عن أول خبر صحفي في تاريخ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد .. كيف نجح عن طريق مصر ؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يرتبط تاريخ أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتاريخ استقلال بلاده بشكلٍ مباشر فقد استقلت بلاده يوم 19 يونيو 1961 م وكانت في أشد احتياج للإعلام الذي يحسن صورتها.
اقرأ أيضًا
في وداع صباح الأحمد الصباح .. عميد الدبلوماسيين في العالم ودوره في نهضة المرأة الكويتية
بعد استقلال الكويت عن بريطانيا تولى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح منصب وزير الإرشاد والأنباء يوم 17 يناير عام 1962 م، ليكون بذلك أول وزير إعلام في تاريخ بلاده التي تعاني من فقر في الإبداع الإعلامي وقد تولى المنصب مرتين الأولى من 17 يناير عام 1962 م حتى 26 يناير 1963 م، والثانية من 29 ديسمبر 1963 م حتى 13 مارس 1964 م.
في تاريخ أمير الكويت .. مصر هي المؤسس له كأول وزير إعلام في بلاده
أراد الشيخ صباح أن يميز الإعلام في بلاده فكان لابد من التأسي بمصر فالكويت لم تعرف سوى الإذاعة، كانت التجربة المصرية فريدة من نوعها بالنسبة للشيخ صباح الأحمد، فعمل على مد جسور التعاون لاستقطاب كافة خبراء الإعلام في مصر في مجال الإذاعة والتلفزيون والطباعة ونحو ذلك فأبرم اتفاقية تبادل البرامج المعقودة بين تلفزيون الجمهورية العربية المتحدة (اسم مصر في الستينيات) وبين إمارة الكويت.
اقرأ أيضًا
حتى لا ننسى .. لماذا لاتقرأ صفاء الهاشم تاريخها الصغير
في عام واحدٍ من إبرام الاتفاقية لوحظ عند أي قادم من وإلى الكويت الخدمة الإعلامية وتطورها هناك لدرجة غير متوقعة، وقامت مصر بالتسويق على نجاحات الشيخ صباح بعد معاونته، ففي عدد صحيفة الأهرام بتاريخ 20 يونيو عام 1964 تقريرًا إخباريًا مفصلاً عن طفرة الإعلام الكويتي التي قام بها الشيخ صباح، فالدولة الوليدة استقلالاً قفزت خطوات تقدمية في ميدان الأنباء والإعلام الأنباء والإعلام والتلفزيون والإذاعة والفن الصحفي، فمن حيث الإذاعة كانت ساعات الإرسال 6 فقط ثم ارتفعت إلى 17 ساعة ونصف مع تولى الشيخ صباح الأحمد منصب وزير الإعلام، وقد استفاد من التجربة المصرية الإذاعية فتم تركيب جهاز إرسال قوة 50 كيلو وات يعمل على الموجة القصيرة، وجهاز آخر قوته 100 كيلو وات يعمل على الموجة المتوسطة.
أما من حيث التلفزيون فهو لم يدخل الكويت إلا سنة 1961 م بقوة 100 وات وساعات بث تبلغ 10 ساعات فقط لتغطية 7 برامج ثم كان أساس طفرة التلفزيون الكويتي بعد توقيع الاتفاقية مع مصر مثمرًا، فقد كانت مصر تقدم في الأسبوع الواحد في الفترة من سنة 1960 وحتى 1964م ثلاثين فقرة، فاحتذت الكويت حذوها فقامت بتقديم 22 برنامج كويتي إلى جانب أفلام ثقافية وترفيهية وسينمائية عن طريق مصر، وزادت ساعات البث إلى 38 ساعة في الأسبوع.
كذلك كان الشيخ صباح الأحمد الصباح منبهرًا بفكرة جريدة مصر الناطقة ، فعمل على اتفاقية مع القاهرة لتنفيذ نفس المشروع فكان مشروع مرآة الكويت والذي تم بعد إعداد برنامج إعلامي شامل أشرفت عليه مصر لتنفيذ 20 فيلمًا عن الكويت باللغات الثلاثة العربية والإنجليزية والفرنسية.
خارج الإعلام وداخل الخارجية .. مصر تدشن البروباجندا
إن كان الشيخ صباح الأحمد تولى منصب وزارة الإعلام مرتين فهو تولى منصب وزير الخارجية 17 مرة في مسيرته السياسية، كان أولها من 28 يناير 1963 م حتى 30 نوفمبر 1964 م ووقتها كانت الساحة العالمية والعربية تغلي على صفيح ساخن.
كانت مصر بذراعها الإعلامي داعمًا أساسيًا في تاريخ أمير الكويت عندما كان وزيرًا للخارجية وقت الأزمة التي جرت بينه وبين اليابان في أوائل يونيو عام 1964 م بسبب الإهانة التي تعرض لها عند زيارته لطوكيو حيث استقبله موظف صغير في الخارجية ثم قابله رئيس الوزراء ولم يتكلم معه وبعدها قابله نظيره في الخارجية اليابانية لمدة 10 دقائق وكل هذا بسبب موقف الكويت من إسرائيل.
وفي عدد جريدة الأخبار بتاريخ 20 يونيو 1964 م نُشِرَت قرارات وزير خارجية الكويت الشيخ صباح ردًا على تلك النهاية منها عدم إعطاء تأشيرة لأي ياباني، وتضييق الأسواق الكويتية أمام البضائع اليابانية، بالإضافة إلى إعادة النظر في حال الجالية اليابانية بالكويت والتلويح بإلغاء الاتفاقية البترولية بين بلاده واليابان.
لجأت اليابان لإساءة صورة الكويت في الأمم المتحدة خاصةً وأن الأزمة تجيء مع عيد استقلال الكويت الثالث وهو الأمر الذي لم تقبل به مصر فخصصت نصف صفحة من جريدة الأهرام الرسمية للكلام عن إنجازات الشيخ صباح في عدد 20 يونيو 1964 م.
ومن الناحية الدبلوماسية عملت مصر على وساطة آسيوية بين الكويت واليابان عن طريق السفير الصيني الذي حضر احتفال عيد استقلال الكويت الثالث في مقر السفارة بالقاهرة وشيئًا فشيئًا هدأت الأوضاع بين البلدين.
اقرأ أيضًا
عزيزي الكويتي الشاب أبوك مدين لمبارك وجدك مدين لناصر .. حتى أسأل اللي فاهم
من مصر جمال عبدالناصر إلى كويت صباح الأحمد كانت هناك مفارقة قدرية في وفاة الأمير ففي اليوم السابق لرحيله (28 سبتمبر) كانت ذكرى وفاة جمال عبدالناصر وقد كان آخر مسؤول ودعه ناصر في حياته هو أمير الكويت صباح السالم الصباح، وجاء نعي ناصر بأوصافٍ منها أغلى الرجال وهو نفس الوصف الذي قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي في نعي أمير الكويت.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال