عن أغنية تجاوز لـ محمد محسن .. ضوء يلوح في أفق الأغنية المصرية
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
بعد فترة من التجريب في سوق البوب المصري، يعود المطرب محمد محسن إلي مشروعه الأصلي الذي كان يصنف على في فئة الأندرجراوند، أدرك محسن أن تلك العودة تجنبه الدخول في مقارنات مع الآخرين و تمنحه تميزًا يحتاجه في تلك الفترة التي تعاني فيها أغنية البوب من تدهور في مستواها الفني، قرر محسن أن يكون نفسه وينتصر للفن الجيد حتى لو كلفه قلة الانتشار وأن يجنب نفسه الاشتراك في الفوضى الحالية المتمثلة في الأغاني الإيقاعية المعتمدة على إفيهات لفظية لا تعيش كثيرًا، لكن قد لا يبقى الحال كما هو عليه فقد تأتي لحظة يتغير فيها كل شئ وتعود الأمور إلى نصابها الصحيح.
بدأ محسن مشروع ألبوم غنائي يجمع اللهجات العربية، انطلق المشروع بأغنية “ضي القمر” للشاعر الليبي “سالم العالم” ثم تبعه بأغنية “تجاوز” التي كتبها الشاعر مصطفى إبراهيم أحد أبرز الأصوات الشعرية المهمة في حقل العامية المصرية.
اختيار محسن نص للشاعر مصطفى إبراهيم مغامرة سبق وأن قام بها من قبل في ألبومه الأول “اللف في شوارعك” الصادر عام 2011 في وقت كان الطريق ممهدًة لظهور المضامين الإنسانية أكثر من العاطفية.
كلمات مصطفى إبراهيم بديعة جدًا ابتعدت عن التكلف في حوار شجي جدًا مع النفس عن تجاوز الأزمات دون الالتفات إلي الماضي أو الغرق فيه ومقاومة الحزن بالاستمرار والمعافرة في الحياة وأن قرارك بيدك أما أن تعيش نادمًا على ما فاتك أو تعافر وتقاوم وتعبر أزماتك بنفسك دون مساعدة من أحد، الصياغة بسيطة جدًا يحسب له أنه لم يضع نفسه في خانة الواعظ او يصنع لنا جملًا مسلوقة تشبه محاضرات التنمية البشرية الساذجة.
لحن الأغنية على مقام النهاوند من محمد محسن، بناء اللحن رائع جدًا بجمل لحنية تصاعدية عكست تفاصيل الحوار الدائر بينه وبين نفسه حتى وصلت إلى الذروة في أخره، تميز اللحن بقفلاته الجمل القوية جدًا والتي كانت تمهد للجمل التالية بسلاسة شديدة مع عُرب كانت في محلها تمامًا، ويحسب له الاهتمام بالتعبير عن الكلمات دون بهرجة أو زخارف لحنية.
توزيع أسامة الهندي تعامل مع اللحن التعبيري بشكل بسيط دون فواصل موسيقية، اختار الهندي صب اللحن في قالب اقترب من موسيقى الروك، بدأت الأغنية بصولو إليكتريك جيتار قلق مصحوب بمؤثرات صوتية في الخلفية سلمت بداية الغناء ثم استمرت على نفس المنوال حتى مقطع “هنفض هدومي م الحزن” حيث دخل الإيقاع لأول مرة مع كوردات تشبه الومضات من البيانو، عاب التوزيع هو عدم استغلال الجملة اللحنية المستنفرة في “يا هتعيش بتندم على عمر فاتك” فلم تعبر الهارمونيات عن حالة التصاعد في جملة اللحن وكنت منتظر في النهاية أن يعطي الإلكتريك جيتار صولو ارتجالي “ديسترشن” كان من شأنه منح العمل دسامة أكثر.
جديد عمرو دياب هل حانت لحظة التغيير؟
الشاهد أن تلك الأغنية بمثابة نورًا يلوح في أفق الأغنية المصرية المظلم، مع تمنيات بأن يشهد العام الجديد ثورة فنية جديدة على مستوى صناعة الأغنية.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال