عن المهزومين في ليلة رأس السنة .. اسمعونا نحن العالقون منذ أعوام
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بنهاية عام، وبداية عام جديد، وهذا الـ 2021 تحديدًا .. كان عامًا غريبًا نطلق عليه “أثر الصدمة“، توصيف هذا العام ربما يكون من الصعب على أقوى روائي العثور عليه، عندك مثلًا كل توصيفات الخوف والرعب والهول كانت قد استُنفزت في عام 2020 .. لكن إذا حاولنا الحوم حول هذا العام، وتحسس أطيافه وأثره .. تجد أن ثمة أضرار نفسية جسيمة وقعت على كثيرين، اكتئاب مستمر .. الذين توقعوا أن نهاية 2020 هي نهاية المأساة لكنهم صُدموا بأن المأساة مستمرة إلى يوم غير معلوم ..
يحكي مستخدمو السوشيال ميديا ويسألون دائمًا عن مكتسبات العام، أحدهم يعلق إيجابيًا عن علاقة عاطفية قد فاز فيها برفيق حاني خفّف من على كاهليه مرار الأيام، أو أحدهم قد عثر على وظيفة بمدير عاقل يفهم الفرق بين الإدارة والسادية ، وظيفة طالما ما بحث عنها .. أو إننا أمام أنثى وجدت الأمان سواء أكان المادي أو العاطفي، أو أن رجلًا وجد ضالته واكتشف موهبته التي بحث عنها سنوات، سنوات عاش فيها تائهًا لا يعرف من هو بالضبط، وما دوره في هذه الدنيا .. ويحكي غيرهم عن مُكتسبات سلبية عن خسارة شخص جعل حياته جحيمًا، شخصًا كان لابد له أن يخسره كي يفيق من غفلة حياته، أو وظيفة كادت أن تصيبه بالضغط والسكر والجلطات و اكتئاب دائم. كلها مكتسبات سواء يمينًا أو يسارًا .
لكن قطاعًا كبيرًا لم يُلتفت له .. عن الساكتين، المتجهمين، المتجمدين محلّك سرّ .. الذين انتظروا حتى أحرقتهم شمعة الانتظار، يقول الكاتب “مايك دولي” في مقاله “لماذا يخاف البعض من ليلة رأس السنة” المنشور بموقع “بوستل دوت كوم” .. وناقش فكرة الناس الغارقون داخل أنفسهم، الشاعرون دائمًا بغصة مرور الوقت دون جدوى، المرعوبون من انسحاب تلو العام والوحدة لازالت تحاوط جدران أرواحهم، المصابون بشلل صدمة الخسائر المتتالية، في العمل والحب والأسرة . إنهم الواقفون في أماكنهم ينتظرون شُعلة الأحداث تساعدهم مرة أخرى على السير، كسيارة (شطّبت) بنزين على الطريق الصحراوي وأقرب بنزينه على بعد مليون كيلو متر. ونكتب نحن عن العالقون منذ عام 2019 ، المنتظرون لأن تعود الحياة لطبيعتها بعد الكورونا، المصبوغون بلون الخوف والقلق والتوتر، الواقفون عند لحظة أول خبر “فيروس قاتل بمدينة ووهان الصينية”.
وينصح الكاتب المذكور اسمه سلفًا بمقاله، عن الثابتين ، الذين فقدوا الحلم، ماذا يمكن أن يفعلوا في لحظات مثل رأس السنة، الجميع يحتفلون وهم متكورين في زاوية صغيرة جفت دمعوعهم وتركت الرجفة والاستياء والحنق و الاكتئاب المستمر الدامغ على القلوب، يقول عليكم أن ترتدوا أفضل بدلة لديكم ، وتنزلون إلى التجمعات الكبيرة، ونحن نقول لا تجعلوا الزمن ينال منكم فلا هو يخسر بل أنتم الخاسرون، ولا هو ينقص بل أنتم من تنقصون الفرحة والأمل من أرواحكم، ولا الثبات ينفع بعالم متحرك، هو أقرب لموت مبكر منه لأي شئ، ولا اليوم الفائت ولا القادم من مسؤوليتكم، بل تلك اللحظة الحالية فقط .. إن كانت السيارة العالقة منذ أعوام تحتاج لـ (زقّة) فحاولوا في البدئ تحريكها .. ربما تتحرك .. ربما !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال