عن الجمهور البرجماتي ووهم العشرية السوداء القادمة
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لا أدري منذ متى نمت كل تلك البرجماتية في نفوس جمهور الزمالك، أحدث ذلك بعد الفوز بالكونفدرالية الأفريقية بأسوأ نسخة كروية ممكن أن تراها لفريق كان يطلق عليه في السابق مدرسة الفن والهندسة، أم ظهرت كنوع من مكايدة المنافس الأزلي وقت خروجه بفضيحة كروية في دوري أبطال أفريقيا البطولة الأشهر والأقوى، أم عندما تكرر نفس الأداء السيئ وفاز الزمالك على منافسه الأزلي مرتين الأولي في بطولة السوبر المصرية بضربات الحظ الترجيحية والثانية في دوري حسمه الغريم مبكرًا وبفارق نقاط كبير في الوقت الذي كان يتصارع فيه الزمالك على المركز الثاني و حسمه بصعوبة.
انتهي الدرس يا …
بعد خسارة اللقب الأفريقي الأهم من مباراة الدوري والسوبر المحلي، تجرع جمهور الزمالك من نفس الكأس المر الذي تذوقه جمهور الأهلي بعد أخر لقاءين بينهما حيث دانت السيطرة للأهلي وفي النهاية انتصرت البرجماتية الكروية وفاز الزمالك، ليخرج بعدها الجمهور يحاول أن يجد شيئًا يخفف من مرارة الخسارة ليجد ضالته في الأداء القوي والهدف العالمي الذي أحرزه شيكابالا لاعنًا الحظ الذي جعله يسيطر على المباراة وفي النهاية خسرها، متناسيًا أن الحظ وقف بجانبه كثيرًا في الفترة الأخيرة ومتناسيًا مشاكل الفريق الكروية الضخمة والأداء المزري في الكونفدرالية التي أحرزنا لقبها بثلاثة أهداف فقط في أخر ست مباريات.
عندما أعلن عن حل مجلس إدارة نادي الزمالك بالتزامن مع نهائي القرن الأفريقي، لاحت في الأفق نظرية المؤامرة تلك التي أدمنها جمهور الزمالك وأصبح لا يستطيع أن يتحدث إلا من خلالها، وظهر شبح البرجماتية مرة أخرى عندما تعاطف الأغلبية مع رئيس النادي رغم وجود مخالفات فجة إدارية ومالية ناهيك عن سبه للجميع بما فيهم الجمهور الذي يتعاطف معه الآن، جمهور لم يعد يريد سوى المكسب فقط، حتى لو ركن الأوتوبيس أمام فرق ضعيفة لا تملك تاريخًا كرويًا كبيرًا، و حتى على حساب استشهاد عشرين فرد منه بتحريض من رئيسه الذي القي بالتهمة على سيد مشاغب أكثر مشجعي الزمالك نبلًا وصدقًا، ليخرج نفس الجمهور ليحتفل بدوري مشبوه يطلق عليه دوري الشهداء، ويحتفي برئيسه الذي لم يعد يهم ماذا يفعل وماذا يقول مادام يجلب لنا بطولات “بطولة دوري واحدة في أخر 15 عامًا” ويجلب لنا حقنا المسلوب بسب أعضاء النادي وجمهوره وسب المنافسين ويقف أمام جبروت وسلطة النادي الأخر نادي الدولة وفقًا لنظرية المؤامرة.
لم يعي جمهور الزمالك الدرس من مباراة القرن الأفريقي، وفقد أهم مميزاته وهي قدرته على نقد فريقه والاعتراف بوجود مشاكل فنية لدى الفريق يجب إصلاحها، وتحول إلى جمهور براجماتي يبحث عن أيه بطولات حتى لو شرفية كالسوبر المصري السعودي أصبحت المسكنات التي تلهيه عن مشاكل الفريق سواء في الإدارة أو على الصعيد الفني والتكتيكي.
أقرأ ايضًا … خمسة أشياء يشترك فيها جمهور محمد منير مع جمهور نادي الزمالك
أي عشرية سوداء يقصدون.
بعد سلسلة الكوارث التي حلت على الزمالك في الفترة الأخيرة، ظهر مصطلح العشرية السوداء الذي اختصه جمهور الزمالك بالفترة من 2005 حتى 2015، تلك السنين العجاف التي لم تتعدي البطولات فيها عدد الأصابع الواحدة، وعانى فيها الزمالك من تخبطات إدارية ومالية وصراعات كان بطلها الأول الرئيس السابق مرتضى منصور الذى رفع حذائه في وجه الجميع في نهائي الكأس واقتحم الصالة المغطاة حاملًا كأسًا في يده سلمه لفريقه و تلغى المباراة ويصدر قرار بحل مجلس إدارته ، ليأتي ممدوح عباس الذي يحمله الجمهور كوارث تلك الفترة ويستثني منصور منها الذي كان يرفع قضية تلو الأخرى على النادي ، في الوقت الذي كان الغريم الأزلي يتمتع باستقرار إداري مكنه من اكتساح الأخضر واليابس محليًا وإفريقيا.
يتناسى الجمهور كل تلك الأمور التي تسبب فيها أبناؤه نفسهم، ويتم التركيز على دور وكالة الأهرام للإعلانات في توجيه البطولات للغريم وجلب نجوم الدوري المصري إليه في الوقت الذي كان يتعاقد فيه الزمالك مع لاعبين من الصف الثالث والرابع في الدوري، وتناسوا أن الزمالك خسر قيمته السوقية كنادي بتلك المشاكل الإدارية جعلت أغلب اللاعبين يتوجهوا إلي الغريم، ومع ذلك خطف الزمالك في تلك الفترة العديد من الصفقات أشهرها نجمه الأول حاليًا شيكابالا الذي كان قد اتفق بالفعل مع الأهلي مرورًا بمحمود فتح الله ومصطفى جعفر وهاني سعيد ومحمد عبد الشافي وعمرو زكي وهي صفقات تصارع عليها القطبين، وضم لاعبين على سبيل المكايدة للأهلي لم يفيدوا الفريق في شئ مثل إبراهيم سعيد وشريف أشرف وحسين ياسر وأحمد حسن.
عن أي عشرية سوداء يتحدث جمهور الزمالك الذي بدأ يتحسس طريقه للتشجيع مع بداية الألفية وسط زحمة انتصارات الزمالك المتلاحقة محليًا وإفريقيا، ولم يعد بالذاكرة ليشاهد عشريات سوداء عانينا منها نحن جمهور الزمالك القديم، نحن الجمهور الذي كان يترقب نتيجة الفريق في نشرة التاسعة في وقت لم تكن المباريات تنقل على الهواء ولم يكن هناك beIN ولا BeOUT، نحن الجمهور الذي علم بالخسارة التاريخية أمام كوتوكو في دوري الأبطال في وقت كان الأهلي يتخطى أفريكا سبور الأيفواري ويكمل طريقه للنهائي ويحصد اللقب.
نحن الجمهور الذي شاهد جيل ذهبيًا أحرز ثلاثية “دوري وكأس وأفرو أسيوي”خرجت من رحم كارثة كوتوكو، نحن الجمهور الذي نتهم الأن بخيانة فريقه ومجاملة الأهلي صفق لفريقه الذي خسر المنافسة بشرف أمام الأهلي والإسماعيلي والمحلة في دوري 91 التاريخي، وعدنا لنفرح معه بلقبين للدوري ولقب دوري أبطال وفي عز مجد الفريق خسر الكأس بأخطاء كارثية من حارسه رغم تسيد المباراة ورغم هدف رضا عبد العال التاريخي في مرمى شوبير.
نحن الجمهور الذي كان ضد قرار إقالة جهاز ديفيد مكاي بعد الخسارة أمام الأهلي ودخلنا بعدها في نفق مظلم بسبع سنوات عجاف سيطر فيها الغريم على الدوري المصري بفريق كان نجمه الوحيد هو حسام حسن في الوقت الذي كنا نمتلك فريق الأحلام الذي أذاقنا الخيبات.
لم ننسي ولم يصيبنا العجز لكننا نعاني من نفس حرقة الدم بل وأكثر منكم، نحن الجمهور الذي يرى عيوب فريقه قبل مميزاته، ولا يوزع ألقابًا مجانية على لاعبين لا يدركوا قيمة الفانلة التي يرتديها، ولا يتفرغ للمكايدات على مواقع التواصل الإجتماعي ويسعى لتصحيح تلك الصورة السيئة التي وضعنا فيها رئيس نادي يؤمن بوجود أعمال سحر تمنعنا من الفوز على الأهلي، ويضع يده في يد نادي صنع خصيصًا لمنافسة الغريم التقليدي فصار غريمنا نحن.
عن أي نظرية مؤامرة تتحدثون والمؤامرة تأتي أولا من أبناء النادي الذي تخلوا عنه مئات المرات وتركوا الساحة فارغة لشخص يعيث فيها هو وأبناؤه وصار فقرة مخصصة للضحك والسخرية من قيمة نادي الزمالك، رئيسًا مقربًا من كل الأنظمة التي يتهمها الجمهور بحماية خصومه.
رئيس يشتري فريقًا كاملًا ويستغني عن مثله ، يحبس لاعبيه ويطرد اخرين ، ويتعاقد مع أكثر من عشرين مدربًا في خمس مواسم ويطرد أخر في عز نشوة انتصاره ببطولة غائبة عن خزائن النادي، وفي أحلك فترات الموسم ويخرج علينا ليحمله كارثة خسارة دوري كان مضمونًا ويتهم اتحاد الكرة بمجاملة الأهلي على حساب فريقه، ويسير خلفه جمهور أصبح أقصى طموحاته هي معايرة الغريم بهزائمه أمام الأسيوطي.
لم يترك لنا هذا الرئيس حلولًا سريعة لتخطي الأزمة فطول فترة رئاسته دمرت هوية النادي على يديه واهمًا الجميع بأن بقاءه يعني الاستقرار ورحيله معناه الفوضى و عشريات سوداء قادمة هو المتسبب الأول فيها، لكن الأمل كل الأمل في أن يتخلى أبناء النادي عن مصالحهم الشخصية وأن يقفوا جميعًا وقفة تاريخية تعيد لهذا النادي قيمته وسمعته ويعيد لنا الشعار الذي يفتقده جيلي “مدرسة الفن والهندسة”
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال