عن أغنية البطيخ لـ المطرب محمد عطية
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
عندما استمعت إلى أغنية “البطيخ” التي أصدرها المطرب “محمد عطية” كنوع من التعبير والتضامن مع القضية الفلسطينية، تبادر إلى الذهن على الفور أغنية المطرب حمادة هلال “شهداء 25 يناير” التي أصدرها بعد ثورة يناير 2011 حيث نفس الرداءة والركاكة والطرح الساذج أثناء تناول قضية مهمة أو حدث جلل.
تفتح أغنية “البطيخ” وزميلتها “شهداء 25 يناير” بابًا واسعًا للحديث عن ثقافة مطربي البوب ومدى قدرتهم على التعبير عن المواضيع والمضامين السياسية والاجتماعية في ظل عدم تمرسهم على الأغنيات من هذا النوع والاكتفاء بالغرق حتى الأذان في اجترار المواضيع العاطفية المستهلكة وأن لم يفلحوا أيضَا في تقديمها بشكل جديد ومختلف.
أغنية “البطيخ” كتبها ولحنها محمد عطية وترك مهمة التوزيع الموسيقي للموزع اللبناني “شربل مزرعاني”، اختار عطية نبتة البطيخ عنوانًا للأغنية حيث يتشابه ألوانه مع ألوان العلم الفلسطيني، ويعتبر منذ عقود احد طرق النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنع رفع علم فلسطين داخل الأراضي المحتلة.
بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تم اعتماد البطيخ رمزًا للقضية الفلسطينية في ظل التضييق والرقابة التي تمارسها خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي على كل من يذكر اسم فلسطين أو مفردات عن المقاومة ضد المحتل الصهيوني.
على طريقة مطربي الراب والهيب هوب، وجه عطية كلماته بشكل مباشر إلى العدو الصهيوني وتعامل مع الأغنية على أنها “دس تراك” التي يسخر ويهين فيها شخص ما حيث حاول قدر الإمكان التقليل من العدو الصهيوني والسخرية من تاريخه.
في التاريخ أنا ميت كتاب
و إنت سطرين في المقرر
انت نسخة فاشلة مني
أصلي أنا و أنت المكرر
متخلقش اللي ينافسني
يلا يابا طريقك اخضر
صياغة عطية حولت الأغنية من الحديث عن قضية مفصلية وهامة إلى عركة في حارة بين خصمين أحدهم يفرض سلطته بتبجح والثاني يحاول التقليل والسخرية من تلك القوة المزعومة ثم صب اللحن على فكرتين الأولى ريستاتيف ينطق فيها الكلمات سريعًا على طريقة مطربي الراب والثانية في سينيو الأغنية التي تغزل فيها في البطيخ أما موسيقى الأغنية فجاءت مستهلكة من شربل مزرعاني تشبه موسيقى الإعلانات البلاستيكية وكأننا أمام أعلانا تجاري.
في حوار لعطية مع إحدى الإذاعات المصرية بعد صدور الأغنية قال أنه عادة ما يكتب أي أغنية في أقل من ساعة، أما أغنية البطيخ فقد استغرق في كتاباتها حوالي شهرين، حيث حرص على انتقاء مفرداته حتى يتخطى خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي ويتفادى منعها من الوصول إلى أكبر قدر من الجمهور، لكن هل ما سمعناه في الأغنية احتاج إلى شهرين فعليًا في الكتابة، ثم أنتج لنا في النهاية تلك الصياغة الركيكة جدًا التي لم تعبر عن القضية قدر تعبيرها عن البطيخ نفسه بل لو استمتعت إليها من منتصفها في اللزمة الرئيسية “ده حمار وحلاوة سكر ونقاوة غنوا معايا للبطيخ” لساد اعتقاد أنها أغنية دعائية لمنتج يحتوى على البطيخ ويبدو أنه اقتفى أثر أغنية “العنب” لسعد الصغير ولم تقنعني حجة الخوارزميات حيث كان من الممكن أن يتخطى كل تلك القيود بسهولة بأن يعود إلى الأرشيف الغنائي الذي يعج بالأغنيات التي تناولت القضية بشكل غير مباشر، لكن ليس في الإمكان أفضل مما كان تلك هي حدوده وإمكانياته.
في النهاية كل فنان حر في تناول القضية الفلسطينية أو أي قضية أخرى من خلال منظوره الشخصي، لكن كان يجب علي محمد عطية الاجتهاد أكثر من ذلك بدلًا من تلك الصياغة التي تعاملت مع القضية بشكل هزلي ركيك، لكن على كل حال القضية الفلسطينية ليست حكرًا على أحد ، بل أي محاولات سواء كانت جدية أم هزلية أفضل من السكوت والخذلان في ظل ابتعاد بعض الأسماء الهامة التي كنا نعول عليها للحديث عن القضية الفلسطينية مفضلين الاكتفاء بالأرشيف الذي قدموه في السابق.
رحلة عمرو دياب من الهوس بالنجاح إلى الهوس بالذات
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال