على مسرح الأوبرا القديمة التي احترقت، ربما هي التي كنت أعرفها في ذلك الوقت من مشاهدة أفلام الخمسينيات وربما لم أكن أعرف بأن هناك واحدة جديدة، لم أكن أكترث للواقع بأي حال.

المأزق الذي خدعني

ظننت أن بي مسّ فلم أكن أستيقظ من أحلامي، سوى لحظات حين يتدخل أحدهم ناصحاً بقهري بحجج مختلفة، ثم أبتعد وأزيد في توغلي أكثر.
ينجحون في إقناعكِ وأنت صغيرة بأنكِ لن تبلغي السماء طولاً ما حييتِ، فتهزمينهم وتطأي بقدميكِ السحاب عبر أحلامك وأنت مفتوحة العينين، غير أن أحدهم لو التقط لك صورة أثناء ظنكِ هذا لفَجعتِ من الأكتاف التي لامست الأرض انحناءً من فرط انكساركِ وأنتِ تتبعين إشاراتهم، وتنكرين.
المجتمعات التي تخشى التجربة وتهاب الخطأ وتتوجس من عقلٍ حرّ لا يشبه غالبية محيطه هي مجتمعات تجعل الحياة محرمة خاصة على المرأة، وتجعل التبعية وتكرار تجارب الآخرين هو النمط الآمن الوحيد وإن كان يميت روحكِ ويقوض أجنحتكِ، وتظل المِحنة الحقيقية هي أنكِ تضيعين موضع الحواجز، يضعونها داخلكِ وهي منهم.

كيف يمكنكِ تمييز عقباتهم التي وضعوها داخلك؟

يمكنكِ أن تضعي سؤالاً بديلاً عن كل حُلم تواجهين به عجزاً:
كم خطوة خطوتِ ليصبح الحلم واقعاً، كيف تتوقعين أن يقابل محيطك، أسرتكِ أو أصدقاؤكِ المقربين أو مجتمعك الأوسع في دائرة العمل، محاولاتكِ للوصول إلى مناطق لم تطلها أقدامهم من قبل؟ هل لأحدهم الحق في الحكم على شخصكِ مقابل فشل محاولتكِ؟ هل يُفقدكِ ذلك ميزات أعطوها لكِ ظننتِ أنكِ تمتلكينها؟ هل تخشين أن ينفذ رصيدكِ لديهم من إصراركِ على وصول أهدافكِ؟ هل اكتشفتِ أن لك عدداً مسموحاً من المحاولات للتجربة الواحدة يختلف باختلاف التجربة ذاتها؟
كم مرة تفكرين صباحاً في أن طلاء غرفة نومك ليس المفضل لديكِ، ثم لا تلبثي في تعديل الفكرة إلى أن تغييره سيتطلب وقتاً وجهداً، وأن لون الجدران الحالي لا بأس به، ربما أحتاج إلى بعض اللوحات لكي يصبح زاهياً أكثر، اللوحات التي لن تشتريها أبداً!
خلاصكِ مُعلق بقدر النزاهة والوعي اللذين تضعين بهما إجاباتكِ على كل ما سبق من أسئلة وتضعين بهما أسئلة أخرى تنتظر جوابكِ.
حينها تدركين المعاناة الناتجة عن التباين الواسع بين موضع قدميكِ والمطارح التي عُلقت بها روحكِ وتقدرين حجم إنجازكِ الحقيقي والوقت والجهد الضائعين في محاولات تخط خاطئة لحواجز ليست داخلكِ، بل كان عليكِ فقط تجاوزها والمُضي في طريقكِ.
تشبه الحواجز التي يضعها المجتمع بمفهومه الضيق والواسع تلك التي تواجه فارساً درب خيله ليتمكنا من اجتيازها معا، أنتِ الفارس وحياتكِ جواد لجامه بيديكِ، غير أنكِ أوسع حظاً من الفارس أيضاً، فإسقاطكِ لأحد الحواجز لن يخصم من نقاطكِ، ستظل خطوتكِ التالية إلى الأمام من دون خسارة.
لا بأس إن اعترفتِ بأن أحلام اليقظة كانت الملاذ الخطأ، فقد خدعتني مرة، كانت مُذهباً للعقل أدمنته، ظننت أنها واقية من لحظات صحوٍ نادرة كنت أحتسب فيها في صمت ثم أعود لخلوتي.
الآن، حين تقبضين على فرسكِ، وتمضين قدماً ربما أردتِ أن تلتفتي بين حين وآخر إلى حواجزهم التي وضعوها في طريقكِ وتركتها خلفكِ، لم تعودي في حاجة لأحلام يقظة تغرقكِ، فالفارس يستريح بليل يأتيه بحُلم في صحبة قمر ينتظر الصباح ليلهمه بسعي جديد.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان